فى مقابل، مشروع «أمريكي- إسرائيلى»، هدفه تهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة والضفة الغربية، وإعادة توطين الفلسطينيين، نجحت الجهود «العربية- الإسلامية»، التى قادتها «الدبلوماسية الرئاسية المصرية»، ووصل صداها إلى العالم، وأدى إلى تعاطف دولى كبير، «رغم الضغوط»، وعندما أعلنت «القاهرة» من البداية أن تهجير وإعادة توطين الفلسطينيين «خط أحمر»، كانت تعى وتدرك «ماذا تقول»، وقالت صراحة: «سيناء مصرية وغزة فلسطينية»، ولا غير ذلك.
الواقع يقول أن مشروع التهجير، من أهم أحلام الحركة الصهيونية، وفى كتاب «صوت القدس»، للأديب الانجليزى يسرائيل زانجويل «صديق هرتزل»- قال: «يتوجب علينا أن نقنعهم بلطف ان يرحلو نحو البادية، ومن عادتهم طى الخيمة والتسلل، لندعهم يفعلون»، وفى أكتوبر من العام 2023، أصدرت وزارة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تقريرا عالجت فية كيفية التعامل مع سكان غزة، بما يحدث تغييرا عميقا وجذريا فى القطاع ويحقق أهداف الحرب، وضمن الخيارات التى اقترحها التقرير خيار «إجلاء السكان» ضمن مشروع متكامل حدد كيفية التنفيذ والتمويل لإنشاء مدن خيام فى دول الجوار، ثم مدن فى مناطق إعادة التوطين ومناطق عازلة فى المناطق الملاصقة للحدود، وفى نفس الاتجاه روجت الولايات المتحدة والغرب للفكرة «الحلم»، بهدف توسيع رقعة دولة الاحتلال وسيطرتها على مزيد من الأراضى وكسب ود الصهاينة الانجيليين وتصفية القضية الفلسطينية وتصدير المشاكل لدول الجوار.
لكن الموقف المصرى الحاسم الرافض للتهجير وصمود الشعب الفلسطينى وتمسكه بأرضه، أفسد المخطط وأشعل الغضب الإسرائيلى الذى نتج عنه عودة العدوان على غزة بوحشية.
يقول الدكتور أحمد يوسف أحمد استاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، إن الشعب الفلسطينى، سواء فى غزة أو الضفة الغربية، يواجة تحديات التهجير، وسلاحهم الرئيسى التمسك بأرضهم، وفى بعض الأحيان يحدث النزوح الإجبارى لسكان الضفة الآن، كما كان يحدث لسكان قطاع غزة، عندما كان الاحتلال يجبر أهل الشمال للنزوح إلى الجنوب والعكس، والحقيقة أن الشعب الفلسطينى لم يتقاعس.
صمد أهل غزة حتى الهدنة الأخيرة ومازالوا، فى مواجهة مخطط التهجير سواء «القسرى أو الطوعى»، ولكن هذا الشعب الصابر يحتاج الى الدعم، وأول مصادر الدعم، كانت ومازات مصر ، كما يجتاح الأمر دعم من السلطة الفلسطينية، وعليها تبنى مواقف دبلوماسية تسلط فيها الضوء على القضية وتحشد قدر المستطاع فى المجتمع الدولى، من أجل إيقاف محاولات التطهير العرقى.
وأضاف: «هناك مسئولية على الدول العربية والإسلامية، فى الضغط على الغرب وإسرائيل ولا يجب أن يقتصر على الضغط الاعلامى وهذا لا يكفى، ولكن لابد من اللجوء إلى أسلوب الدبلوماسية الخشنة،مثلما تفعل مصر من خلال والعمل على كشف وفضح إسرائيل وجرائمها ضد الفلسطينيين من «قتل وتدمير وتجويع»، وحشد الضغط الدولى ضدها».
