فى إقليم مضطرب وصراعات مشتعلة ومواجهات محتدمة
الشعب المصرى على وعى كبير بالمخاطر المحيطة .. ومستعد للتضحية فى سبيل بلده
الإقليم يشتعل، والأحداث ترتفع حدتها، والصراع تتسع رقعته يوماً بعد الآخر، ومصر الدولة القوية المستقرة تتحرك فى كل الاتجاهات من أجل التهدئة ومنع التصعيد الذى سيدفع الجميع ثمنه تطرح مبادرات من أجل وقف الحرب وتستخدم كل ثقلها السياسى والدبلوماسى من أجل تقريب وجهات النظر.
مصر واضحة فى موقفها، وحاسمة فى ثوابتها، ترفض التصعيد وتحذر من مخاطر استمرار الجرائم الإسرائيلية التى تدمر كل احتمالات السلام وتزيد الأوضاع سوءاً وتمنع دخول المساعدات الانسانية ، مصر تعلن بوضوح أنها لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير شعبها على حساب دول أخري.
وسط كل هذا يبقى الأمن القومى المصرى هو الهدف الذى تسعى الدولة لحمايته وعدم المساس به، ومن أجل ذلك تضع الدولة كل السيناريوهات وتتحسب لكل الاحتمالات، وجاهزة لكل ما يتطلبه الدفاع عن الأمن القومى فى ظل حزام النار المحيط بها من كل اتجاه، والتصعيد الخطير الذى تشهده المنطقة.
فى «صالون الجمهورية» طرحنا السؤال بوضوح.. كيف نحمى أمننا القومى فى ظل هذه الأوضاع الإقليمية والأزمات العالمية.. كيف تتعامل مصر مع الملفات المشتعلة فى المنطقة وأخطرها الملف الفلسطينى والحرب الإسرائيلية على غزة والمجازر التى لا تتوقف.
المشاركون فى الصالون رسموا خريطة الأحداث بشكل كامل، وحددوا الثوابت المصرية، والأسس التى تعتمد عليها الدولة فى التحرك وجاهزيتها لكل السيناريوهات.
المناقشات كشفت حقيقة ما يجرى من مخططات، ولماذا الاستهداف لمصر، ومحاولات حصارها، وقدرات الردع التى تمتلكها مصر والتى تفرض على الجميع احترام خطوطها الحمراء كما وضعوا قراءة للسيناريوهات المحتملة مستقبلياً.
>> الجمهورية: نعيش الآن مشهداً ضبابياً وتطورات صعبة كلها تؤكد وجود مخططات لتحقيق أهداف لأطراف خارجية بالمنطقة حتى ولو كان الثمن تدمير دول وموت شعوب فما هو وضع مصر وأمنها القومى؟
> اللواء محمد عبدالمنعم: بالتأكيد قولاً واحداً مصر المستهدف الأول فى المرحلة الحالية والقادمة ولو نظرنا فى الشرق الاوسط وما يحيط بمصر وابعاد الاقليم سوف نجد ان الدولة المتماسكة فى هذا الاقليم هى مصر والتماسك لا يأتى من القوة العسكرية فقط ولكنه يأتى من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والتعليم له دور كبير والصحة ، فالأمن القومى المصرى مهدد من جميع الجهات فى الاتجاه الاول الشرقى الاخطر تجاه إسرائيل والدولة الفلسطينية وما تعانيه.. والبحر الأحمر والحوثيون فى اليمن وتأثيرهم على قناة السويس وهى عناصر بها اضطراب بالمناطق المجاورة للدولة المصرية ولها تأثير أمنى وعسكرى واقتصادى وفى الاتجاه الغربى توجد ليبيا التى تعانى من عدم الاستقرار وفى الاتجاه الشمالى فى البحر المتوسط الغاز الذى جعل هناك تهديداً على الدولة المصرية مباشراً، وقامت مصر بإجراءات عديدة للمحافظة على منابع الغاز المصرى وانتهى التهديد وفى الاتجاه الجنوبى هناك تهديد وهذا لا يعنى السودان فقط فهناك القرن الافريقى الصومال وجيبوتى وإثيوبيا ويتمثل التهديد فى التهديد المائى وهى قضية وجودية لمصر وكل هذه التهديدات الناجمة من الانقسام والترهل والضعف فى بعض الدول تجعل هذه الأماكن محاطة بالصراعات المؤثرة على الأمن القومى المصرى.
مصر انتهجت سياسة التوافق من اجل انهاء الصراع وسياسة القوة الناعمة ومستمرة بعلاقات دبلوماسية مع هذه الدول وسياسة إمكانية حل المشاكل لتقليل هذه التهديدات ولكن فى حالة التهديد المباشر وان يتطلب التدخل بالقوة تقوم بتنفيذ هذا ومصر لديها من الحلول لتنفيذ ذلك الكثير وكان هناك أكثر من تهديد خلال الحرب الدائرة فى قطاع غزة وموضوع اثيوبيا والأمن المائى المصرى واتخذت مصر إجراءات حاسمة وقوية بالاتفاق مع الصومال والسودان واريتريا لتأمين منابع النيل وهذه التهديدات ليست وليدة الصدفة وإنما مخطط منذ 2011 ولكن مصر بتماسك شعبها وقوة جيشها وحكمة القيادة السياسية استطاعت ان تنأى بنفسها عن هذا المخطط ولكن المخطط مستمر ولدينا الكثير من الحلول والإجراءات وهى غير معلنة الا فى حينها.
