نحن لسنا دولة.. نحن الأمة المصرية.. تاريخ وحضارة وعراقة وأمة تختزن داخلها كل مفاتيح الحياة وأسرار الكون.
وفى الزيارة «التاريخية» للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للجمالية وسيدنا الحسين وخان الخليلى فإنه تجول فى مناطق تاريخية يتجاوز عمرها آلاف السنين.. مناطق ظهرت وكان لها تاريخ وذكريات وإسهامات حضارية وإنسانية وقبل ظهور دول حديثة لا يتجاوز عمرها عدة مئات من السنين تحاول أن تفرض كلمتها على العالم وتتجاهل أن أصل الحضارة قد انطلق من هنا.. من مصر عندما كتب الفراعنة الأوائل أسطورة الخلود والتوحيد.
وإذا كانت زيارة ماكرون مع الرئيس السيسى فى أحياء القاهرة القديمة تعنى الأمن والأمان والاستقرار فى مصر المحروسة فإن الرسالة الأهم هى أن العالم يجب أن يعيش فى سلام فى سعى من أجل حوار الشعوب والثقافات.. وفى البحث عن الأبعاد الإنسانية التى تحقق الرقى والتعايش السلمى بعيداً عن حوار المدافع وإبادة البشر.
إن زيارة ماكرون لمصر قد ينجم عنها توقيع العديد من الاتفاقيات.. ولكن زيارته وتواجده فى الشارع المصرى فى هذه الأوقات المضطربة كانت هى أفضل اتفاقية حضارية معنوية.. لقد كسر ماكرون الكثير من الحواجز واستعاد لأوروبا مكانتها وتأثيرها.. وأصحاب الحضارات يتلاقون.. يتفاهمون.. يحترم بعضهم البعض حتى وإن اختلفوا وإن تباعدت المسافات.
>>>
واستوقفت صورة للشيخ زايد آل نهيان الرئيس التاريخى المؤسس لدولة الإمارات العربية والمعلقة على أحد متاجر خان الخليلى انتباه الرئيس ماكرون أثناء زيارته.
وماكرون لا يعرف مقدار حب المصريين للشيخ زايد.. الشيخ زايد الذى كان قريباً من مصر وشعب مصر.. حكيم العرب الذى أوصى أبناءه بأن يتقاسموا لقمة الخبز مع مصر.. العروبى الأصيل الذى ساند مصر فى كل الأزمات إيماناً وتقديراً لحجم المسئوليات الملقاة على مصر التى تمثل حائط الصد لكل الأطماع التى تتعلق بالأمة العربية.. زايد الخير الذى انطلق بالإمارات نحو الرخاء والتقدم.. الرجل الذى كان مؤمناً أن المال مال الله.. وأن الخير يجب أن يعم الجميع.. الرجل الذى أحب مصر فلم ولن ينساه شعب مصر.
>>>
وبينما نعيش الموقف ونحرص على المبدأ والالتزام بالواجب المقدس تجاه قضية الشعب الفلسطينى فإن مؤامرة التهجير القسرى مازالت قائمة.. والمتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك يقول لنا إن هناك ما يقرب من 004 ألف نازح فلسطينى خرجوا من غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار.. أى خلال ثلاثة أسابيع بمعدل واحد من كل خمسة فلسطينيين فى القطاع.. وهذا العدد الضخم يؤكد أن خطة التهجير قد تم تفعيلها بنقل الفلسطينيين إلى العديد من البلدان بما فيها دول أوروبية وهو ما يفسر أيضاً ضراوة ووحشية الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد سكان غزة.. إنهم يضعونهم بين فكى الرحي.. إما الهجرة قسرياً أو طوعياً وإما الموت تحت الأنقاض أو حرقاً..!! مات ضمير العالم فأصبح كل شيء مباحاً ومستباحاً.
>>>
والخونة فى كل مكان.. خونة قدموا من قبل معلومات استخباراتية تمكنت معها إسرائيل من اغتيال قيادات من حماس ومن حزب الله.. وخونة فى صفوف الحوثيين فى اليمن قدموا وأرسلوا إحداثيات لأماكن تواجد بعض قادة الحوثيين قادت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرسال طائرات قامت بعمليات ناجحة لاغتيالهم.
واليمن أعلن عن بعض الخونة وتم اعتقال نائب رئيس جهاز المخابرات وعدد من القيادات بتهم التخابر وإرسال إحداثيات بمواقع عدد من المسئولين..! والعدو دائماً وأبداً لا يأتى من الخارج.. العدو فى الداخل هو الثعبان الذى يوجه لدغات الغدر فى الفراش الدافئ لمن كان يؤويه..!
>>>
ولكن الوفاء مازال موجوداً.. والسورى حسام البديوى أشعل السوشيال ميديا بفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى وهو يسجل لحظات مغادرته مصر للعودة إلى سوريا قائلاً «وداعاً يا أم الدنيا».. وداعاً يا مصر.. ويسرد فى هذا الفيديو كيف استقبلته مصر هو وعائلته طيلة عدة سنوات واحتضنته بحب وكرم وشهامة.. حسام كان يبكى وهو يغادر مصر عائداً إلى بلاده.. وحسام أراد بالفيديو أن يشكر مصر.. ومصر تقدر مشاعره الصادقة.. ومصر على نفس سياساتها.. مصر عاصمة لكل العرب وأرضاً مفتوحة لكل العرب.. مصر تفرح لكل العرب.. وتسعد لهم مصر تحمل حباً لكل العرب ولا تختزن فى داخلها أية إساءة أو تجاوزات.. الكبير يتجاهل ويصفح ويسمو فوق كل الصغائر.
>>>
وأكتب عن جريمة اهتزت لها مصر.. جريمة تتعلق بالعثور على رجل أعمال فى شقته بالتجمع الأول وقد تم قتله وذبحه وتقطيع جثته تقطيعاً.. والقاتل ارتكب ذلك بدافع الانتقام للشرف بعد أن علم بوجود علاقة بين الضحية وشقيقته.. واعتقد أن رجل الأعمال قد غرر بالسكرتيرة الحسناء وسلبها أعز ما تملك وتنصل من الزواج منها..!
والقاتل فى هذه الجريمة ذهب للقتيل يطلب منه إصلاح الخطأ.. ولما رفض الأخير قتله واتصل بأمه يزف إليها البشري.. القاتل لم يسأل شقيقته كيف ولماذا تساهلت فى شرفها.. وكيف كانت تذهب وتروح وتجئ دون أن يسألها أحد أين كانت وماذا كانت تفعل..! القاتل ألقى بالمسئولية كاملة على القتيل وتناسى وأغفل أنه كان أيضاً شريكاً فى أسباب ما حدث.. وأن الأسرة كانت غائبة إلى أن وقعت الواقعة..!! وهى ليست جريمة عادية، إنها تعبر وتعكس حال الكثير من الأسر هذه الأيام التى أهملت التربية والإرشاد والتوجيه ولم تعد تسأل أو تهتم بمصدر «الفلوس» ومن أين تأتي.. «كله بيغمض عينيه ويكذب نفسه»..!
>>>
وليه.. ليه يا زمان ماسبتناش أبرياء.. وواخدنا ليه فى طريق مامنوش رجوع، أقسى أمورنا يفجر السخرية، وأصفى ضحكة تتوه فى بحر الدموع، ولفين ياخدنا الأنين. لليالى ملهاش عينين، ولفين ياخدنا الحنين لواحة الحيرانين.