الذين يستهدفون مصر، ويحاولون بالاشاعات والأكاذيب إعادة مشاهد الفوضى التى كانت قبل ثورة 30 يونيو 2013، يفشلون دائما فى تحقيق هذا الغرض لأنهم لم يدركوا حتى الآن مدى الوعى الذى بلغه المصريون نتيجة أحداث يناير 2011 ومدى القلق والخوف والسخط الذى عايشوه خلال العام الأسود لحكم الاخوان (2012 – 2013)، كذلك مدى الفرح والتفاؤل والأمل الذى شعروا به بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم عام 2014 وإطلاق المشروع التنموى العملاق.. فهذه المشاعر أصبحت «لصيقة» بالمصريين ولا تفارقهم على الإطلاق، ونجحت بمرور السنوات فى تقوية الجهاز المناعى للشعب المصرى ضد «الأباطيل» ومخططات الفتن، سيما أن كل مواطن بات يعرف ماذا حدث للدول الشقيقة بالمنطقة وكيف سقطت جيوشها ومؤسساتها عندما استسلمت شعوبها لمؤمرات الفوضى والتقسيم.
نعم لقد أنقذت العناية الالهية وثورة 30 يونيو مصر من نفس المصير الذى تعانى منه بعض دول المنطقة حالياً، ولكن المتابع للسياسة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة يدرك على الفور أن هذه السياسة لم تكن لتنجح لولا رؤية القيادة السياسية وإصرارها على تحقيق المصالح العليا لمصر مع الاحتفاظ بالثوابت المصرية ودون التدخل فى شئون الآخرين، ومن يراجع رؤية 2030 التى أقرها الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2016 يدرك على الفور وعى القيادة السياسية لكل ما يدور بمصر وحولها وللمتغيرات القريبة والبعيدة ومن ثم فقد أكدت هذه الرؤية على أن الدولة تضع أولوية قصوى للأمن بمفهومه الشامل على المستويين الوطنى والإقليمى كضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ عليها ويشمل ذلك ضمان الأمن الغذائى والمائى وأمن الطاقة المستدام والاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى والبيئى والأمن المعلوماتى «السيبراني» وتأمين الحدود المصرية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
.. وقبل أيام وخلال تفقده مقر القيادة الإستراتيجية والأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة، قال الرئيس السيسي: «إن تعظيم قدرات القوة الشاملة للدولة على رأس أولويات الدولة المصرية التى استشرفت آفاق المستقبل برؤية عميقة للأحداث وبنظرة ثاقبة للمتغيرات والتطورات الدولية التى ثبت لها يقيناً أنه من أراد السلام فعليه بامتلاك القوة اللازمة القادرة على الحفاظ عليه». وحقيقة فإن هذه العبارة لا تختلف فى معانيها عن سابقتها فى رؤية 2030 ولا تحتاج إلى توضيح بقدر ما تحتاج إلى استيعاب من جميع المصريين ممن ينشغلون بأمن واستقرار بلادهم فى هذه الفترة الصعبة التى تمر بها البلاد نتيجة التأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية ونتيجة التوترات والحروب المشتعلة فى المنطقة، فرغم هذه الصعوبات والمستجدات نجد أن الهدف الأساسى للإدارة السياسية هو الحفاظ على الأمن القومى المصري، وامتلاك القوى الشاملة للدولة بما فيها القوة العسكرية والوسائل الدبلوماسية إلى جانب مواصلة خطط الإصلاح الاقتصادى وزيادة الرقعة الزراعية وتوطين الصناعة وتطوير خدمات التعليم والصحة وكل ما يتعلق بالتنمية البشرية وبناء الانسان.
أيضا فإن هذه الثوابت ظهرت بشكل أعمق فى بيان الحكومة الجديدة الذى ألقاه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أمام مجلس النواب الأسبوع الماضي، فقد تصدر البيان محور حماية الأمن القومى بمفهومه الشامل، بما يضمن حماية استقرار الحدود ودعم القدرات العسكرية لجيشنا فى مواجهة التهديدات وتعزيز أمن البحر الاحمر وقناة السويس وتعزيز جهود مكافحة الجرائم العابرة للحدود والاتجار بالبشر فضلا عن تطبيق مقاربة شاملة لمكافحة الارهاب تشمل كذلك كافة المحاور الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والفكرية والثقافية والتعليمية والتنسيق مع مختلف الأطراف الدولية لمكافحة الارهاب والوقاية منه وبناء قدرات الدولة فى هذا المجال.
هكذا فإن تحقيق الأمن القومى بمفهومه الشامل تجسد بشكل واضح خلال السنوات العشر الاخيرة، ونجحت مصر وعبر «رؤية 2030» وبالتوجيهات المستمرة للرئيس السيسي، فى جعل «حماية الأمن القومي» المحور رقم واحد فى اهتمامات الحكومة وكل أجهزة الدولة، بما يؤكد أننا نسير على الطريق السليم ووفق منظومة نجاح جاءت عن وعى وإدراك ودراسة لتحافظ على مقدرات الدولة المصرية ولتصون مقدساتها مهما كانت الظروف والتحديات، وبصرف النظر عن الاشاعات والاباطيل التى يطلقها المشككون ومن يتوهمون بأن الجماعات الظلامية يمكن أن تعود.