>> الجمهورية: ما يحدث فى الحدود الشرقية هو الأخطر والاعتداء الاسرائيلى وتطوراته صعبة وهو ما حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسى من ان يتحول الصراع إلى حرب اقليمية فكيف ترى ما يحدث بعدما وصلت الحرب إلى هذا المستوى على الجبهة الفلسطينية منذ الثامن من أكتوبر؟
> اللواء ايمن عبدالمحسن: بالتأكيد المنطقة بالكامل تمر بحالة من عدم الاستقرار وتداخل الازمات التى تؤثر على الامن القومى المصرى والامن القومى له دوائر التى تحدد اولويات الدولة وبداية الدائرة الداخلية والمتعلقة بالشأن الداخلى المصرى وهى اخطر هذه الدوائر وما يهدد الداخل عدم وجود وعى وتواجد جماعات متطرفة تريد هدم الدولة ويأتى بعدها الدائرة المباشرة المرتبطة بدول الجوار المباشر وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى «الدولة المصرية محاطة بحجم من المخاطر والتحديات لا تتحملها أى دولة» واخطر هذه التهديدات ما يرتبط بالحرب الاسرائيلية الفلسطينية وإسرائيل تعتدى على قطاع غزة من خلال عملية السيوف الحديدية وتمارس انتهاكات صارخة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية ودائما نقول ان قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية هم المرجعية الاساسية لاقامة الدولة الفلسطينية التى نسعى اليها وما يحدث على الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى هو صراعات ممتدة وليست الحرب الأخيرة وكان رد فعل الاحتلال الاسرائيلى عنيفاً وغير متوقع وطويل المدى وبحكم دراستى للشأن الاسرائيلى فإن اسرائيل ليس لديها القدرة على الاستمرار فى حرب طويلة واقتصادها لا يتحمل هذا ولا تستطيع منفردة التعامل مع أكثر من جبهة فى وقت واحد ولكن الدعم المطلق واللامحدود من الادارة الامريكية ساعدها على الاستمرار والدعم الغربى من انجلترا والمانيا وفرنسا وحجم التسليح الهائل القادم من هذه الدول وإعلانهم بداية الاعتداء على غزة بأنه حق لاسرائيل فى الدفاع عن نفسها وقوبلت هذه العملية بفرض الحصار واستخدام اجراءات القتل الجماعى واستخدام القوة العسكرية الغاشمة حيث تم الدخول البرى بثلاث فرق عسكرية اسرائيلية رغم انه فى الاساس قطاع غزة كان محدداً لها فرقة قبل الحرب وهى الفرقة 53 وهى فرقة مدرعة خاصة بالمنطقة الجنوبية لكنها ضمت إليها الفرقة 162 وهى فرقة مدرعة والفرقة الخاصة 252 وتمثل كياناً عسكرياً كبيراً وحتى نفهم معنى الفرقة المدرعة فهى عبارة عن ثلاثة لواءات مدرعة ولواء ميكانيكى ومن ضمن قدراتها 333 دبابة وحشدت اسرائيل بالإضافة إلى هاتين الفرقتين فرقة ابرار جوى وهى لديها بعض المدرعات ومدربون على القوات الخاصة وهى مكونة من خمسة لواءات وبعد الحصار استخدموا القوات الجوية التى يعتبرونها الذراع الطولى لإسرائيل وتعتمد عليها للقتال عن بعد وتضرب بقدرات متقدمة ومتفوقة وعلاوة على الاستهداف المدفعى فإن هذه الفرق المدرعة امام عناصر مقاومة ليس لديهم حتى دبابة ولكن لديهم عربات دفع رباعى وعليها رشاش او قواذف للدبابات بالتأكيد لا توجد، مقارنة وقسموا قطاع غزة الى شمال وجنوب ووسط ونعلم جميعا ان المقاومة انشأت مدينة عنكبوتية من الانفاق تحت القطاع وتبلغ مساحته 500 كيلومتر كما يتخيله والجيش الاسرائيلى الذى توغل بالدبابات ودمر المبانى واستهدف المدنيين بأعداد كبيرة قبل العسكريين واجبرهم على النزوح المتكرر من الشمال الى الجنوب ومن الجنوب الى الوسط وهذه العملية هى عقاب جماعى أو تعذيب أو تجويع بالاضافة الى عدم السماح بدخول المساعدات وبعد مرور 13 شهراً من الحرب الهمجية وبمقترح من الرئيس السابق لمجلس الأمن القومى الإسرائيلى جيورا ايلاند المعروف بمواقفه المتشددة إزاء الحرب على غزة، اقتراح ما يعرف بخطة الجنرالات على رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو بحيث يتم تنفيذ خطة لتحقيق النصر على المقاومة الفلسطينية وذلك بعد تقسيم القطاع وجعل فرقة غزة تحتل جبهة رفح الفلسطينية «محور فيلاديفيا ثم تواجد الفرقة 252 الموجودة فى محور نتساريم والتى تحاصر المنطقة الشمالية وهى منطقة تحتوى على ثلاث مدن رئيسية التى كانت تتواجد فيها معظم عناصر المقاومة وهى جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا وعملت فرض حصار عسكرى كامل على شمال غزة لاجبار جميع سكان المنطقة الشمالية الذين يقدر عددهم ما بين الـ300 إلى الـ400 ألف شخص على المغادرة ثم منع دخول المساعدات وبعدها انزال منشورات للسكان المدنيين المتواجدين للقيام بالنزوح فى اتجاه الجنوب ومن لا يستجيب اصبح هدفاً لهذه القوات ومنذ أكثر من شهر هناك حصار كامل من أجل استسلام المقاومة علاوة على الاستهدافات المستمرة فى وسط وجنوب القطاع.