فضح الممارسات
يقول الدكتور أحمد يوسف أحمد، إنه توجد صعوبات، بسبب الموقف الامريكى الداعم والمساند لإسرائيل «دبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا»، ولكن يجب ألا يثنينا هذا عن فضح الممارسات الإسرائيلية، وأمامنا مثال قوى لنجاح المحاولة، حيث رفضت مصر بوضوح التهجير، فأصبح الحديث من مبادرة التهجير الأمريكية «خافت»، وتراجع «تكتيكيا».
وأشار، إلى أن التهجير القسرى، هو جريمة حرب والقانون الدولى يعاقب مرتكبيها واتفاقية جنيف الرابعة تحظر نقل السكان بالقوة وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية التهجير القسرى جريمة حرب، وتؤكد قرارات الامم المتحدة على حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة إلى أراضيهم، والمعركة شاملة والصراع شامل ولا يجب الاستخفاف بأى أداة، ولا يجب أن نتقاعس عن طرق أى باب.
تحديات وتضحيات
السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق: «يؤكد أن لا يجب افتراض، أن موضوع التهجير للشعب الفلسطينى من قطاع غزة والضفة الغربية تم التخلى عنه، والشعب الفلسطينى استفاد من تجربة نكبة 1948 وطوال السنوات الماضية راسخ فى أرضه، سواء الضفة الغربية أو قطاع غزة رغم التحديات والتضحيات التى يقدمها».
وأضاف: «يبدو ثبات الشعب الفلسطينى على أرضهم واضح، وشاهده العالم، ورغم الدمار إلا أن أهل غزة متمسكون بالاستمرار والبقاء على أراضيهم، لأنه شعب يدرك أن صموده وصلابته هى أهم أسلحته فى مواجهة مخطط التهجير».
لم يتراجعوا
وقال، السفير هريدى: «علينا إدراك، انه رغم بيانات تراجع ترامب عن مشروعه فى غزة، أن هناك لجانا إسرائيلية تعمل على هذا المشروع، منها وزارة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، التى اصدرت تقريرا عالجت فية كيفية التعامل مع السكان فى غزة، وكان ضمن الخيارات الثلاثة التى اقترحها التقرير خيار اجلاء السكان عن القطاع، متداركا الأخطاء التى سبق طرحها فى مشروع العام 1953، ومشروع ايجال الون، وخطة كنيدى بدعم خطة توزيع 200 ألف لاجىء من قطاع غزة حول العالم، وخطة شارون، ومشروع وزارة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجديد متكامل محدد فيه برنامج التنفيذ ومصادر التمويل وتقديم المغريات والحوافز للتنفيذ، وهذا خير دليل على التصميم والحصار الذى يتم فرضه على غزة».
وشدد، على عدم تراجع مشروع التهجير، بل يحاولون أن يكون طوعيا، ولهذا فمصر أول من أدركت هذا المخطط فتتحدث عن رفض التهجير أيا كانت صوره قسريًا أو طوعيًا لأنه فى النهاية تهجير وتصفية للقضية ولهذا القضية الفلسطينية، تواجهة اختبارا مريرا وقاسيا، ولو ظلت الأوضاع على حالها، فالتهجير يمكن أن يتم على مراحل وتدريحيا وتقدم المزايا بحيت يأتى قرار التهجير طوعيا، ليتوافق مع القانون الذى لا يمنع أى مواطن من حرية اختيار مكان عيشه.
الخيارات صفرية
وقال، الدكتور أيمن الرقب السياسى الفلسطينى وأستاذ العلوم السياسية، أن الخيارات أمام الفلسطينى «صفرية»، فلم يبق أمامه سوى التمسك بالبقاء على أرضه واستمرار العيش فيها وتطويع المصاعب والتعايش مع تحديات البقاء، وللأسف الظروف معقدة ولا سبل للحياة الكريمة ولا أمل فى الحياة ولكن الوجود فوق أرض فلسطين، هو طريق الإجهاز على مخطط التهجير، بشرط أن تقوم الإنسانية والضمير الإنسانى، بتوفير الاحتياجات الأساسية والمساعدات الإنسانية من «ماء وطعام وغاز ودواء» لسكان القطاع.
