اقرأ مسابقة سنوية للقراءة أطلقها مركز الملك عبدالعزيز الثقافى العالمى (إثراء) عام 2013م بهدف نشر ثقافة القراءة، وتقدير المعرفة فى المجتمع، وغرس مفاهيم الاطلاع والإنتاج الثقافى المكتوب باللغة العربية، إيمانًا بأهمية القراءة بوصفها واحدة من أهم وسائل الإثراء المعرفى للأجيال القادمة.
عبدالله شريف الفائز طالب الأزهر ابن محافظة دمياط فاز بالمركز الأول ولقب مناظر العام ليصبح أول مصرى يفوز بتلك الجائزة بعد رحلة تصفيات امتدت ٨ أشهر، عبدالله تخرج فى كلية الشريعة والقانون باللغة الإنجليزية هذا العام.. يعتبر والده صاحب الإبداع الحقيقى فى حياته حيث قام بمساعدته على شراء أول كتاب فى حياته ودعمه حتى أصبحت القراءة متعته الوحيدة فى الحياة.. طموحات عبدالله غير محدودة حيث يأمل أن يصبح أحد رموز الفكر الثقافى فى المجتمع.. قدوته الثقافية الرافعى ونجيب محفوظ.
> ماذا تستهدف هذه المسابقة؟
>> المسابقة تستهدف المعنيين بالثقافة والفكر من طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية العليا والمتوسطة والثانوية والجامعية أو ما يعادلها فى الدول العربية، حيث يقدم الطالب للمشاركة فى المسابقة بمراجعة كتاب من اختياره، ويحكى تجربته الملهمة معه، ويتدرج المشاركون عبر عدة تصفيات للتأهل إلى ملتقى «اقرأ» الذى يُقام فى مركز إثراء ويجتمع فيه أفضل القراء المشاركين من العالم العربى لخوض تجربة ملهمة وصانعة للتحول، ويتأهل أفضل المشاركين فى الملتقى الإثرائى إلى الحفل الختامى للتتويج بلقب قارئ العام.
> ما هى آلية الاشتراك فى المسابقة؟
>> تقدمت للمسابقة على الموقع المخصص لذلك وقدمت تلخيصاً لكتاب الحرافيش لنجيب محفوظ لتتم التصفية الأولية أونلاين على يد متخصصين فى الثقافة وتوجهت فى التصفية الثانية إلى السعودية بمقر مركز «إثراء» بمنطقة الظهران لاختيار أفضل 30 شخصاً على مستوى الوطن العربي، واستمر التنافس أسبوعين، وكانت تلك الفترة تأهيلا ثقافيا وفكريا على يد محاضرين متخصصين فى الوسط العلمى والثقافى وتضمنت مناقشات فكرية وثقافية مثمرة، حيث قام كل متسابق بكتابة نص أدبى حتى يحصل على تقييم اللجنة، وبعدها تم اختيار أفضل 10 متسابقين وفى الحفل الختامى الذى أقيم مطلع الشهر الماضى حصلت على اللقب والجائزة وسط منافسة شرسة من مشاركين ناطقين باللغة العربية فى مختلف الدول العربية والأوروبية حيث كان هناك مشاركات من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
> ما معنى لقب مناظر العام؟
>> لقب مناظر راجع إلى قيام إدارة المسابقة بتقسيم المتنافسين إلى فريقين وتحديد موضوع التنافس، وقد تم تحديد موضوع هذا العام عن الكتب التى تروج للمعارف الزائفة، وتم إجراء مناظرة بين فريقين مؤيد وآخر معارض، وصدر حكم لجنة التحكيم بناء على اللغة وقوة الحجج والأداء، إضافة إلى تقييم شامل طيلة فترة المسابقة، ولا أنكر أن دراستى بكلية الشريعة والقانون باللغة الإنجليزية أفادتنى فى انتقاء مهارة الأسلوب وصياغة واختيار الكلمات، ومعرفة مواطن الضعف لدى مناظرى حتى أستطيع أن أقوم بالرد عليه فى تلك النقاط مستعينا بقوة الأدلة التى يدعمها المرجعية التاريخية والثقافية والفلسفية، وذلك لم يأت مصادفة أو مجاملة لأن المسابقة والقائمين عليها لا يعرفون سوى التميز، والمعيار الثابت فى التقدم إلى القمة يعتمد على المعرفة والثراء الثقافى القائم على أسس وجذور ممتدة وليس مجرد قشور سطحية، فالنقاشات والمناظرات كانت تمتد إلى المناهج ولا تقف عند أبواب القضايا الخارجية، فكانت مطحنة ثقافية وفكرية ولغوية شاملة كاملة لا ينجو منها سوى من كان يملك أسلحة ردع قوية.
