الفنان أحمد الجميرى، مطرب بحرينى ذو مسيرة طويلة فى الغناء له محطات شكلت الذاكرة الموسيقية البحرينية وله ارتباط حميمى بمصر حيث درس فيها، وتزوج منها، وسجل فيها أغنية أول عيد وطنى فى عام 1971 وكان له حفل فى القاهرة العام الماضى، حيث أحيى حفلا موسيقياً فى دار الأوبرا، مع فرقة البحرين للموسيقى بقيادة المايسترو البحرينى زياد زيمان، إلى جانب عدد من الفنانين البحرينيين، وذلك احتفالاً بمرور 50 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والبحرين ومايجمع الدولتين الشقيقتين من إرث تاريخى وثقافى وحضارى عريق، وعلاقات وثيقة يُحتذى بها فى التعاون والتلاحم.
كرمته وزيرة الثقافة المصرية ورئيس دار الأوبرا المصرية ورئيس مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، فى أكتوبر 2022، وذلك لما قدمه من إسهامات فى الحفاظ على أسلوب الموسيقى العربية الكلاسيكية المتميزة فى أغانيه، وذلك خلال النسخة 31 من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية فى دار الأوبرا المصرية.
التقت «الجمهورية» الفنان الجميرى فى حوار فنى مميز عرجنا فيه على نظرته حول تطور الموسيقى البحرينية، وأهم محطات حياته وعلاقته بالفن المصرى ..سألناه :
-ما هو أول مكان تحرص على زيارته فى مصر؟
دار الأوبرا، للاطلاع على برامجه وحفلاته، وتقوية الروابط مع المسئولين والقائمين عليه، حيث إنه يعتبر أهم ملتقى للفن العربى المميز.. ولاننى احرص على المشاركة دائما فى مهرجان الموسيقى العربية الذى يقام بالاوبرا سنويا.
– الى اى مدرسة فنية ينتمى اليها الفنان أحمد الجميرى؟
المدرسة الشرقية الأزهرية، وهى التى تغنى منها أم كلثوم وعبد الوهاب والسنباطى. لأن الأزهر حافظ على المقامات العربية الأصيلة.
-أين الفن البحرينى فى الساحة العربية؟
الفن البحرينى يعتبر جزءاً من منظومة الموسيقى العربية، وكل بلد ومنطقة له لون معين، والبحرين عنصر من عناصر التلون الموسيقى العربى الثرى والمتنوع.
– ما هو أبرز ما يميز الطرب البحرينى، وكيف تطور فى العقود الأخيرة ؟
اللون الغنائى البحرينى تفرع من فن الصوت وموسيقى الفجرى بشكل أساسى، وهو ما يميز ألحانه، وتفرعت من هذه الفنون مدارس غنائية متعددة تشكلت على مدى السنين إلى اللحن البحرينى الحالى.
-ما هى أهم محطات الفنان أحمد الجميرى فى مصر؟ الدراسة، والتعاونات الفنية؟
مصر تشكل جانباً مهماً من حياتى، فعدا أننى قمت بدراسة الموسيقى فيها وتزوجت بمصرية، إلا أن مصر شكلتنى ثقافياً وفنياً منذ الصغر، حيث كانت أول أغنية أغنيها فى مسيرتى الفنية، فى بداية الستينات عندما كنت فى عمر الـ13 عاماً، فى برنامج كان يبث على إذاعة البحرين، برنامج ركن الاشبال وهو برنامج يعرض مواهب الاطفال، فغنيت أغنية «مغرور» لعبد الحليم حافظ .. بعدها كانت هناك زيارة للفنان المصرى الكبير محرم فؤاد إلى مملكة البحرين، وأنا من أكبر محبى هذا الفنان القدير، فشاءت الأقدار أن ألتقى به فى إذاعة البحرين وغنيت أمامه أغنيته «يا نسمة الخليج»، وأثنى جداً على موهبتى، وشدد على أن أكمل دراستى فى الموسيقى بعد المدرسة، مما أعطانى دفعة قوية للاستمرار فى هذا المجال.
