لقد أثبتت الأيام وتطورات الأحداث التى حدثت فى منطقة الشرق الأوسط تلك المنطقة القلب من العالم والتى كانت دائماً وأبداً محط أنظار الدول الكبرى صاحبة الأحلام الأمبراطورية التوسعية والساعية للسيطرة على العالم مدى قدرة «القيادة السياسية» على استشراف ما سيحدث فى المستقبل.. لذلك بذلت قصارى جهدها عقب محاولة مصر الخروج من ذلك النفق المظلم فى أعقاب ثورات «الربيع العربى» التى لم تكن سوى خريف غضب مدمر بإعادة بناء وتأهيل القوات المسلحة وتنويع مصادر السلاح على النحو الذى جعل مصر ضمن قائمة الجيوش الأكثر قوة فى العالم والمنطقة قاطبة.. لقد أدرك الرئيس «السيسى» أن مفهوم الأمن القومى لا يعنى مجرد الدفاع عن الوطن بمعناه الأمنى أى الحماية ضد الاعتداءات الخارجية بل والحفاظ على سيادة الدولة وحماية المواطنين والاقتصاد.. وقد ظهر مفهوم «الأمن القومى» لأول مرة فى العصر المصرى القديم حيث كان وما زال مرتبطاً ارتباطاً وثيقيا بأمن الدولة واستقرارها والاعتماد على الدور والمهام والمسئوليات التى يقوم بها الملك والحكومة وتشريعاتها وقوانينها لحماية البلاد وتأمين الحدود وسلامة الأراضى والمواطنين.. لقد أطلق الرئيس «السيسى» ذلك المصطلح ألا وهو أن «الأمن القومى المصرى «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه شاء من شاء وأبى من أبى وذلك أثناء انعقاد المؤتمر الأول لمشروع حياة كريمة فى 2021.. أن مصطلح «الخط الأحمر» أو «عبور الخط الأحمر» يستخدم فى جميع أنحاء العالم وهو يعنى مجازياً نقطة اللا عودة وأيضاً أسرع أو أبعد أو أعلى نقطة أو درجة تعتبر آمنة.. من هنا تأتى أهمية الموقف المصرى الحازم رغم الضغوط التى تمارس عليها وتلك المعضلات التى توقعت القيادة السياسية مواجهتها منذ بداية إندلاع حرب «غزة» والمخاطر التى يمكن أن تشكلها بالنسبة للأمن القومى المصرى .. وقد رأت «مجموعة الأزمات»ببروكسل فى تلك الدراسة التى أعدتها بعنوان «معضلات مصر فى غزة» أن حرب غزة تفرض على مصر العديد من التحديات بدءاً من الدفع بأعداد كبيرة للنزوح إلى سيناء وانتهاءاً بالاعتداءات التى قد تفرضها على الأمن القومى المصرى .. وعلى الرغم من التعنت والمماطلة والتسويف من جانب «نتنياهو» فان وجهة نظر «القيادة السياسية»فى مصر كانت وما زالت هى الأصوب والأرجح والتى تتفق معها الدول الأوروبية ألا وهى ضرورة إعادة بناء الحكم والأمن فى غزة.. بيد أن إعادة بناء الاقتصاد والمجتمع الممزق بسبب الحرب لابد وأن تأتى على رأس الأولويات فقد هدم 70 ٪ من البنية التحتية وتم تدمير شبكة المياه والطرق وفقدان أعداد كبيرة من الأطباء وتعرض عدد لا يحصى من الأطفال لصدمات نفسية حقيقية.. ويؤكد الصحفى الإسرائيلى «جاكى حوجى» قائلاً إن قطاع غزة الجديد سوف يولد من جديد بطريقة ما أو بأخرى ولكن هل سيظل غارقاً فى المشاكل والإهمال أم أن سكانه سوف يحصلون أخيراً على فرصة للسعى للسلام والرخاء ووحق تقرير المصير.