رغم كل التحديات والتهديدات الصريحة والمستترة والإغراءات والإغراءات غير المسبوقة.. لم ولن تتراجع الدولة المصرية عن ثوابتها الوطنية والعربية، وسوف تظل الدولة المصرية شامخة الرأس مرفوعة الهامة، ولن تنحنى لأحد- أى أحد- كائناً من كان، فإن الأمن القومى المصرى والعربى والكبرياء والكرامة المصرية وجهان لعملة واحدة، وهى العقيدة الراسخة التى لم ولن تحيد عنها مصر الدولة والقيادة والشعب.
لقد رأى الشعب المصرى فى الرئيس السيسى القائد المحنك والزعيم الذى لا يهتز له جفن أمام أعتى التحديات والخصوم.
وشهد العالم وشاهد بعينى رأسه كل شرائح الشعب المصرى وكل فئاته وفى كل سنتيمتر من أرض الكنانة يقفون صفاً واحداً يؤازرون الرئيس الذى جسد أمامهم الابن البار الذى يغار على أهل وطنه، ويرفض فى إباء وكبرياء وشمم أى دعوات لتهجير سكان غزة وإفراغ القضية الفلسطينية من محتواها.. لم يرفض فقط تهجيرهم إلى سيناء أو لأى بقعة مصرية، بل ورفض تماماً- وهذه المرة وقف كل الفلسطينيين خلفه- يرفض تماماً التهجير إلى أى مكان آخر، بل ورفض فى كبرياء لقاء الرئيس الأمريكى، إن كان »التهجير« جزءاً من جدول الأعمال.
ومنذ رفضت مصر خطة التهجير وضياع القضية الفلسطينية، فإننا ومعنا العالم نصحو كل يوم على محتوى إعلامى يتم نشره فى صورة تقرير صحفى أو خبر منسوب، مصدر حقيقى أو مصدر »مطلع« أو مصدر »رفيع المستوى« كلها تشير إلى أن شيئاً ما يتم طبخه عقاباً لمصر على رفضها، بل وإعدادها خطة بديلة استطاعت كسب ما يقترب من 60 دولة ودول أوروبية لها كلمتها ومؤسسات ومنظمات وهيئات دولية لها ثقلها، ورأوا جميعاً أن الخطة المصرية- العربية- الإسلامية هى الخيار العملى والعقلانى الوحيد على الطاولة، وعلى أمريكا التعامل مع هذه الخطة بجدية وهذا ما أكدته صحيفة »الواشنطن بوست« الأمريكية الواسعة الانتشار، التى أشادت بالخطة بوصفها تقدم نقطة انطلاق مفيدة للمحادثات حول مستقبل غزة، بل وتقدم خارطة طريق واضحة لإعادة الإعمار وتحدد تكلفة مالية، وتستحق الدراسة الجادة من جانب أمريكا واسرائيل، وليس الرفض منهما.
أشارت »الواشنطن بوست« إلى أن العرب ومعظم دول العالم رفضوا اقتراح الرئيس الأمريكى السيطرة على غزة وتحويل القطاع المدمر إلى »ريفييرا« فاخرة على البحر المتوسط، وأشارت إلى دعم 57 دولة إسلامية فى منظمة التعاون الاسلامى للخطة، التى حظت بدعم أوروبى من كبريات الدول الأوروبية منها فرنسا وألمانيا وايطاليا وبريطانيا، بالإضافة إلى الصين.
الحقيقة، أن مصر لن تتوقف عند إعداد الخطة، بل انها تعد وبمنتهى الجدية لاستضافة مصر لمؤتمر دولى لإعادة إعمار غزة فى نهاية ابريل المقبل، فإن الخطة المصرية- العربية تحتاج إلى 53 مليار دولار على ٣ مراحل تنفيذية ولن تستأثر دولة واحدة بهذه الخطة، فإنها ليست »خطة إيواء« ولكنها مشروعات تنموية وإسكانية وحماية اجتماعية وخلق فرص العمل لسكان القطاع ومشروعات استثمارية مع دور حقيقى للقطاع الخاص الفلسطينى والشركات الفلسطينية لتحقيق التعافى المبكر وإعادة الإعمار والتنمية، بما فى ذلك الشق الاستثمارى.. وهكذا عبر وزير الخارجية المصرية د.بدر عبدالعاطى.
الحقيقة، أن هذه التهديدات والتسريبات لم تزد مصر إلا إيماناً وتصميماً، فإنه وحسب المراقبين فإن الخطة المصرية اكتسبت أرضاً جديدة حتى داخل البيض الأبيض نفسه، عندما أعلن الرئيس الأمريكى ترامب ذاته بأنه لا أحد سيجبر الفلسطينيين على مغادرة غزة، الذى فسره البعض بالتراجع.. فإن تقارير إعلامية خرجت تشير إلى عزم الولايات المتحدة الأمريكية خفض جزء من المعونة السنوية المقدمة لمصر منذ عقدت اتفاقيات كامب ديفيد لدعم السلام بين مصر واسرائيل عقاباً لها على عدم دعمها خطة الرئيس ترامب، بل والهجوم وإعداد خطة بديلة حشدت لإعدادها كل مؤسسات الدولة المصرية، وحشدت لنجاحها دولياً جهوداً دبلوماسية وسياسية مكثفة لكسب المزيد من الدول وتأييدها ومشاركتها فى الإعمار الحقيقى لسكان غزة.
لن تتوقف الجهود المصرية الداعمة للحق الفلسطينى والقضية الفلسطينية وحق أبنائها فى إقامة دولتهم الحرة المستقلة على أرضهم.
سوف تقدم مصر من خلال الخطة بيوتاً متنقلة وخياماً وكرفانات لإيواء قرابة 1.2 مليون نسمة، وستتم إزالة ورفع 50 مليون طن من الركام والمخلفات والأحجار والتعامل مع الذخائر المتفجرة وإصلاح 60 ألف منزل تضررت جزئياً، وفى المرحلتين الثانية والثالثة بناء بنية تحتية عملاقة تشمل ميناءين ومطار ومحطات للطاقة الشمسية ومركز إدارى حكومى ومستشفيات ومدارس وشبكات الطرق والكبارى وبناء 400 ألف وحدة سكنية تستوعب 2.7 مليون نسمة من الفلسطينيين، مع إنشاء صندوق ائتمانى دولي تشارك في إدارته السلطة الفلسطينية.
لن أتوقف أبداً، فإن ما يؤكده الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً أن مصر لن تركع إلا لله، وأن أحداً كائناً من كان لن يستطيع أن يثنينا عن ثوابتنا الوطنية وقناعاتنا وقيمنا ومبادئنا.
يضاف إلى ذلك كله، ثقة كاملة فى الله عز وجل، وهذا الشعب العظيم الذى يضرب المثل فى التحمل والصبر ويقدم للعالم أجمع نموذجاً نادراً للشموخ والإباء والتحدى.
فوق هذا كله، ثقة لا نهاية لها برئيس مصر شريف وهو الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإنه لا يتحدث إلا بما يعلم، ولا يعد إلا بما يستطيع، ومواقفه منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن تؤكد بما لا يدع أى مجال للشك أننا والعالم كله أمام رئيس قوى، إذا وعد أوفى، وأنه يضع المصلحة الوطنية العليا والأمن القومى المصرى والعربى فوق كل اعتبار.