وهدف اسرائيل من هذه العملية مثلما قال نتنياهو نفسه امران تدمير حماس والافراج عن الرهائن والمحبوسين ولكن الهدف الاخير الذى قاله بشكل غير معلن وهو الهدف الحقيقى تدمير قطاع غزة بشكل كامل حتى لا يمثل تهديداً مستقبلياً حتى يظلوا اكثر من 50 سنة لا يستطيعون ارجاعه كما كان فهويريد الانهاء على قطاع غزة حتى لا تكون ضمن الدولة الفلسطينية والتوسع فى اراضى الضفة الغربية المقسمة طبقا لاتفاقية اوسلو الى ثلاث مناطق المنطقة «أ» والمقدرة بـ 18٪ من المساحة المقدرة بـ 58 الفاً و580 كيلومتراً وتخضع للسيطرة الامنية والمدنية الفلسطينية والمنطقة «ب» المقدرة بـ 18٪ من المساحة وتخضع مدنيا لفلسطين وامنياً لاسرائيل والمنطقة «ج» وتقدر بـ 61٪ من اجمالى المساحة مدنياً وامنياً تخضع لاسرائيل واليوم لا توجد كل هذه المناطق وتداخلت ووصل الأمر إلى تعيين حاكم مدنى لكل هذه المناطق صديق شخصى لنتنياهو ولقطاع غزة ولديه مهام بالقانون مصادرة الاراضى الفلسطينية وهدم المبانى الفلسطينية وما يحدث فى الضفة الغربية ابشع مما يحدث فى غزة .
>> الجمهورية: بينما العالم يكتفى بالمشاهدة للتعنت والاجرام الاسرائيلى هناك جهود مصرية كبيرة للحفاظ على القضية الفلسطينية من تصفيتها وأخرها مبادرة الهدنة المؤقتة ، ثم المباحثات من أجل تقريب وجهات النظر.. كيف ترى هذه الجهود؟
> لواء أيمن عبدالمحسن : الدولة المصرية ومنذ بداية الاحداث حذرت من مخطط التهجير واسرائيل تسعى من خلال هذه الحرب للاستيلاء على كل الاراضى الفلسطينية وهو امر متعلق بالعقيدة اليهودية بإقامة دولة يهودية نقية خالية من كل ما هو غير يهودى بمعنى الفلسطينيين فى قطاع غزة يتم تهجيرهم إلى مصر ويتم طردهم من الدولة وسكان الضفة الغربية نحو الأردن وتحقيق أوهامهم بتنقية الدولة اليهودية وهذا المخطط الخاص بالنزوح الى مصر وحذرت منه مصر وجعلت منه خطاً أحمر وغير قابل للتفاوض والمخطط الثانى الذى حذرت منه تصفية القضية الفلسطينية على حساب الاخرين بمعنى ان الاعتداء على الضفة الغربية وتهجيرها يساوى تصفية القضية على حساب الأردن وكذلك فى قطاع غزة وهذا المخطط على فترات يتم تغذيته ونشره كما حدث فى اثناء تولى الرئيس الامريكى السابق ترامب عندما اعلن صفقة القرن وعرض مقابلاً مادياً ودفع الديون للسماح بتهجير الفلسطينيين ومصر رفضت تماماً، وقلنا اننا نحترم سيادة دولتنا وبعدها عرضوا اعطاء ارض فى صحراء النقب فى مقابل التهجير وقلنا انه لا تنازل ولا تهاون فى الأمن القومى المصرى كما اعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى وثالثا حذرنا من استمرار العمليات العسكرية والتى سوف تؤدى الى توتر المنطقة وحالة من عدم الاستقرار والسياسة الخارجية ومصر دائما ما تؤكد انه لتحقيق الامن والاستقرار لابد من التوصل الى حل عادل وشامل للقضية لان استمرار الحرب على فلسطين يغذى كل الجماعات والمليشيات الاخرى وهو ما حدث فقدظهرت خلال الحرب جبهات المساندة للمقاومة فى غزة والرئيس السيسى طالب بإدخال المساعدات الانسانية ونجحت مصر فى ذلك ، ولكن رغم أن القانون الدولى الانسانى يفرض على الدول التى تحارب عدم استهداف مدنيين ومستشفيات والصحفيين وقاموا باستهداف كل هذا.
ومصر طالبت طوال الوقت بالحل الشامل والعادل والدبلوماسية المصرية استطاعت ان تفرض هذا الرأى على المجتمع الدولى خاصة أن الاستمرار فيه يؤدى الى التوتر والتصعيد والحل هو التوصل إلى حل الدولتين وهو من الصعوبة تنفيذه فى الوقت الحالى لانه من اجل إقامة الدولة الفلسطينية يجب ان يكون هناك توافق فلسطينى فلسطينى ولا يمكن ان يكون الوضع منقسماً بين حماس وفتح وهو ما سعت الدولة المصرية الى تحقيقه من خلال الاجتماعات الخاصة بالمصالحة الفلسطينية ونقول حاليا ان الحل اقامة دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية تعيشان جنبا الى جنب ولن تستقر المنطقة الا بهذا الحل ومصر دائما حرصت على هذا الحل بحكم الجوار والأمن القومى.
والمساعدات الانسانية والاغاثية التى قدمتها مصر لقطاع غزة كما أشار رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان يعادل اربعة اضعاف ما قدمه العالم كله.
