المنطقة تحتاج إلى إجراء سريع لنزع فتيل التصعيد.. قبل انفجار سوف يطول الجميع فى تأثيراته وتداعياته وفى ظل دبلوماسية التحرش والبلطجة التى تمارسها دولة الاحتلال فإن الأمور تنذر بكارثة فى الشرق الأوسط مع الحديث عن اقتراب هجوم أمريكى ضخم على إيران والتلويح باستخدام السلاح النووى ورد طهران على التهديدات الأمريكية مع تصاعد العدوان وحرب الإبادة الصهيونية فى غزة والانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان بشن غارات بما ينذر بعودة الحرب واستمرار الهجوم الأمريكى على اليمن.. باستهداف مواقع الحوثيين ورد الحوثى باستهداف القوات الأمريكية والتصعيد بين تركيا وإسرائيل.. ناهيك عن استمرار قتال الجيش السودانى ضد ميليشيات الدعم السريع المتمردة.. تأتى تصريحات المسئولين والإعلام فى الكيان الصهيونى بالزعم بأن مصر تحشد عسكرياً فى سيناء.. ذلك يمثل انتهاكاً لاتفاقية السلام الموقعة فى 1979 وتهذى بخزعبلات وتحذيرات ولا أدرى ماذا ستفعل وبأى وجه تطلق العنان للأكاذيب.. ولماذا كل هذا الجنون والرعب من الجيش المصرى العظيم؟.. وأليس من حق مصر حماية حدودها وتأمين أراضيها فى الوقت الذى تضرب فيه دولة الاحتلال بكافة الاتفاقيات سواء مع الفلسطينيين أو مصر عرض الحائط.. فعلى مدار عام ونصف العام لم تتورع دولة الاحتلال فى انتهاك كل شىء.. لم تبال بأى قوانين دولية أو إنسانية أو مواثيق أو اتفاقيات بل بات العالم يعرف نوايا إسرائيل الخبيثة فيما يتعلق بمخطط تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة ودفعهم إلى الحدود المصرية من أجل توطينهم فى سيناء حسب الأوهام الصهيونية مع الراعى والشريك الأمريكى.. وهو ما رفضته مصر بشكل حاسم وقاطع واتخذت الإجراءات والتدابير اللازمة وفقا للقانون الدولى واتفاقية السلام لحماية حدودها وأراضيها وأمنها القومى.. ولعل ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته بالقمة العربية يكشف بوضوح وجلاء ان مصر تتمسك بالقانون ونصوص وملاحق اتفاقية السلام وان من يهدد اتفاقية السلام هو الجانب الإسرائيلى.. فقد قال الرئيس السيسى:
(ان اتفاقية السلام التى أبرمتها مصر عام 1979 مع الجانب الإسرائيلى ألزمت باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه وتفرض التزاما قانونياً بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيهم كونه يمثل انتهاكاً للالتزام بقدسية الحدود الآمنة) لذلك فإن إسرائيل التى تعيث فى غزة على مدار عام ونصف العام إبادة وبربرية وانتهاكاً للاتفاقيات وخرقا لكل الثوابت وتجاهر بمخطط تهجير الفلسطينيين بدفعهم للحدود المصرية.. تتحدث عن انتهاك مصر لاتفاقية السلام ولا أدرى ألا تخجل دولة الاحتلال من هذه الأحاديث والتصريحات فى ظل ما ترتكبه من جرائم وانتهاكات ومن الطبيعى والمعلن للجميع ان مصر من حقها اتخاذ الإجراءات والتدابير لحماية حدودها وأراضيها وأمنها القومى من الأوهام التى يهذى بها نتنياهو وحكومته المتطرفة وللأسف يجد من يستمع إليه ويدعمه ويوافق على هذه الأوهام.. فإسرائيل التى لم تحترم اتفاقياتها مع الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وأخيراً انتهكت ما تم الاتفاق عليه فى غزة خلال السنوات الماضية وتمضى على طريقة المثل الشعبى «ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى» والكيان نفسه يدرك ان الحدود والأراضى المصرية فى سيناء هى أهم أهدافه وأوهامه.
