تابعت كغيرى أنشطة المساجد فى طول البلاد وعرضها فى شهر رمضان المبارك وحتى اليوم الأخير. صحيح أن هناك الكثير من المساجد أبلى أئمتها بلاءً حسنًا من خلال الحضور والتواجد فى الصلوات الخمس وصلاة القيام، هذه حقيقة لا تُنكر. غير أن زخم الأنشطة اليومية للجامع الأزهر كان لافتًا من خلال اختيار الأئمة فى صلاة القيام، الذين قدموا سيمفونية متفردة فى التلاوات التى رسمت صورة حية لقدرات الأزهر الشريف، مما دفع وسائل التواصل الاجتماعى إلى متابعة الأنشطة، وانتهاءً بالمائدة اليومية للطلاب الوافدين بالآلاف، وكان لها مردود إيجابى لدور الأزهر نحو ضيوفه الأكارم. استعانة الأزهر الشريف بنماذج فى المراحل الثانوية والجامعية ومنحهم فرصة التقدم للإمامة فى صلاة القيام يكشف فعلاً أن الأزهر به جواهر ثمينة، ولو توسع القائمون عليه فى البحث عن النوابغ لوجدوا الدرر المكنونة فى دهاليز المحافظات، وهذا يجب أن يكون تحت بصر مولانا الدكتو محمد عبد الرحمن الضوينى ورفاقه الأكارم. تجربة فريدة بدأها الجامع الأزهر، وسوف نرى نماذج أخرى لهؤلاء النوابغ فى الأعوام القادمة. تجربة الطالب محمد حسن المبصر بقلبه رسخت أن مصر سوف تظل رائدة فى شتى المجالات، وأن الأزهر بتاريخه الكبير الممتد معينه لا ينضب بفضل الله وكرمه. محمد حسن ابن معهد «أبوقير الثانوى الأزهري» بالإسكندرية وقرينه أحمد الجوهري، والذى أم المصلين فى صلاة التراويح وقرأ برواية قنبل عن ابن كثير المكي، مع أساتذته وخلفه آلاف المصلين من مختلف ربوع مصر. الطالب الأزهرى أحد الذين تجاوزوا العوائق وبرعوا فى حفظ القرآن الكريم، ويحظى بالتدريب فى إدارة شئون القرآن بالأزهر الشريف التى تُعنى بإعداد وتحفيز حفظة القرآن الكريم وفقًا للقراءات المتواترة، وقد تميز منذ صغره بحفظه المتقن وأدائه المميز، مما أهّله للمشاركة فى العديد من المسابقات القرآنية. وفى عام 2023، تُوجت جهوده بالفوز بالمركز الأول فى مسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم، وهى إحدى أهم وأقدم المسابقات التى ينظمها الأزهر الشريف سنويًا لتنافس طلابه المتميزين من حفظة كتاب الله. فكانت تلك اللحظة بمثابة شهادة على مثابرته، وتأكيدًا لاجتهاده وتميزه فى الحفظ والتلاوة، رغم التحديات، ليصبح نموذجًا للإرادة والاجتهاد فى طلب العلم. ولم يكن فوزه سوى بداية لمسيرة حافلة بالإنجازات، إذ واصل تألقه فى العام التالي، محققًا إنجازًا جديدًا بحصوله على المركز الأول فى فئة ذوى الهمم بمسابقة «تحدى القراءة العربي» لعام 2024، متفوقًا على أكثر من 39 ألف مشارك من مختلف الدول العربية، فى إنجاز يعكس إصراره على التفوق، ليس فقط فى حفظ القرآن الكريم وإتقانه، بل أيضًا فى ميدان المعرفة والقراءة، ليصبح نموذجًا مشرفًا للإرادة والعزيمة. ويعد اختياره فى عام 2025 لإمامة صلاة التراويح فى الجامع الأزهر امتدادًا لهذه المسيرة وخطوة بارزة فيها، إذ يمثل تكريمًا لحفظة القرآن الكريم، ويعكس دور الأزهر فى إبراز المتميزين منهم ودعمهم وتمكينهم. وقد لقيت تلاوته فى صلاة التراويح تفاعلاً واسعًا من المصلين، الذين تأثروا بأدائه المتقن وخشوعه فى القراءة، مما أضفى أجواء روحانية على الصلاة. محمد حسن ليس وحده، فهناك العشرات بل المئات من النوابغ الذين يستحقون البحث والتنقيب عنهم وتقديمهم فى المرحلة القادمة.