>> الجمهورية: هل بعد ما يحدث حاليا على الجبهة اللبنانية والفلسطينية قد انتهى الحل السياسى؟ ونريد معرفة الخريطة الاستراتيجية للمنطقة بعد سنة من الحرب؟ وكيف يقوم الجانب الاسرائيلى بالتوسع فى الحرب وتغيير خططه؟
> الدكتور حامد فارس: العنوان الرئيسى لهذه المرحلة ان اسرائيل تخوض حرب الاستقلال الثانى أو حرب اسرائيل الكبرى ، على واقع الارض فى بداية الحرب كان الهدف المعلن هو تصفية حركة حماس وتحرير الاسرى وعندما ظهر ضعف المؤسسات الدولية تجاه ما يحدث وسكوتها عن الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين طمعت اسرائيل فى تحقيق اهدافها غير المعلنة والهدف الاول الذى تظاهر نتنياهو انه سوف يحققه هو الافراج عن الرهائن الاسرائيليين المتواجدين داخل قطاع غزة وهو هدف وضعه نتنياهو وهو فى الحقيقة لا يريد الافراج عنهم وهو هدف يتذرع به لاستمرار العملية العسكرية ومن اكثر من قتل الاسرى داخل القطاع بل هو جيش الاحتلال الاسرائيلى وفى بداية العملية العسكرية فى شمال قطاع غزة كان هناك بعض الاسرى الذين تم تحريرهم من بعض الفصائل الفلسطينية وقاموا برفع الراية البيضاء وقتلهم الجيش الاسرائيلى وبعدها 6 محتجزين بعد شهر قتلتهم اسرائيل ايضا وهذا مما حرك المظاهرات الشعبية داخل اسرائيل لتحرير الاسرى والمطالبة بعقد صفقة تبادل لكن رئيس الوزراء الاسرائيلى لا يسعى الى الافراج عن الاسرى بل يريد تنفيذ قانون هانيبال وعدم الحصول عليهم لانهم لديهم مخطط يريدون تنفيذه فى القطاع لأن حكومة تل أبيب تحتاج الى دعم من المجتمع الدولى فى بداية العملية خاصة من الولايات المتحدة تحت عنوان حق اسرائيل فى الدفاع عن نفسها ولكن على واقع الارض وبعد التحركات المصرية باعتبار ان القاهرة عاصمة مهمة جدا للاستقرار الدولى والاقليمى بدأ قادة العالم التحرك نحو الدولة المصرية وخاصة بعد انعقاد قمة القاهرة للسلام والذى رغم أنه كان بين الدعوة للمؤتمر وانعقاده ثلاثة ايام فقط ولكن حجم المشاركة كان كبيراً نتيجة الدبلوماسية القوية والرشيدة من الدولة المصرية مع الكثير من دول العالم حيث شاركت 31 دولة وثلاث منظمات دولية والقيادة السياسية بقيادة الرئيس السيسى وضعت خارطة طريق بشكل واضح لكيفية انهاء هذا الصراع وصولا الى العمل على تنفيذ حل الدولتين باعتبار ان المرجعية الاساسية مجلس الامن والامم المتحدة ولكن اسرائيل تحركت وبدعم من الولايات المتحدة الى تصفية القضية الفلسطينية وهو الامر الذى لن يتحقق الا على حساب دول الجوار مصر والأردن، واسرائيل تبحث عن وطن بديل للفلسطينيين من خلال اخلاء الضفة الغربية وهى الجزء الاهم من الدولة العبرية لان هذا هو مخطط يهودا والسامرة الذى تسعى من اجله للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية وهذا ما تسعى اليه اسرائيل.
قبل احداث السابع من اكتوبر ونحن نتحدث عن مليون مستوطن فى الضفة الغربية و200 مستوطنة شرعية من الاحتلال الاسرائيلى و185 بؤرة استيطانية غير مرخصة ومقيمين فيها واسرائيل تسيطر علي50 ٪ من اراضى الضفة ولا تتوقف عند هذا الحد ولكنها تستغل مؤسسات الدولة الاسرائيلية وعلى رأسها المحكمة العليا لضم الاراضى الفلسطينية للدولة العبرية مثل ما اصدرته المحكمة العليا بضم 8 مناطق من اصل 12 منطقة فلسطينية فى مسافر يافطا وهى فى المنطقة «ج» فى سبيل انها مناطق عسكرية وستقوم فيها بتدريبات عسكرية.
>> الجمهورية : وكيف تتعامل الدولة المصرية؟
>د. فارس : الدولة المصرية تنبهت للمخطط الإسرائيلى وأظهر تقرير من الموساد أن مصر رفضت تهجير الفلسطينيين وما العمل أمام هذا الواقع؟ قرروا تصفية قطاع غزة من السكان والاعتماد على ان الوطن البديل للضفة الغربية هو الأردن خاصة وان 50٪ من الشعب الأردنى من اصول فلسطينية وماذا عن مصر؟ مصر معترضة وأرفضه بشده وتم تقديم عرض خبيث كالعادة ورفضته مصر تماماً وكان يخص مليونى شقة فى المدن المصرية الجديدة قالوا انهم يريدون شراءها مقابل أرقام كبيرة وهذا هدفهم الرئيسى ولكن الحكمة المصرية تجلت فى الدولة المصرية وفى القيادة السياسية والمؤسسات السيادية فكان التعامل بحنكة وحرص لتفويت الفرصة على دولة الاحتلال الإسرائيلى لجر الدولة المصرية لصراع ومصر كانت عميقة جدا فى تفكيرها نحو هذا الأمر وألا تنجر وراء المهاترات الاسرائيلية وفى الوقت نفسه تسمح بإنهاء عملية السلام ومنها اتفاقية كامب ديفيد.
