نحتاج بشكل عاجل إلى النقاش والحوار مع بعضنا البعض، بمعنى نقاش وحوار ووعى مجتمعى فى تلك اللحظات الدقيقة والفارقة حيث تخيم نذر الحرب الشاملة واتساع رقعة الصراع فى المنطقة وما يدور فيها من بدايات لمواجهات وتغيير فى المعادلة وحساباتها وهو ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة الرياض العربية الاسلامية.. حذرت مصر مرارا وتكرارا من مغبة السياسات الأحادية كما تحذر الآن من أن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة ينذر بتوسيع المواجهات العسكرية فى المنطقة وأنه مهما كانت محاولات ضبط النفس فإن طول أمد الاعتداءات وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها.. من هنا أقول ان ما كان فى الماضى أو منذ سنوات غير وارد الوقوع أو الحدوث بات الآن قابلا، خاصة فى ظل تصاعد الأمور والأوضاع بين اسرائيل وايران عقب استهداف تل أبيب لمقر القنصلية الايرانية بسوريا وسقوط عدد من الضحايا منهم ضابطان برتبة العميد وأكدت إيران عزمها على الثأر وتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل وأطلقت العنان للتهديدات على ألسنة مسئوليها وهو ما حدا إلى قيام الولايات المتحدة بدفع عدد من الوساطات من دول المنطقة إلى طهران من أجل التهدئة وضبط النفس وإعلان واشنطن دعمها الكامل لإسرائيل فى مواجهة الهجوم الايرانى المحتمل وتحولت تل أبيب إلى حالة الطوارئ والاستعدادات القصوى واتخاذ تدابير لمواجهة الضربة المتوقعة وهو ما جعل الغرب وأمريكا فى حالة نشاط مكثف للحيلولة دون تنفيذها أو منع اشتعال المنطقة ووقوع الحرب الشاملة وجر الشرق الأوسط إلى المصير المجهول فى ظل فتح العديد من الجبهات والمواجهات العسكرية منذ اندلاع العدوان الصهيونى على قطاع غزة من اليمن إلى العراق إلى لبنان وربما ايران فى القادم.
المنطقة بل العالم قد يتحول إلى كتلة لهب سواء فى ظل استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية وتصاعدها عقب الهجوم الارهابى على الحفل الموسيقى بالعاصمة الروسية موسكو والذى راح ضحيته أكثر من ٠٣١ قتيلاً ثم اصرار اسرائيل على التصعيد واستمرار العدوان الذى تجاوز الـ ٦ أشهر منذ انطلاقه على قطاع غزة ثم استهداف العمق السورى وآخرها مقر القنصلية الايرانية.
نحن أمام نظام عالمى جديد يتشكل ووجود معسكرين واختلاف جذرى فى التوجهات والحسابات والعلاقات وأصبح الصدام العنيف بين المعسكرين وشيكا فى ظل الصراع على مناطق النفوذ والممرات البحرية والطرق الجديدة والمصالح المعقدة فلم تعد أمريكا اللاعب الوحيد فى الشرق الأوسط، بل هناك الصين وروسيا ولهما مصالح هائلة فى المنطقة.
ومع اشتعال الشرق الأوسط وتحوله إلى ساحة مواجهة بين القوى الكبرى الغرب وأمريكا من جانب والصين وروسيا وحلفائهما الجدد من جانب آخر، سيكون لذلك تداعيات خطيرة ومؤلمة على كافة الأصعدة خاصة الأمنية والاقتصادية.. فهل نحن مقبلون على فوضى عارمة وحرائق مستعرة، هل نحن مقبلون على الحرب الشاملة التى حذرت منها مصر مع استمرار العدوان وفشل الأمم المتحدة ومنظماتها وعجز العالم عن ايقاف سكب الزيت على البنزين.