الرعب والفزع الصهيونى من الجيش المصرى العظيم وصل إلى حد الجنون والهذيان ولم تكن تصريحات إسرائيل هى الأولى سواء على لسان وزير دفاع جيش الاحتلال أو رئيس الأركان السابق هاليفى أو دانى دانون سفير الكيان غير الشرعى فى الأمم المتحدة التى يتساءل فيها بخبث وغباء زاعماً «لا أدرى لماذا يتسلح الجيش المصرى رغم عدم وجود تهديدات على الحدود مع إسرائيل» جاء الرد المصرى حاسماً ان الدول الكبرى والمحورية دائما فى حاجة إلى أن تكون قوية لتحفظ أمنها القومى والسلام والاستقرار فى المنطقة وهذا دور مصر.. وأقول أنا: ان الكيان الصهيونى لا يخاف إلا من الأقوياء ولا يتحسب إلا منهم وإذا شعر بضعف الآخرين لن يرحم ضعفهم.. فما حدث فى سوريا دليل قاطع فلم تلق إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة.. وقامت بالتوسع والتوغل واحتلال الأراضى السورية وإقامة 9 قواعد عسكرية بعد ان دمرت القدرات الإستراتيجية للجيش السورى.
إسرائيل ورعاتها تمارس كل صنوف الضغط على مصر.. والاستفزاز والتحرش والابتزاز لكن أقول ورغم الانتهاكات الإسرائيلية ورغم مخطط التهجير الذى ترفضه وتتصدى له مصر ورغم انكشاف نوايا الكيان الصهيونى للعامة إلا أنها لا تستطيع اغضاب مصر لأن فى ذلك خطراً داهماً عليها.. أدركت ان العالم يعيش عصر الأقوياء فبنت أعلى مستويات القوة والقدرة.. ولديها جيش عظيم هو الأقوى فى المنطقة وأحد الأقوى فى العالم.. ثم شعب عظيم على قلب رجل واحد.. فى حالة اصطفاف والتفاف خلف قيادته السياسية وجيشه وقيادة حكيمة ولديها كافة تفاصيل ما يدور حالياً وقبل سنوات بالإضافة إلى الأوراق المصرية الكثيرة التى بدأت فى التحرك وعلاقات إقليمية ودولية تمثل علاقاتها مع مصر غاية أمانيها ومازالت مصر تبعث بالكثير من الرسائل المهمة.. فلا أحد يستطيع ان يساوم مصر أو يبتزها أو يهددها أو يعاقبها أو يمارس الضغوط عليها أو يفرض عليها سياسة الأمر الواقع أو يغريها.. فمصر أمة حرة لا تبيع مبادئها.
رسائل مصر على الأرض مدوية.. تعلن جاهزيتها لكل السيناريوهات عسكرياً ودفاعياً واقتصادياً وإستراتيجياً وإقليمياً ودولياً وتتحرك فى دوائر وتجرى اتصالات وتستقبل خلال أيام زيارات مهمة.. كل ذلك له نتائج وتداعيات موجعة ومؤلمة.. وقريباً سترى محاولات وتحركات لاستدرار عطف وارضاء مصر ولن تجرى أو تنفذ أى مخططات وسوف تكشف الأيام المواقف الشريفة من المواقف الخسيسة وقدر مصر أنها دائماً تقف وحيدة كالجبل أمام تهديدات وجودية تواجه الأمة.. التاريخ حافل بذلك.
اتصـــال الرئيـــس الأمريكــــى دونالــــد ترامــــــب بالرئيس عبدالفتاح السيسى رسالة مهمة للغاية تكشف مدى الاحترام والتقدير والأهمية لمصر.. وتوقفت عند بحث الحلول الممكنة للأوضاع فى قطاع غزة والمنطقة من أجل استعادة الهدوء وما له من انعكاسات ايجابية على الجميع.
بدون مبالغة أو مجاملة لا تقلق على مصر بل اطمئن وثق فى الله أولاً.. لأن فيها قيادة حكيمة واستثنائية.. طموحها الذى انطلق قبل 11 عاماً بلا حدود وإيمانها بوطنها بلا سقف.. وأيضاً جيش وطنى عظيم وشعب قادر على تحقيق المعجزات.. وفى المقال القادم.. لماذا الاطمئنان على الأمن القومى المصرى؟