مصر كانت تسير فى اتجاهين متوازيين حماية الامن القومى المصرى والحكمة السياسية فى ادارة الموقف وهو ما تم الاعلان عنه حيث قال الرئيس السيسى ان اى محاولة للمساس بالسيادة المصرية سيتم مواجهتها بحزم وكانت زيارة رئيس الوزراء المصرى للكتيبة «101» فى العريش وحضرها كل اعضاء مجلسى النواب والشيوخ والقبائل العربية دليل واضح على وحدة الداخل المصرى وهو امر غاية فى الاهمية وان الداخل المصرى هو الاساس لأى تحركات خارجية والثقة فى القيادة السياسية المصرية فى كيفية التحرك فى هذا الاتجاه ولكن اسرائيل تعربد وتوسع رقعة الصراع وتريد اعادة احتلال جنوب لبنان واقامة منطقة عازلة فى شمال قطاع غزة فى سبيل تأمين مستوطنات الشمال مما جعل تحرك دول العالم مختلفاًً عن الدعم الامريكى ولذلك لأول مرة نرى تصويت 142 دولة فى الجمعية العامة للامم المتحدة بالموافقة على حق فلسطين فى اعلان الدولة الفلسطينية وتقرير مصيرهم ومنهم 12 دولة اوروبية وهذا رقم كبير وأغلب هذه الدول زارت الدولة المصرية وأعلنت انها ستقوم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وتمت المطالبة بالاعتراف الاوروبى فى اجتماعاتهم بالدولة الفلسطينية وتساند اسبانيا هذا المطلب.
>> الجمهورية: بالفعل خلال 72 ساعة وبعد الثامن من أكتوبر وبدء العدوان الإسرائيلى، تواصل مع مصر عدد كبير من قادة دول العالم ما بين اتصالات من رؤساء الدول ورؤساء وزراء من كل دول العالم من أجل التشاور حول ما يحدث.
> الدكتور حامد فارس: وهذا دليل على مكانة مصر فى الاقليم فمصر دولة مؤثرة وقادرة على صناعة السلام والوفاق وهذا ما حدث فعليا من خلال الجهود التى تمت فى الصفقة الاولى وفى الشهور الاولى حيث تم وقف إطلاق النار وإطلاق سراح مجموعة من الرهائن والأسرى الفلسطينيين ومازالت مصر تقدم المبادرات الرامية لوقف الحرب واستقبال وفود التفاوض بين الجانبين من أجل التهدئةوأحدثها هذا الاسبوع ، لكن لابد أن تتوافر الارادة لدى الطرفين ودعم المجتمع الدولى.
العقبة الرئيسية فى وضع حل لهذا التصعيد اننا فى توقيت صعب ومريب وهو الانتخابات الرئاسية الامريكية والحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى ينظر للقضية الفلسطينية كورقة انتخابية والمرشح الرئاسى بشكل عام امام امرين الشق اليهودى الكبير جدا فى الداخل الامريكى وبين الولايات المتأرجحة التى تسيطر عليها الجاليات العربية والاسلامية وهم 7 ولايات وعلى الرغم من ان نسبتهم 1 ٪ فقط من التعداد السكانى الا انهم يسيطرون على هذه الولايات والمجمع الانتخابى عبارة عن 538 صوتاً والمرشح لكى ينجح عليه ان يحصل علي270 صوتاً وفى الولايات المتأرجحة هناك 73 صوتاً وهو عدد كبير يحاول الحزبان الحصول عليه ورئيس الوزراء الاسرائيلى ليس من مصلحته وصول هاريس للسلطة ولكن من مصلحته وصول ترامب لانه حاسم فى قراراته واستطاع نقل السفارة الامريكية فى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وقوله ان اسرائيل دولة صغيرة ويجب ان تكبر والدعم الكبير من الحزب الجمهورى ولدى إسرائيل رغبات حقيقية لتوريط الادارة الامريكية فى الصراع والحرب وهذا الوضع جعل ادارة بايدن لا تستطيع القيام بضغوط حقيقية على اسرائيل ولا ننسى انه صدر قرار منذ فترة لاعطاء نتنياهو مساعدات عسـكرية بمقدار 8.7 مليار دولار واستطاعت ايقاف التصعيد مع ايران وتشغيل منظومة ساد فى اسرائيل وتمويلها وبالتالى النظام الدولى بشكل عام اصبح عاجزاً عن ايجاد اى حلول فى الشرق الاوسط وعلى مستوى العالم.
