مازالت الأسطورة الشعبية.. التى جمعت بين تأسيس وبناء مدينة قرطاج بتونس ومسجد عمرو بن العاص – رضى الله عنه – بالفسطاط بمصر القديمة، ومسجد العارف بالله أبو الحجاج الأقصرى بمدينة طيبة «الأقصر حاليا» جنوب القاهرة 671 كم فى أقصى صعيد مصر.. تعيش فى وجدان أبناء العالم العربى بل وأصبحت جزءا من تراثه الخالد وكأنها تاريخ حقيقى بعيد كل البعد عن الأساطير الشعبية التى تحكى فى المناسبات فقط.. يعود تاريخ مدينة قرطاج إلى عام 814 قبل الميلاد عندما أسسها مجموعة من الفينيقيين حيث تقول الأسطورة الشعبية التى سجلها الشاعر اللاتينى «فرجيل» إنه فى القرن التاسع قبل ميلاد المسيح – عليه السلام – حدث صراع داخل البلاط الملكى حول عرش مدينة صور الفينيقية بين «بجماليون» وشقيقته «اليسا» كان من نتيجته الفرار بصحبة عدد من أنصارها حيث رحلت إلى قبرص ومنها إلى الشاطئ الافريقى حيث أسست مدينة قرطاج فى تونس.. تحكى الأسطورة أن أهل المدينة رفضوا فى البداية التخلى للأميرة الشابة إلا عن قطعة أرض تعادل مقاسها جلد ثور، والأميرة الشرط ثم قامت بقص الجلد على شكل «سير» رفيع نشرته على مساحة أربعة كيلو مترات بنت عليها مدينتها قرطاج وتولت الحكم فيها».
و«اليسا» هذه هى نفسها «ديرون» التائهة أو المتشردة فى الأساطير اليونانية.
نفس الأسطورة.. تنتقل من تونس الخضراء إلى الفسطاط عاصمة مصر فى عهد عمرو بن العاص – رضى الله عنه – حيث تقول الرواية: ان عمرو بن العاص بعد أن فتح مصر استعرض أرض الفسطاط فأعجبه موضع بستان لسيدة من أثرياء القبط… فأرسل إليها طالبا أن تمنح المسلمين ما يكفى أن يكون «مناخًا» لناقة عمرو.. وبعد أن وافقت على ذلك قص عمرو بن العاص جلد الناقة على هيئة «سير» لفه حول أملاك السيدة طولا وعرضا وملكها بموجب الاتفاق.
فأرسلت تشكوه إلى الخليفة عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – وذهب رسولها إلى المدينة المنورة يسأل عن ديوان الخليفة فقيل له: إن عمر بن الخطاب ليس له ديوان وأوصلوه إلى رجل يجلس على كومة حصباء، وقالوا له: هذا هو أمير المؤمنين، فحكى له حكاية عمرو مع السيدة فكتب عمر بن الخطاب رسالة إلى عمرو بن العاص جاء فيها أما بعد: فنحن أولى بالعدل من كسرى، فيتعجب رسول السيدة من الرسالة وظن أنها كلمات لن تؤثر فى عمرو الذى، ما كاد يتسلم الرسالة كما تقول الرواية -حتى خر باكيا متوسلا للسيدة أن تسامحه وتحصل على أى ترضية ترضاها.
فما كان من المرأة إلا أن أعلنت إسلامها وأهدت الأرض للمسجد، الذى مازال عامرا حتى اليوم تقام فيه الصلوات لله رب العالمين.