> وماهو دافعك لإتقان القراءة فى الروايات والدراسات الأدبية رغم أن دراستك بالإنجليزية؟
>> قرأت عشرات الروايات بالإنجليزية وقرأت المئات بالعربية فأنا موقن أن العربية لغة الضاد لغة الأسرار والأنوار، وأنا أسير فى حياتى وفق منهجية أن مجموع الإنسان عبارة عن ترجمة لما قرأه خلال حياته، وهناك مقولة أرددها حينما أتعرف على شخص جديد فاطلب منه أن يخبرنى ما يقرأ حتى أقل له من هو، فالقراءة تساعد فى توسعة مدارك الفهم واستيعاب العالم، كما أن المنطق يقضى بأن تحقيق أهداف الحياة ناتج عن تكوين الإنسان الفكرى والثقافى والاجتماعى حتى فكرة تكوينه الاقتصادى عبارة عن تجارب وعلاقات فمن أراد أن يكون له أثر أو ذكر عليه باكتساب المعرفة.
> هل شاركت فى مسابقات ثقافية قبل ذلك ؟
>> شاركت فى مسابقات تحدى القراءة العربى بموسمها الثالث وكنت ضمن العشر الأوائل على مستوى الجمهورية وحصلت على المركز الثامن فى المشروع الوطنى للقراءة بموسمه الثاني، كما حصدت جائزة أبوالأسود الدؤلى فى حفظ القرآن الكريم بالكويت، ولا أنكر أن والدى هما أصحاب الفضل فى كل نجاح أحققه، وهذا راجع إلى مجهودهما، ووالدى هو البوصلة التى أحدد بها اتجاهاتى وأول من قرأ معى فى سن السابعة عندما كان يأتينى بقصص الأنبياء والصحابة، وكان يترك لى حرية اختيار الكتب، ويساعدنى على تخصيص ساعة يوميا انعزل فيها تماماً عن العالم للقراءة فى كل المجالات، وتعمقت فى كتب الأدب والرواية حتى أصبح أديبى المفضل مصطفى الرافعي، وكاتبى المتميز نجيب محفوظ، وكلاهما يبحثان عن العمق فى الكتابة والمعنى درجة الاستغراق داخل مكنون النفس.
> بماذا ساعدك تكوينك الأزهري؟
>> دراستى فى الأزهر شعرت فى بدايتها بالصعوبة وأن مناهجها ثقيلة ووقت طالبها لا يسمح له بأن يتعرف على العالم الخارجي، لكن فى الحقيقة فإن الدراسة بالأزهر تساعد فى بناء الشخصية الفكرية من خلال البناء المعرفى بدراسة علوم القرآن وقواعد الفقه والأصول التى تعطى الدارس الترتيب العقلى والمنهجي، حتى أنها تفيد الطالب الدارس فى تهذيب سلوكه الشخصى فى تعامله مع الناس، وشاء الله تعالى أن يقذف فى قلبى محبة الأزهر درجة والانتماء إليه، حتى أيقنت أننى مثل نبتة نشأت فى بستان الأزهر، ارتويت من نهر معيته، ومن نور الأزهر تفتحت عيون عقلى على تعلم الأدب وحفظ المعلقات ودراسة البلاغة ودراسة الفقه واللغة، فالأزهر لى حياة كاملة المعني.
> هذا العشق للعربية وآدابها يجعلنا نسأل لماذا اخترت دراسة الشريعة والقانون بالإنجليزية؟
>> المفاجأة أننى كنت طالباً فى القسم العلمى بالثانوية الأزهرية، والمفاجأة الكبرى أننى حصلت على مجموع يؤهلنى لدخول كلية الهندسة، لكننى آثرت دخول كلية الشريعة والقانون واخترت اللغة الإنجليزية لعدة أسباب حتى تتوثق علاقتى باللغة بصورة أكبر من خلال مطالعة المراجع القانونية والثقافية بمفرداتها الواسعة المتخصصة الشاملة بما يساعدنى على اقتحام مجال الدعوة فى المراكز الإسلامية مستقبلا، كما أننى اخترت الشريعة دون ما سواها وكلها مثل أزهار فى البستان، لأننى موقن أن الشريعة هى باب الدخول إلى الأزهر وما دونها يخدم منهجها، فقد تأثرت بقول الإمام الشافعى «العلم علمان علم الطب وعلم الفقه» فدرست الفقه وأصول الشريعة الإسلامية وأصول الاستنباط والأحكام ودرست اللغة فأنا عندى شغف لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ولا يقف طموحى عند اعتلاء جائزة بل أن أصبح أحد رموز الثقافة والفكر، لكنه لا يزال فى مرحلة المدخلات العقلية وقراءة الكتب.