هذا يجعلنا فى حاجة الى اليقظة لكل التغييرات العالمية لأن مصر هى الهدف وهذا المخطط بدأ منذ 2012 حيث تم إنشاء سد النهضة الإثيوبية واثيوبيا هى الدولة التى لا تعترف بالسلام ولا تسعى الى تنفيذ مبدأ لا ضرر ولا ضرار ولكنها تسعى للإضرار بدول المصب مصر والسودان وتحركت مصر من أجل التفاوض ولكن إثيوبيا أعلنت انها سوف تبنى الف سد والدولة المصرية تعاملت بكل حكمة فى هذا الملف بالإضافة إلى تهديد الملاحة فى البحر الاحمر واعلان رغبة اثيوبية للحصول على قاعدة عسكرية فى البحر الأحمر وبدأت هنا تظهر الدبلوماسية المصرية الناعمة والعسكرية وببساطة تم التحرك على رقعة الشطرنج الافريقى بمهارة من اجل تحجيم هذه المخاطر والنتيجة انه تراجعت حدة اللهجة الحادة لاثيوبيا خاصة وأن القيادة السياسية صرحت باننا لن نفرط فى نقطة ماء واحدة
>> الجمهورية : المفترض أننا يجب الا نقف على الأطلال بالنسبة للقضية الفلسطينية وما يحدث فى غزة والضفة الغربية يتحدث العالم عن اليوم التالى للحرب على غزة بينما صاحب القضية لا يتحدث عن هذا فى الوقت الذى يجب ان تتوحد كافة الفصائل الفلسطينية مع السلطة يجب ان يكون الداخل موحداً امام الاحتلال والعالم والفرصة مواتية الآن بعد كل هذا التصعيد فما الحل ؟
> د. شفيق التلولى: يجب على الفلسطينى انهاء حالة الانقسام ولملمة جراحه ولسنا فى حاجة الى تكرار حالة الانتحاب خاصة وان الحكومة الاسرائيلية التلمودية تريد شن الحرب على العرب قاطبة وهم يذكرونا بعصابات شتيره والهاجانا الذين قاموا بمجازر فظيعة فى فلسطين فى 1948 وما قبلها وبعدها وهم ورثتهم ويريدون العودة الى الواجهة بالحرب الوجودية التى تستهدف شطب الفلسطينى ونتنياهو رئيس الوزراء قال لا حماستان ولا فتحستان وهو يضع خطة لليوم التالى فى غزة وسموتيرتش وزير المالية يضع خطة فى الضفة ويريد تقويض السلطة الفلسطينية وبن غفير يدنس مدينة القدس يهودها ويعتدى على المقدسات والفلسطينى هنا يقف على مفترق طرق والشعب الفلسطينى الذى يدفع ثمن هذه الحرب والثمن بداية من الانقسام قبل كل شئ وهذه الفكرة التقطتها مصر ليس اليوم وانما منذ سنوات طويلة ومصر قدمت شهادتها فى القضية بدماء الالاف من المصريين الذين دافعوا عن العروبة والحق الفلسطينى ومصر فى قلب اصغر طفل فلسطينى فى الضفة وغزة بالفطرة وحب مصر متأصل فى قلوبنا وفى قطاع غزة هناك صرح الجندى المجهول المصرى الذى جرفه الاحتلال بعد الحرب على غزة وقد شيد هذا الصرح للجندى المصرى الذى سطر ملاحم بطولية فى الخمسينات وفى الستينات والسبعينات وحتى فى الـ 48 ولذلك تتمتع مصر بالافضلية لدى الفلسطينى فى حل قضاياه وتؤمن بأهمية ثبات وبقاء الفلسطينى على ارضه وموقف القيادة المصرية ازاء تلك الحرب وتصديها للتهجير القسرى لا ينساه الفلسطينيون ولولا ارتفاع الخطاب المصرى على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسى لما تراجع الصوت الغربى الذى كان يتحدث عن حق الدفاع عن النفس للاسرائيلى بالرصاص والقتل والاسطول الامريكى الذى رسا فى المنطقة ولوح به للمنطقة العربية وتراجع.. كل هذا نتيجة الموقف المصرى وتقويض مشروع التهجير سواء الى مصر أو الأردن.
مصر سعت الى المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية ومحاولة انهاء الخلاف الطويل وبصبرها ومساندتها وعدم احتكارها للقرار كانت الاقرب الى تحقيقه، والأهم أن مصر لم تحتكر مساعى المصالحة بين الفصائل، الذين ذهبوا إلى اكثر من عشرين دولة فى الصين واسطنبول والجزائر وروسيا ولكن غزة اقرب من ذلك الى رام الله وبالفعل الوطنى وبالرغم من ان الاحتلال قطع الجغرافية بيننا ولكن الفلسطينيين يعلمون ان الانقسام اثر على القضية ومن هنا نجد اصرار مصر على تكرار الجولات من اجل التقريب والتوافق والبعد عن تكريس الانقسام وظلت القاهرة تدفع بجهود كبيرة وترفع جرس الخطر ونقول انه بهذه الطريقة وبهذا الحال الذى نعيشه لن يكون فى صالحنا ونقول ان اليوم الحالى يشهد شلال الدم وواقع الامر انه يجب ان نقدم اوراق اعتمادنا الى العالم ونريد لم الشمل الفلسطينى.
وفى اخر جلسة حوار بين الحركتين فى مصر قدمت القاهرة مبادرة ووصفة سحرية يجب التقاطها حيث اقترحت مصر أنه يجب تشكيل لجنة إدارية ترعى الملفات فى غزة وبعدها عاد العنف أكثر فى شمال غزة وتطالب مصر حتى اللحظة بإنهاء الانقسام وبصبر كبير تريد ان يكون مصير غزة فى يد الفلسطينيين والوقوف أمام خطة الجنرالات التى ترمى الى إعادة احتلال القطاع وتصفية الفلسطينيين.