وأضاف، أنه من الناحية الواقعية القرارات التى يتم اتخاذها من الجانب العربى، لا يمكن تنفيذها بالوسائل الدبلوماسية السلمية، وعلى الجانب الاخر تنفيذ القرارات بشان إدخال المواد الإنسانية للقطاع يحتاج الى بعض الخشونة، وهناك تناقض، فالاتحاد الاوروبى، الذى يصدر بيانات يندد بالتهجير، هو نفسه خلال اجتماعة الأخير يؤكد على التعاون الامنى مع إسرائيل والقمة العربية اتخذت قرارات داعمة لفلسطين، فى حاجة إلى آليات تنفيذ.
وهنا لا يمكن إنكار الدور المصرى الذى يمثل منذ البداية قوة داعمة للشعب الفلسطينى فى صموده وهزيمة مخطط إسرائيل رغم الدعم الأمريكى له.
كما جاءت خطة الإعمار المصرية التى حظيت بدعم عربى إسلامى ودولى لتقدم بديلاً جيداً وترد على الإدارة الأمريكية بأن التهجير لن يحل المشكلة ولكن الإعمار هو ما يحل الأزمة ويعيد السلام والاستقرار وبالتالى كشفت مصر حقيقة المخطط.
وقال، د.الرقب: «لدى النظام العربى قدرات كبيرة يمكن توظيفها، منها السلاح الاقتصادى وهذا السلاح ضرورى، وهو أحد الأوراق القوية والتلويح باستخدامة مقابل توفير سبل الحياة الانسانية لسكان القطاع احد اليات اجهاض مخطط التهجير».
وأضاف» د.الرقب»، أن الفلسطينى لا يطلب من أحد يحارب معركته، وعلينا تحمل تبعات ما قررناه، ولا يجب قياس ما تم فى النكبة، واليهود فى 40 دولة، ويؤيد «دولة الاحتلال» 700 مليون فى العالم، والمسألة هنا: «هل الفلسطينى يقبل التهجير من الأساس، وفق مخططات الاستخبارات الإسرائيلية، خاصة مع إغراء البعض بالأمن والرفاهية ورغد الحياة وتهجيرهم الى دول أوروبية غنية مثل «النرويج والسويد وبلجيكا»، وربما يقبل البعض، ولكن الأغلبية سترفض.
شعب صامد
وقال، الدكتور محمد أبوسمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى، أن العدوان الصهيونى المتواصل وحرب الإبادة والتطهير العرقى ضد شعبنا فى الضفه والقطاع والقدس الشرقية، يهدف إلى ارغام ودفع الشعب الفلسطينى للهجره القسرية وطردهم خارج فلسطين المحتلة، الا أن شعبنا صامد وباق على أرضه ويجب على الجميع من أشقاء عرب ومسلمين، تشكيل قوة أو آلية ضغط عربية وإسلامية لفك الحصار عن الضفة الغربية وقطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية والوقود والطعام والمياه وإعادة الاعمار لقطاع غزة، وإفشال مخطط هجرة الشعب الفلسطينى من أرضه وافشال مخطط إفراغ الارض من سكانها الأصليين.
وأضاف «د.أبوسمرة»، أنه منذ بدء العدوان ضد قطاع غزة، قادت وتقود مصر حراكا «سياسيا ودبلوماسيا وأمنيا، واتصالات وجولات ومفاوضات ومشاورات»، من أجل الضغط للتعجيل بإنهاء العدوان ووقف نزيف الدم وحرب الإبادة والتطهير العرقى، ونجحت القيادة المصرية وأجهزتها السيادية وجيشها فى منع العدوان الصهيونى، من تنفيذ مخطط التهجير القسرى والطوعى فى قطاع غزة ووقف وإفشال مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، والتمسك بحق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير والاستقلال والحرية وإقامة دولته الفلسطينية على حدود 4 يونيو من العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية .
كما فرضت مصر خطة الإعمار التى أصبحت تحظى بدعم عربى وإسلامى دولى