أحسنت كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بالقاهرة صنعا عندما خصصت مؤتمرها السنوى هذا العام للحديث عن «دور مشايخ الأزهر فى خدمة العلوم الشرعية والعربية» فدور الأزهر وعلمائه فى حياة المسلمين فى العالم عامة، وفى حياة المصريين على مر العصور؛ يمثل ميزان الوسطية والاعتدال، فالأزهر كان وسيظل قبلة الاعتدال والتسامح الدينى مهما حاولت قوى الباطل والدجل الفكرى التقليل من شأنه وإلقاء الغبار على رسالته.
ستظل شعوب العالم الإسلامى ترتبط بالأزهر وتهفو لتعليم أبنائها به، أو التدريب والتأهيل على يد علمائه الكرام وأعداد الوافدين من أبناء العالم الإسلامى خير دليل على ذلك.. وسيظل المثقفون والمفكرون المعتدلون فى مختلف قارات العالم يتعاملون مع الأزهر وعلمائه بكل احترام وتقدير لأنهم أصحاب فكر وثقافة حقا وليسوا من نوعية هؤلاء الغوغائيين الذين يتحدثون بلا علم وبلا وعى وبلا ضمير حى فى الشأن الديني.
دور الأزهر وجهوده فى نشر قيم التسامح الدينى وتحقيق أسمى صور الإخاء الإنساني، وتجسيد الصورة الصحيحة للدين الوسطى الذى يرفض كل صور الاكراه والعنف فى نشر دعوته بين الناس.. ستظل هى الصورة السائدة فى أذهان المثقفين الحقيقيين داخل مصر وخارجها، وستظل الصورة السائدة والمسيطرة على أذهان المصريين الذين يتعاملون مع الأزهر وعلمائه بما يستحقون من احترام وتقدير.. أما هؤلاء الذين يكيدون للأزهر ويحاولون إلصاق النقائص به ويتهمونه بما ليس فيه، أو يبحثون عن ثغرات فى جهود بعض المنتسبين إليه للنيل من سمعة الأزهر فلن ينجحوا فى مسعاهم فقد فشل سلفهم من أدعياء الفكر والثقافة لأنهم يفتقدون الموضوعية والأمانة ولا يمتلكون شيئا من الفكر السليم والعلم الصحيح والأمانة العلمية.
لذلك.. نحن مطمئنون الى أن فى مصر حراساً للدين والعقيدة والثقافة الإسلامية الصحيحة مسلحون بالعلم والثقافة يذودون عن دين الله بوعى وصبر واحتساب وسيظل هؤلاء العلماء والدعاة الأفاضل محل ثقة المصريين ودعمهم طوال الوقت.
>>>
من الغريب والمدهش أن يشيد العديد من قادة ومفكرى العالم بالأزهر وشيخه؛ بينما يقوم بعض أدعياء الثقافة فى بلادنا بالتطاول على الأزهر والتشكيك فى قدرات علمائه، بل والأقبح أن بعض هؤلاء يعتبرون سفاهاتهم الفكرية من البطولات الوطنية التى ترقى بمكانة مصر، وتسهم فى تقدمها واستقرارها، ويستغل هؤلاء بعض العناوين البراقة والخادعة لكى يوجهوا سهامهم المسمومة ضد الأزهر، ونسوا أن رصيد هذه المؤسسة الإسلامية العريقة يتضاعف فى نفوس المصريين كلما صوبت إليها سهام النقد والتجريح من جهلاء بالأزهر ورسالة علمائه.
المشكلة الأساسية تكمن فى عدم قدرة هؤلاء على فهم رسالة الأزهر الحقيقية، كما يفتقدون القدرة على المواجهة الفكرية، ولذلك تراهم دائما يطلقون الأحكام العشوائية ثم ينصرفون هاربين قبل أن يناقشهم أو يرد عليهم من يدركون حقيقة ما يقوم به الأزهر على المستوى التعليمى والدعوى والبحثى فى مختلف العلوم الشرعية، وما يحققه من مكاسب لمصر.. أدبية وأخلاقية لا تعوضها مكاسب مادية من هنا أو هناك.
>>>
لا أحد يزعم أن الأزهر قد أصبح مثاليا.. فقد أعلن شيخه أكثر من مرة أن حركة التطوير والتجديد والمراجعة فى الأزهر بدأت قبل سنوات ولن تتوقف حتى تكتمل الصورة ويتحقق الهدف.. لكن من يتصدون لتقييم دور الأزهر فى حياتنا المعاصرة يطلقون أحكاما عشوائية متسرعة ثم يهربون من ساحة المواجهة.
مصيبة أدعياء الفكر والثقافة أنهم يريدون أزهرا ممسوخا بلا هوية دينية.. يريدون أن يسير الأزهر فى ركابهم ويساير شطحاتهم الفكرية.. وهذا لن يحدث فالأزهر كان وسيظل قبلة المسلمين الفكرية والثقافية وسيظل شيخه رمزا للوسطية والاعتدال، وسيظل علماء الأزهر يؤدون رسالتهم الفكرية والثقافية وفق منهج الإسلام الوسطى ويواجهون التطرف بكل صوره وأشكاله.. سواء أكان تطرفا فى فهم رسالة الأديان، أو تطرفا ضد رسالتها، فالأزهر لا يواجه المتطاولين على الإسلام فقط، بل هو يواجه كل صاحب فكر منحرف يوجه سهامه ويمارس جهله ضد الأديان السماوية جمعاء.