>> الجمهورية : هناك مؤشرات جيدة من خلال لجنة الاسناد التى ستدير غزة ، وهناك تقارب فى وجهات النظر بين فتح وحماس .. ومصر تواصل جهودها فى هذا الطريق لمصالحة كاملة : هل يمكن أن نرى الفلسطينيين جميعا تحت العلم الفلسطينى بعد اليوم التالى للحرب؟ ومن الذى يصعب الأمر؟
> الدكتور شفيق التلولى: نتمنى ذلك وليس صعبا ومصر حقيقة قطعت شوطاً كبيراً وبذلت جهداً ضخماً والطرف الذى من الممكن ان يصعبه هم الذين يخطفون القرار ولا يراعون حرمة الدم الفلسطينى النازف فى غزة لأنها حرب ابادة ولا وقت للحديث حول من يحكم غزة وعلى حماس ان لا يكون لها دور فى الحكومة التى سوف تكون موجودة بعد الحرب والشعب الفلسطينى فى غزة يرفض الاحتلال ولكن ايضا تم انتزاع الحاضنة الشعبية للحركة لان الشعب دفع ثمناً كبيراً أكثر من 42 الف شهيد وكما قال الرئيس الراحل ياسر عرفات «الشعب الفلسطينى أكبر من قيادته» والشعب يؤمن بالوحدة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية هى التى يجب ان تغير من اشتراطاتهم هناك أكثر من 150 ألف ضحية للحرب وعشرات الآلاف تحت الانقاض وهذه الدماء يجب أن تحكمنا والسلطة ليست ضد المقاومة وعلينا نيل حقوقنا وان لا نفرط فيها ويجب ان تنتهى الحرب ونعلم ان مشروع الحكومة اليمينية ان تلتهم الاراضى الفلسطينية وضمها وان تقيم مشروع الدولة اليهودية الواحدة القومية النقية والتى اقرها الكنيست وتم رفض اقامة الدولة الفلسطينية ولذلك المبادرة المصرية للمصالحة وشبه التوافق على لجنة الاسناد يمكن أن تكون بداية طريق مهمة للمصالحة.
>> الجمهورية: فى ظل كل هذه التهديدات التى يمثلها التصعيد الاسرائيلى فى المنطقة، كانت هناك رؤية مصر السباقة وكان قرار تطوير القدرات القتالية للقوات المسلحة وأن تكون على أعلى درجة جاهزية.. كيف ترى الاستعدادات المصرية لأى تهديد للأمن القومى، وما ثوابت الأمن القومى المصرى فى هذه المرحلة؟
> اللواء محمد عبدالمنعم: مصر تدعم القضية الفلسطينية منذ 76 عاماً سياسياً ودبلوماسياً واجتماعياً وتقوم بدور رئيسى فى المفاوضات فى الازمة الاخيرة من خلال الاجهزة السيادية وترفع تقريرها الى الرئيس أولاً بأول والأمر الآخر ان أبرز تحديات الوساطة المصرية انه لا توجد إرادة سياسية قوية لدى الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى للوصول إلى حل والامر الآخر ان هناك رفضاً من كل طرف للآخر وكل طرف يعتقد ان أفكاره هى التى يجب ان يتم تنفيذها وهذا مما صعب الموضوع وجعله مضاعفاً فى سبيل الوصول إلى اتفاق وهل مصر تتعرض لضغوط؟ نعم من المؤكد ان مصر تتعرض لضغوط وإغراءات ومن الأمثلة على ذلك عرض على مصر ان تأخذ سكان غزة عندها وفى المفاوضات تم الطلب منا التنازل عن الثوابت المصرية ومنها الدولة الفلسطينية، ولكن الرد المصرى كان حاسماً، وقلنا ان الدولة الفلسطينية أمن قومى مصرى والمشكلة ان كل الاطراف متمسكة بمطالبها وبعد اغتيال قيادات حماس قامت إسرائيل بالاعتداء الاعنف على شمال غزة وممارسة سياسة الأرض المحروقة كى تصبح الأرض غير قابلة للحياة وذلك بعد فشل التهجير.
المؤكد أن مصر تمتلك أكثر من سيناريو لحماية الامن القومى ومخطط له بعناية لمجابهة ما يهدد الأمن المصرى والدليل ما حدث فى الموقف الإثيوبى مع الصومال وتم حلها بطريقة ذكية جداً ومصر فى الحرب الإسرائيلية على غزة جاهزة لكل الاحتمالات، والسؤال وهل الجيش المصرى أحد هذه السيناريوهات لحماية الأمن القومى؟.. الإجابة، نعم بالتأكيد وقد تم عمل اختبار لمدى الاستعداد خلال هذه الأزمة أكثر من مرة، وفى كل مرة تدرك اسرائيل أن الجيش المصرى جاهز وقادر على الرد وأن المواجهة معه ستكون خاسرة، وما اريد قوله انه خلال أفعالهم التى كان المقصود بها اختبار استعداد الجيش لم يجدوا الا الرد القوى والسريع وبعد ذلك توقفوا عن هذا الأمر، لأنهم أدركوا أن الأمر صعب والجيش المصرى خطر عليهم.
وكلمة السر فى هذه القوة للجيش المصرى، أن القيادة السياسية منذ ان تولت فى 2013 أدركت درجة المخاطر وقامت برفع كفاءة القوات المسلحة المصرية فى جميع المستويات وعلى سبيل المثال فى القوات الجوية تم الحصول على طائرات الرافال 129 والتى تستطيع التزود بالوقود فى الجو، وتم تطوير قوات الدفاع الجوى، والأمر الآخر المهم فى القوات البحرية ان مصر السادس فى العالم من حيث القوة البحرية وقمنا بتجهيز الأسطول الجنوبى وأكبر وأقوى اسطول فى البحر الأحمر وكذلك فى تأمين البحر المتوسط والجيش المصرى على اتم الاستعداد لمجابهة أى تهديدات.
القيادة المصرية تبنى قوات مسلحة قوية لمجابهة التحديات الخارجية كمادعمت الشرطة بمعدات حديثة لتأمين الداخل المصرى ولولا هذه القوة المصرية بريا وبحريا وجويا ووسط كل هذا الاضطراب كنا سنسمع عن اختراقات من الشرق والغرب والشمال تنتهك الأجواء المصرية وهو ما لم نسمح به، لأن جيشنا قوى وقادر، وأمننا القومى آمن بعون الله.
