تابعت خلال الأيام الماضية زيارة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر وبرفقته بعض العلماء إلى عدد من دول العالم من بينها ماليزيا وتايلاند واندونيسيا وشاهدنا جميعا الحفاوة الكبيرة التى قوبل بها شيخ الأزهر ومرافقوه فى كل الدول التى زاروها على المستوى الرسمى والشعبى والتى تناقلت الجماهير المصرية والعربية جانبا منها – عبر مواقع التواصل الاجتماعى – مع عبارات الفخر والتقدير للأزهر وعلمائه ورسالته.
جائزة أفضل شخصية إسلامية فى العالم التى منحتها ماليزيا لشيخ الأزهر خلال زيارته لها ليست الأولى من نوعها التى يحصل عليها د.الطيب فقد سبق وحصل على العديد من الجوائز والألقاب من قبل وقدم جوائزها المالية لحفظة القرآن الكريم بالأزهر.
لا شك أن هذه الحفاوة تؤكد مكانة الأزهر ونظرة الاحترام والتقدير له كمرجعية وسطية للإسلام فى العالم وهو الأمر الذى يدعونا دائما للافتخار بالأزهر باعتباره أبرز القوى الناعمة التى تضيف الكثير لسمعة مصر ومكانتها، فهى الدولة التى يقصدها كل من يريد التعرف على الإسلام الحقيقى الخالى من الشوائب، وهى من علمت الدنيا الإسلام، وتصدت لكل الخارجين على تعاليمه، ولاتزال تكافح ضد التطرف والتعصب الديني، وينشر علماؤها قيم التسامح والرحمة والعفو التى جاء بها دين الإسلام العظيم.
كل هذا التقدير لشيخ الأزهر فى الدول التى زارها ولقاءاته بكبار مسئوليها وما أطلقه من تصريحات فى كل دولة ومدى احتفاء وسائل الإعلام فى الدول التى زارها بالضيف الكبير تؤكد المكانة والسمعة الطيبة التى يحظى بها الأزهر دولياً وعربياً، وتضيف كثيراً إلى رصيد مصر العلمى والحضارى وتلقى أضواء كاشفة على وجهها الإسلامي، وتؤكد أن أسهم الأزهر عالميا فى تزايد مستمر، كما أن أسهمه داخلياً تتعاظم رغم حملات التشويه والتضليل التى يتبناها بعض أدعياء الفكر والثقافة من الذين يخرجون من وقت لآخر لمهاجمة الأزهر وشيخه.
>>>
كل من يراقب حركة الأزهر ونشاطه فى العصر الحديث بأمانة وموضوعية يتأكد أن مكانة الأزهر وعلمائه فى نفوس المصريين، وهو الأمر الذى يفرض علينا أن نتعامل مع مقام شيخ الأزهر بالاحترام اللازم ويفرض على أصحاب الفكر المناهض للأزهر ودوره ورسالته أن يراجعوا مواقفهم قبل توجيه أى اتهامات عشوائية للأزهر.
فى بداية حياتى الصحفية ذهبت لعمل حوار مع المرحوم الدكتور محمد الطيب النجار رئيس جامعة الأزهر فى بداية الثمانينيات وكان قد عاد من رحلة علمية دعوية إلى ألمانيا، فوجدت الرجل متأثراً جدا بما قوبل به من حفاوة بالغة من المسلمين فى المانيا على اختلاف جنسياتهم حيث حملوه على الأعناق هناك تكريما له على قرار الزام طالبات جامعة الأزهر بالزى الإسلامى وعدم السماح لطالبة متبرجة بالدخول من بوابة الجامعة.
وتساءل العالم الفاضل بمرارة: كيف أُهاجم فى بلد الأزهر على قرار يعيد للأزهر وقاره واحترامه.. وأكرم على هذا القرار فى بلد غير إسلامى مثل ألمانيا؟
أعتقد أن هذه المرارة تسيطر على كثير من كبار المسئولين فى الأزهر الآن حيث يجدون حفاوة بالغة وتقديرا كبيرا من المسلمين وغير المسلمين فى كل مكان يذهبون إليه ويتعرضون لسفاهات وتطاول غير مبرر من بنى جلدتهم وقد تحاورت مع عدد من كبار علماء الأزهر على مدى العقود الأربعة الماضية وشعرت بمرارتهم من هذا السلوك الغريب.
>>>
وحتى لا تختلط الأوراق نؤكد أن هذه الحفاوة الدولية بالأزهر، ومشاعر الحب والتقدير فى نفوس المصريين تجاه الأزهر وعلمائه لا تعنى السكوت على أوجه القصور أو التغطية على تجاوزات أو قرارات وسياسات خاطئة.. فالأزهر مثل كل مؤسسات الدولة يحتاج إلى تقويم وتنبيه للأخطاء والتجاوزات إن وجدت.. والمسئولون فى الأزهر لا يدعون الكمال والمثالية وكل ما يرجونه أن يكون النقد موضوعيا ويستند لحقائق ومعلومات وبيانات صحيحة.
يجب أن نفرق بين النقد بهدف التقويم والإصلاح.. وتوجيه الاتهامات للأزهر جزافا بهدف التشويه وإلقاء الغبار على هذه المؤسسة العريقة وطمس جهودها والتقليل من شأنها.
الأزهر كان ولايزال من مؤسسات مصر العظيمة التى تضيف جديدا كل يوم لاسم مصر ومكانتها ولا يجوز السماح لأحد داخل مصر بإلقاء الغبار على وجه الأزهر وعلمائه وتشويه صورة كفاحه وعرقلة جهود إصلاحه استناداً لمزاعم وافتراءات ومفاهيم مغلوطة، فالأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة التى ينبغى أن نسعى إلى تطوير أدائها وعلاج أوجه القصور بها وليس إلى هدمها وتشويه صورتها فى عيون عالم خارجى ينظر إليها بعين الاحترام والتقدير، وفى عيون شعب يقدر الأزهر وعلماءه ويفتخر بأنه ينتمى لمصر بلد الأزهر.