الأموال الساخنة تمثل تحدياً كبيراً للاقتصادات الناشئة لأنها يمكن أن تؤدى إلى فقاعات اقتصادية أو أزمات مالية إذا خرجت بشكل مفاجئ بسبب تغيير فى السياسات النقدية أو الظروف الاقتصادية العالمية كما أنها تشكل عبئاً ثقيلاً وسيفاً مسلطاً ذا حدين بين المكسب والخسارة والانسحاب المفاجئ لتخلق وراءها انتكاسة اقتصادية لهذه الأسواق وتركها خاوية على عروشها خاصة إذا كان حجمها ضخم وكبير.
فالأموال الساخنة هى تلك التى تمثل التدفقات المالية التى تدخل أسواق الدول الناشئة وتخرج منها سريعاً فى فترة قصيرة حيث تديرها شركات عالمية وصناديق الاستثمار تستهدف من وراءها تحقيق ربح سريع من هذه الأسواق والتى يكون سعر الفائدة بها مرتفع وهو ما يتسبب فى أزمة اقتصادية نتيجة دخولها بحجم كبير وخروجها بشكل مفاجئ فى هذه الدول وهو ما حدث بالفعل فى خلال الفترة الماضية وتسببت فى هزة كبيرة فى أسواق الأسهم العالمية التى تكبدت خسائر فادحة تجاوزت الـ 6 تريليونات دولار بسبب عمليات البيع الكبير نتيجه تخوفات من تباطؤ الاقتصاد الأمريكى على نحو أسرع من المتوقع خاصة بعد إبقاء الفيدرالى الأمريكى على أسعار الفائدة وقتها دون تعديل وقد أطلق على هذه الأزمة «الهروب الكبير» للأموال الساخنة أو الاثنين الأسود وترتب على ذلك تراجع فى أسواق المال العالمية والعربية وحدث ارتفاع فى أسعار الدولار أمام باقى العملات خلال هذه الأزمة.
وقد شهدت مصر خروجاً للأموال الساخنة منذ بداية عام 2022 نتيجة تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً فى عام 22 وقدر حجم الأموال الساخنة التى خرجت من مصر وقتها حوالى 20 مليار دولار وهذا الخروج الكبير أثر بشكل سلبى على ميزان المدفوعات فى مصر كما تكرر هذا الأمر مرة أخرى بشكل أقل حدة خلال الشهور الماضية لذا فإن حجم حركة الأموال الساخنة على مستوى العالم يختلف من عام لآخر وفقاً للظروف الاقتصادية والعالمية ومعدلات الفائدة والاستقرار المالى فى الأسواق الناشئة.
وأكدت تقارير المؤسسات المالية العالمية أن حجم حركة الأموال الساخنة فى العالم يتراوح ما بين 500 مليار دولار إلى تريليون دولار سنوياً وهناك بعض الدول تعتمد بشكل مباشر على الأموال الساخنة أو الاستثمار الأجنبى غير المباشر نتيجة لزيادة العجز وارتفاع المديونيات والتى قدرها صندوق النقد الدولى فى تقريره لعام 2024 بحوالى 92 تريليون دولار، وكما أوضح أيضاً فى تقريره أن الأسواق الناشئة تستقبل نسبة كبيرة من الأموال الساخنة خاصة فى الفترات التى تكون فيها معدلات الفائدة فى الاقتصادات المتقدمة منخفضة الخبراء والمتخصصين حذروا من اعتماد «أسواق الدول الناشئة» على الاستمارات الاجنبية المباشرة والاموال الساخنة دون أن يكون لديها المقومات التى تهيئ دخول هذه الاستثمارات ووضوح آليات استخدامها وآليات توظيفها حتى تحول دون الوقوع فى فخ استخدام الاموال قصيرة الأجل لاغراض طويلة الأجل وهو ما يتسبب معها فى أزمات عند خروجها المفاجئ وكشف الخبراء أيضاً أن الخطأ الاكبر يحدث عن سوء تشخيص لهذه الأموال عند دخولها وعدم معرفة حجمها بشكل دقيق، مؤكدين على ذلك أن الدول العربية الخليجية لا تتأثر بدخول أو خروج هذه الأموال بسبب حجم الاحتياطات الهائلة التى تمتلكها بل إنها تمتلك صناديق استثمار ضخمة تستثمر جزءا من أموالها فى أذون الخزانة قصيرة الأجل فى بعض الأسواق الأخرى وهو ما يؤمن تعرضها لأى هزات اقتصادية نتيجة تحدث لخروج هذه الاستثمارات أو الأموال الساخنة بطريقة مفاجئة ولا تتأثر بها وتجعلها فى أمان.