>> الجمهورية: القوة الشعبية هى الضامن للامن القومى، كيف يتحقق ذلك الأمر؟
> اللواء ايمن عبد المحسن: الشعب المصرى على وعى كبير بالمخاطر المحيطة بنا ومعروف عنه قدرته على العطاء ومستعد للتضحية فى سبيل بلده ولن يتخلى عنها أبداً، وهو ما حدث خلال الفترة التى سبقت نصر أكتوبر 1973 العظيم والشعب كان يقف طوابير من أجل التبرع للجيش المصرى لرفع كفاءة التسليح وتحمل الظروف المحيطة ولدينا قيادة سياسية واعية لحجم المخاطر والتحديات الكبير واخطر شىء على الأمن القومى عدم التماسك ووحدة الجبهة الداخلية.
وتراهن القيادة السياسية على وعى الشعب المصرى وقبل ما حدث فى قطاع غزة كان هناك بعض الصعوبات التى تواجه الدولة وفى بداية الازمة فى غزة لكن عندما شاهد المواطن التصريحات القوية والمؤثرة فى المجتمع الدولى بخصوص ثوابت الدولة المصرية أصبح الشعب أكثر وعيا بما يحدث وأعلن التفافه حول قيادته ونحن نراهن على التفافهم حول القيادة السياسية ودعمه لها لانه احد اسباب ثبات الدولة قوية وفاعلة من أجل تحقيق الصالح القومى المصرى.
>> الجمهورية: ما حقيقة المخطط الاسرائيلى لتغيير خريطة المنطقة؟
> اللواء محمد عبدالمنعم : فيما يتعلق بتغيير خريطة الشرق الأوسط، فأقول نعم اسرائيل تسعى إلى هذا الأمر لتحقيق هدف واحد وهو تحقيق الامن القومى الاسرائيلى وليس معنى التغيير تغيير الحدود وانما تأمين إسرائيل، أولا من خلال ازالة التهديد فى قطاع غزة وإزالة التهديد من جنوب لبنان وحزب الله وفرض أمر واقع بوجود منطقة عازلة خلف نهر الليطانى وإرجاع المستوطنين شمال اسرائيل كما تسعى تل أبيب إلى تغيير النظام الإيرانى الحالى «ولاية الفقيه» وأن تصبح جمهورية عادية لا تمتلك قوة نووية وأن لا يكون هناك ما يسمى بالهلال الشيعى فى المنطقة وما قاله نتنياهو فى الأمم المتحدة انه يريد تغيير النظام الإيرانى.
ونشهد فى اسرائيل انقسامات عديدة عسكرية وسياسية وسياسية عسكرية وهذا الانقسام الداخلى توارى بعد الدخول فى حرب على الجبهة اللبنانية والصواريخ التى يطلقها حزب الله وأصبحوا موحدين وهو أمر يجب أن نتوقف أمامه كثيراً .
>> الجمهورية: ما حدث من انقسام داخلى فى فلسطين كان أحد اسباب صعوبة حل القضية ولذا فأنه على الفصائل ان تتوحد والفرصة الان متاحة من خلال الجهود المصرية الكبيرة فما سبب الاستمرار فى الانقسام؟
>اللواء أيمن عبد المحسن: الانتماء الفصائلى غالب على الانتماء الوطنى وهذا هو الأمر الذى يتسبب فى الانقسام ولكن ما شاهدته الدولة الفلسطينية فى الفترة الحالية من حرب ابادة جماعية ومحاولات تهجير وتصفية القضية سوف يكون دافعاً قوياً لهم من اجل ان يتوحدوا مرة اخرى ويساعدوا انفسهم فى هذه المرحلة الصعبة وأعتقد أن بوادر التجاوب مع المقترح ولجنة الاسناد وبدء حوار جديد نقطة مهمة.
>> الجمهورية ما السيناريوهات القادمة فى المنطقة بعد كل هذا التصعيد الاسرائيلى على الجبهة الفلسطينية واللبنانية؟
> د.حامد فارس: ان هناك عوامل من الممكن ان تدفع إلى تهدئة المنطقة ومنها اغتيال يحيى السنوار وان تلجأ حركة حماس إلى الوصول إلى تفاهمات مع الجانب الاسرائيلى بشأن انهاء الحرب وتبادل الاسرى وهناك الارتباط الوثيق لحماس وباقى الفصائل العسكرية سوف يؤدى إلى وجود تفاهم موحد فى هذا الأمر والأمر الآخر ان طبيعة وكيفية الرد الاسرائيلى على إيران فهو حدث يؤدى إلى اضطراب المنطقة وتم استيعابه وتم التنسيق الامريكى الاسرائيلى الايرانى لهذه الضربة وهو أمر واضح وفى اطار ان الولايات المتحدة تبحث عن مصالحها فى الشرق الاوسط وتم تقليل التهديدات بالتصعيد وعودة إلى قواعد الاشتباك الطبيعية وتأجيل الحرب الشاملة إلى جولة اخرى والتصعيد الاسرائيلى لم يكن لمصلحة التحالف الأمريكى الاسرائيلى لذا تم تحديده وايصاله مرة اخرى لقواعد الاشتباك وهناك حاليا مفاوضات لوقف الحرب على الجنوب اللبنانى والمشهد يؤدى إلى وجود فرص للتهدئة والتصريحات المتبادلة تدل على ذلك واسرائيل استطاعت الوصول إلى بعض النجاح فى القضاء على قوة حماس وتريد التفرغ للتقليل من حدة حزب الله خاصة وان اسرائيل تستعد إلى المواجهة منذ سنوات لحزب الله حيث قامت بحرب البيجر والاغتيالات ولكن حزب الله استعاد قدرته سريعا وهذا مما يعنى ان التهدئة قادمة بعد ان تكون هناك تفاهمات بين الجانبين.