أما اثناء دراستى فى مصر فقد تعرفت على أهم الشخصيات الفنية التى كنت أكن لها تقديراً منذ بداية مسيرتى فى البحرين، حيث التقيت مع محرم فؤاد وفريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الوهاب، ورياض السنباطى الملحن العظيم الذى أنتمى لمدرسته الفنية .. ولازالت تربطنى علاقات بالفنانين والموسيقيين فى مصر، أعتبرها شبه عائلية، وأنتمى لرابطة محبى الطرب الأصيل التى أسسها أمين صادق، حيث كان صادق من أحد محبى فنى. كما أنه يحرص على استضافتى كل عام ضمن زيارتى لحضور مهرجان الموسيقى العربية، وكنت التقى عنده بكبار الفنانين منهم صباح فخرى، نصير شمة، الدكتورة مغنية السوبرانو رتيبة الحفنى، بالإضافة إلى فؤاد زبادى، توحيد أحمد رامى، والذى كان يلحن أغانى أم كلثوم، إلى جانب عبد الرحمن الأبنودى.
ولن أنسى علاقتى مع بليغ حمدى، التى بدأت عندما سمع موال غنيته بلون بحرينى ممزوج مع الفن المصرى الأزهرى، وهو لشاعر قطرى بحرينى اسمه محمد بن عبد الوهاب الفيحانى، فى حفل أضواء المدينة فى التسعينات، مما دعا حمدى إلى التواصل معى ليبدى إعجابه الكبير بالمزج الذى قدمته فى هذا الموال.
– تميزت حول العالم العربى بأغنية «شويخ من أرض مكناس»، فما كان تأثير انتشارها على تسليط الضوء على الموسيقى البحرينية وعلى كل من أحمد الجميرى وخالد الشيخ؟
بالفعل، فبعد أن عرفت كصوت للون البحرينى واشتهرت فى المنطقة بعد النجاح الباهر لأغنية «يا الزينة ذكرينى»، وبعدها اغنية «هلا باللى لفانى»، كانت أغنية «شويخ من أرض مكناس» هى الأغنية التى حصدت أوسع انتشار وبفضلها أصبحت معروفاً بشكل أكبر فى شتى أرجاء الوطن العربى، وكان سبب نجاحها هو اللحن والايقاع، حيث خرج الملحن والفنان البحرينى خالد الشيخ بأسلوب لحنى مختلف لم يكن سائداً آنذاك، بل ارتبط بها الناس لأنها تتناول أطباع المجتمع وتروى ما بداخل الانسان وتذكّر بالمبادئ والقيم الدينية.
لم تكن هذه الأغنية الوحيدة التى وثقت ارتباطى الفنى بالوطن العربى ككل، حيث إننى شاركت أيضاً فى أوبريت «الحلم العربى 1998»، وهى من تلحين الملحن المصرى حلمى بكر و تأليف الشاعر المصرى مدحت العدل و توزيع الموسيقار الليبى حميد الشاعرى، حيث صادف وجودى فى مصر وقت تطوير الفكرة ودعيت فوراً للمشاركة فيها لتمثيل البحرين، ونجح الأوبريت ولله الحمد.
أما بالنسبة لمصر الحبيبة فقد غنيت لها أغنية رائعة فى دار الأوبرا فى أبريل الماضى، كنت انتظرت 4 سنوات لأجد المناسبة التى تليق بها، وهى أغنية «النيل» للشاعر عبد الستار سليم: النيل مسافر من زمان.. زى زمان.. بين الجنادل تجرحه.. لكنه عارف مطرحه.. وتسيل دموعه عالغيطان.. ويلفها ساعة الحصاد حزمة عيدان. النيل ده عمر.. ممكن يطول بيه السفر.. ممكن يعوق سكته مليون حجر.. ممكن يتوه، ممكن يلف، ومستحيل أنه يجف.
-من هم الفنانون الذين أثروا فى أحمد الجميرى، ويستلهم منهم؟
أكن تقديراً خاصاً لعبد الحليم حافظ لصدق أحاسيسه عند الغناء، وقوة الإحساس الذى يجسد الكلمات التى يغنيها، وأيضا رياض السنباطى بحرفنة تلحين الكلمة، وخاصة فى إبداعه فى تلحين أغنية «سلوا قلبى» لأم كلثوم، وبشكل خاص تلوينه فى تلحين كلمة «جمال»، حيث أعطى هذه الكلمة قيمة أكبر من حروفها وذلك لأهمية الجمال ضمن هذه القصيدة، ومحوريتها بالنسبة للحالة التى تصفها القصيدة.