اشتقت الى قليل من الهدوء النفسى وراحة البال.. فقررت أن أسافر الى ابنتى والتى تعمل كطبيبة أطفال فى أمريكا.. وطلبتها لأخبرها بموعد وصولي.. ولكنها طلبت منى تأجيل الزيارة قليلا لأن لديها امتحانات.. وتعجبت.. فهى قد حازت على الماجستير ثم الدكتوراة.. أمال ناقص ايه؟.. وعلمت منها ان كل الأطباء الاخصائيين هناك عليهم الامتحان كل عدة سنوات من أجل تجديد تصريح مزاولة المهنة.. وكذلك فإن عليهم حضور عددا من الساعات كل عام فى أنشطة علمية مثل المؤتمرات وورش العمل والندوات.. ربما يختلف عدد السنوات وعدد الساعات من ولاية لأخري.. ولكن لابد من الالتزام بمداومة التحصيل العلمى ومتابعة المستجدات البحثية والمهنية من أجل استمرار تقديم الخدمات الطبية للمرضي.. وهذا الأمر ينطبق أيضا على الآطباء .
تذكرت وقتها مانراه من عدم اهتمام العديد من الزملاء الأطباء فى بداية حياتهم المهنيةلحضور الأنشطة العلمية.. وأيضا عدم وجود مايحفزهم للقيام بذلك.. خاصة لدى الذين يتبعون المستشفيات الحكومية.. كثيرا مايكون من الواجب عليهم مخاطبة مناصب عليا فى الوزارات من أجل الموافقة على مشاركتهم فى الأنشطة التعليمية سواء الندوات أو المؤتمرات أو الاجتماعات وورش العمل ..وقد يستلزم الأمر موافقة الوزير بنفسه.. وهذا يتطلب ممن يريد تنظيم مثل هذه الفاعليات مخاطبة الوزير للموافقة على مشاركة هذا أو ذاك.. وإذا ما فعلنا هكذا.. الله لايوريك.. تليفونات واستفسارات ومراسلات رايحة جاية.. انتوا مين وبتعملوا ايه وعايزين ايه وفين موافقة فلان وفين موافقة علان.. شيء لايصدقه عقل ولامنطق.. والنتيجة لا يحضر أحد.. وتطير المعلومات ونتائج البحوث ومشاهدات البرامج والخبرة العملية فى الهواء.. الا لمن كان حرا طليقا.. يهوى العلم والتعلم.. أتذكر جيدا أنه فى أثناء جلسة حوارية لمؤتمر علمي.. طلبت من أحد الزملاء من العاملين فى إحدى الوزارات إبداء الرأى فى قول أحد المشاركين من معلومات اعتقدنا أنها غير دقيقة.. ولكن الزميل المحترم اعتذر بعدم الرد لأن عليه أخذ موافقة «الوزارة» للقيام بذلك..
من الملاحظ أيضا أن الأمر قد يختلط أحيانا على البعض فى تسمية الأنشطة العلمية وتحديد الهدف منها وما يمكن أن يقدم فيها من مادة علمية.. فالمؤتمر مثلا يكون بمثابة «معرض» للمستجدات العلمبة والبحوث والدراسات لذا الحوار فى المؤتمرات هو من أهم عناصرها.. ولا مجال إطلاقا للمحاضرات.. الا اذا قدمت هذه المعلومات من خلال «ندوة» فى أجندة المؤتمر.. أما «ورش العمل التدريبية» فهى معنية فى المقام الأول برفع كفاءة المهارات لدى المتدربين بها.. والنركيز على استخدام وسائل التعلم النشط والمشاركة الإيجابية للمتدربين وعلى تفهمهم للأمور العملية التطبيقية الخاصة بموضوع الورشة.. لذا فهى تختلف كثيرا عن الندوات.. والتى هى عرض لبعض المعلومات من أجل التعلم الأكاديمى وغالبا ما يكون المتحدث فيها أكثر علما وخبرة من الحاضرين.