بعد عام تقريباً من الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، يُعتبر الأطفال الفلسطينيون «الحلقة الأضعف» فى دائرة الاستهداف الإسرائيلي، إذ يعيش أطفال القطاع ظروفاً لم يُشهد لها مثيل فى أى صراع آخر، أما فى الضفة الغربية، فيواجه الأطفال إلى جانب الاستهداف المباشر، أنواعاً مختلفة من الانتهاكات، لا سيما تلك التى تمارس بشكل ممنهج بحقهم من قبل الجنود الإسرائيليين داخل مراكز الاعتقال.
لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة أصدرت، أمس، تقريراً مفصلاً بشأن أوضاع الأطفال فى إسرائيل والأراضى الفلسطينية المحتلة، مشيرةً إلى أن تل أبيب لم تحترم التزاماتها الدولية بشأن حقوق الأطفال فى غزة والضفة الغربية المحتلة.
ذكر التقرير أن أطفال غزة ما زالوا يتعرضون للقتل، والتشويه، والإصابة، والاختفاء، والتشريد، واليتم، والمجاعة، إضافة لسوء التغذية والمرض، بشكل فاضح.
لفت إلى أن الهجمات العشوائية التى تشنها إسرائيل على التجمعات السكنية والمناطق المكتظة بالسكان، ومنع وصول المعونات الإنسانية، أدت إلى نزوح ما لا يقل عن مليون طفل، واختفاء 21 ألفاً آخرين، بينما فقد 20 ألف طفل أحد الوالدين أو كليهما، يضاف إليهم 17 ألفاً غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم، وفق التقرير.
يشير التقرير الأخير للجنة حقوق الطفل، إلى أن إسرائيل استخدمت فى نهاية أبريل الماضي، 70 ألف طن من المتفجرات على غزة، أى أكثر من مجمل القنابل التى ألقيت فى الحرب العالمية الثانية، إذ تقدر الأمم المتحدة الفترة اللازمة لرفع الأنقاض فى غزة بعد وقف الحرب بنحو 14 عاماً.
وتراقب اللجنة المكونة من 18 عضواً فى الأمم المتحدة، امتثال البلدان لاتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وهى معاهدة تم تبنيها على نطاق واسع لحماية الأطفال من العنف وغيره من الانتهاكات.
بدوره قال براجى جودبراندسون، نائب رئيس اللجنة ومنسق فريق العمل بشأن إسرائيل إن عدد الأطفال الذين قتلوا فى غزة منذ أكتوبر الماضى قُدر بنحو 40 ٪ من مجمل عدد الضحايا، أى نحو 17 ألف طفل، تبعاً للأرقام الرسمية الأخيرة للأمم المتحدة.
أضاف ان مأساة الأطفال فى غزة لا تقاس بهؤلاء فقط، فعدد الذين فقدوا أطرافهم يتراوح بين 3 و4 آلاف طفل، والمصابون بإصابات حرجة يقاربون 8 آلاف، أما الأطفال الذين دفنوا تحت المبانى المهدمة، فيُقدّر عددهم بالآلاف، ولكن معرفة العدد الدقيق قد يستغرق سنوات، نظراً للضرر الهائل الذى لحق بالبنية المدنية فى غزة.
أكد جودبراندسون أن إسرائيل لا تتخذ أياً من تدابير الحماية فى غزة، وذلك بعد اجراء الأمم المتحدة تحقيقات بهذا الشأن، محملا الاحتلال المسئولية عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هؤلاء الأطفال قدر الأمكان وتبعاً للظروف القائمة، موضحا أن المنظمة لم تتلق أى رد من الجانب الاسرائيلى بشان ذلك.
وبموازاة ما يحدث فى غزة، فإن الوضع فى الضفة والقدس الشرقية، لا يقل سوءاً بالنظر إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل، ولا سيما تلك التى وقعت عليها إسرائيل، وكانت محل نقاش دام 6 ساعات من قبل اللجنة مع وفد إسرائيلى رسمى رفيع حضر إلى جنيف خصيصاً لهذا الغرض.
آن سكيلتون، رئيسة اللجنة الأممية المعنية بحقوق الطفل وعضو فريق العمل بشأن إسرائيل، قالت فى تصريحات صحفية إن أعداد المعتقلين الفلسطينيين من الأطفال تضاعفت فى الضفة بشكل متسارع منذ أكتوبر، وازدادت ظروف الاعتقال ضراوة وقسوة.
وأضافت سكيلتون انه إلى جانب العنف، والاعتداءات الجنسية، والعزل، والتعذيب، يواجه الأطفال فى السجون محاكمات عسكرية، وفصلاً تاماً عن ذويهم، ويحرمون من التمثيل القانونى أو مقابلة محامين أو معرفة مدة اعتقالهم.
أكدت سكيلتون، أن التقارير التى خرج بها محامون تمكنوا من زيارة عدد من المعتقلين، تشير إلى أن الأطفال يعانون داخل السجون من سوء التغذية، والتقرحات، والأمراض الجلدية التى يسببها الاكتظاظ وانعدام النظافة.
تتجاوز أعداد المعتقلين الفلسطينيين داخل مراكز الاعتقال والسجون الإسرائيلية، 10 آلاف معتقل، حسب أرقام أصدرتها الأمم المتحدة لكنها لم تحدد عدد الأطفال من بين المعتقلين، خصوصاً أن هذا العدد قابل للزيادة بشكل يومي، حيث تواجَه تحركات الفلسطينيين لصد هجمات المستوطنين وسلطات الاحتلال بالقمع والاعتقال التعسفى طويل الأمـد، أو توجيه اتهامات بجرائم خطيرة.
حمّلت اللجنة، إسرائيل المسئولية عن عدم اعتماد أى إجراءات حماية فعالة بحق المدنيين فى الأراضى المحتلة، فى مرحلة تعد بالغة الكلفة بالنسبة للأطفال بشكل خاص، إذ أشادت بحضور إسرائيل، لكنها قالت إنها تأسف بشدة لإنكارها المتكرر لالتزاماتها القانونية.
كانت إسرائيل، التى صادقت على معاهدة حقوق الطفل فى عام 1991،قد ارسلت وفداً كبيراً إلى جلسات الاستماع فى الأمم المتحدة فى جنيف يومى 3 و4 سبتمبر الجارى ، إذ زعم الوفد أن بلاده لا تعتبر المعاهدة تنطبق على غزة أو الضفة الغربية!