من هنا أقول ان مصر ستكون الأكثر أمناً وأماناً على كافة الأصعدة سواء على صعيد الاستقرار أو على صعيد الاقتصاد والأمن الغذائى وتأمين أمنها القومى بمفهومه الشامل ليس بحسب ما تحقق خلال الـ٠١ سنوات ومازال ولكن لأن لمصر قائداً عظيماً يتمتع بأعلى درجات الحكمة والتوازن والاتزان والصبر الاستراتيجى وأيضا قدرته قبل ٠١ سنوات على استشراف المستقبل وضرورة تحصين مصر بأعلى درجات القوة والقدرة والاستثمار فى بناء الروح تحت حماية الحكمة والتوازن والاتزان الاستراتيجى وليتأكد الجميع الآن حول جدوى وعظمة الرؤية والاستثمار فى بناء القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة فى كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة وهو ما يستوجب تقديم التحية والتقدير لقائد عظيم هو الرئيس السيسى.
بالنظر إلى المشهد فى المنطقة أو الإقليم ووضع مصر فى هذا المشهد، نؤكد ان مصر تعيش وسط طوق من النار وفى جوار مشتعل برا وبحرا وحدود مترامية مع دول الأزمات تحتاج يقظة وتكلفة عالية وبات أخطر التهديدات التى تواجه مصر الآن هو استمرار العدوان الصهيونى على قطاع غزة واحتمالات وقوع الهجوم البرى على رفح الفلسطينية والأكثر خطورة هو مزيد من الاشتعال فى المنطقة فى حالة تأجج الصراع وتوجيه ايران لضربة عسكرية لإسرائيل، ناهيك عما يحدث فى البحر الأحمر، لكن الثقة فى إدارة الموقف والمشهد فى مصر أكبر من أى تهديد واصطفاف ووعى وفهم المصريين هو صمام الأمان لكن لابد من الآتى:
أولاً: إسراع الحوار الوطنى وقيامه بطرح تحديات الأمن القومى المصرى على طاولة النقاش والحوار لإحداث حالة من التوافق على ركائز ومقومات الأمن القومى المصرى وآليات الحفاظ عليه فى ظل حالة الاشتعال التى تعانى منها المنطقة واحتمالات التصعيد.
ثانياً: شرح تفصيلى وبلغة هادئة ومتزنة وبسيطة للموقف الشامل فى المنطقة واحتمالات اندلاع الحرب الشاملة فى الشرق الأوسط وأسباب هذه الحرب التى ستكون طاحنة ومتعددة الأطراف خاصة فى ظل المصالح الحيوية ومناطق النفوذ للقوى الكبرى فما يدور فى الكواليس ودهاليز وأروقة صناع القرار فى العالم أكبر من أى حسابات، لذلك لابد أن يكون المواطن المصرى من كافة الفئات على إلمام كامل بما يدور ويحدث وتداعياته على الدولة المصرية وأمنها القومى.
ثالثاً: لابد من بناء وعى حقيقى وفهم صحيح حول صواب خياراتنا وتمسكنا بالتوازن والاتزان الاستراتيجى وعدم التورط فى مغامرات وكيفية ضمان حماية أمننا القومى وسلامة ووحدة أراضينا واستمرار مسيرة البناء والتنمية وتعظيم الاستفادة من عوائد ما تحقق على مدار ٠١ سنوات والاستثمار فى الفرص الواعدة.
رابعاً: وعن الاصطفاف والالتفاف حول القيادة السياسية وما تراه مناسباً لحماية أمننا القومى والحفاظ على الدولة المصرية لابد أن يتخذ بناء الوعى والفهم وتحقيق التوافق والاصطفاف الوطنى مسارات مختلفة وعديدة أبرزها الحوار الوطنى والاعلام والندوات والنقاشات ودروس العمل وأيضاً أجدد التأكيد على أهمية استعادة مؤتمرات الشباب للنقاش إلى جانب الحوار الوطنى فى قضايا الأمن القومى المصرى وحجم التحديات والتهديدات التى تواجه الأمن القومى تحتاج أيضاً إلى شرح وتوضيح وعرض لأفضل الخيارات وتداعيات هذه التحديات والتهديدات على مصر من خلال محتوى بسيط وسهل يصل إلى عقل المواطن البسيط بحسابات واضحة حول أبعاد وأسباب ونتائج ما يحدث أو ما قد يحدث.
الوعى والفهم والحوار والتوافق والاصطفاف أهم ركائز ومقومات الحفاظ على الأمن القومى لابد أن نعمل على هذه المحاولة.
تحيا مصر