فى هذه الأجواء الضبابية التى لا يعرف فيها العالم إلى أين تسير الأحداث والى أى المرافئ سوف ترسو تلك السفن المتصادمة، فى هذه الأجواء المعقدة غالباً ما يستسلم الضعفاء ويتسرب اليأس إلى نفوس وعقول من لم يقرأوا التاريخ جيداً، من استنفدوا طاقاتهم فى قراءة اللحظة الراهنة بكل تفاصيلها ومتناقضاتها، من لم يملكوا إرادة وطنية حقيقية مجردة، لذلك ولأننى قد قرأت تاريخ بلادى وخبرت فضائل هذا الشعب وإمكانيات هذه الأمة، كان إيمانى بالمستقبل وهروبى الدائم إليه.. بعيداً عن تفاصيل اللحظة الراهنة بكل ما فيها من آلام وأوجاع فهناك، وهذا التجاهل ليس هروبا من الواقع لا سمح الله وإنما انطلاق من تعقيداته وتحدياته وصعوباته لا سبيل إلا الهروب والمسارعة إلى المستقبل وهذا الهروب له شروط قاسية وشديدة الصعوبة حيث العمل والعمل والعمل ما الصبر والصبر وصولاً إلى الصبر – حتماً – سأقابل عشاق الأوطان الذين يعملون ولا يتحدثون، هناك – يقيناً – أرائك لا يجلس عليها إلا المميزون.. المبتكرون.. المبدعون، وهناك بالضرورة متنافسون.. متصارعون فالمقاعد محدودة وطالبوها كثر، بيد أن قرار الرحيل ليس له بديل ولن يقبل التأجيل.. إذن هى رحلة خاطفة إلى محطة «المستقبل» كتبت علينا وما اخترناها نستشرف فيها آفاق ذلك المستقبل.. هناك أجواء معقمة ضد الفشل ومسبباته، هناك مساحات للرؤى والآراء والأفكار تستطيع أن تتمدد فى فضاء الإبداع بحرية ودون قيود، فالهروب إلى المستقبل فى رحلة خاطفة كى ألحق بقطار المستقبل وأحجز مقعداً لوطن يملك كل مقومات الانطلاق ليلحق بمقدمة ذلك القطار الوحيد إلى محطة المستقبل، إننى أمثل أمة تعيش وسط تحديات نادرة.. إنها ليست مشكلة بل مشاكل وتحديات مركبة ومن أجل اللحاق بقطار المستقبل لابد من التركيز الواعى دون سفسطات فارغة وجدالات مريبة، بيد أن بنى وطنى وعلى مدار عقود طويلة انشغلوا واختلفوا وانقسموا وتقطعت بهم السبل وربما تسرب اليأس والإحباط إلى الكثيرين منهم وفى هذه الأجواء الملبدة بالغيوم تتأرجح مشاعر الناس بين الخوف والرجاء، الجميع فى حالة عدم رضا والجميع فى حالة انتظار لشيء ربما لن يأتى فى القريب العاجل، ما ينتظره الناس لن يأتى إلا بأيدى الناس وهذا ما يجب أن يعرفه الناس، هم ينتظرون تغييراً شاملاً فى مجمل حياتهم.. السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والحضارية، لقد انتفض هذا الشعب مراراً وذلك من أجل تحقيق طموحاته فى حياة كريمة، لكن الانتفاضة والغضب لم يحققا المطلوب، فتحقيق المطلوب يحتاج إلى استقرار وعمل متواصل وهذا ما ينادى به الرئيس ليل نهار، لذلك لا يجب أن نتوقف عند تلك المحطات «محطات الانتظار» وننزف من ثقوب الإرادة والوحدة والتلاحم الوطني، كل ما جرى كان يجب أن يجرى لكن ما لم يجر ويجب أن يجرى بأقصى سرعة هو الثورة على النفس، طالما أردنا أن ننتقل من مربع التبعية والخمول والفشل إلى مربع الأمل والمستقبل يجب أن تتبدل أولوياتنا وفق الأجندة الوطنية، لقد قررت أن انطلق إلى المستقبل متخطياً مطبات الماضى وإخفاقات الحاضر، فنحن فى مرحلة الإعداد والتجهيز لجدول أعمال مصر نتوقع العديد من المطبات والحواجز التى قد تواجهنا، فيجب أن نعد العدة للتعامل معها بأقصى سرعة، التفاصيل المزعجة تصنع مستقبلاً باهتاً، أما القفز فوق تلك التفاصيل والنظر من أعلى نقطة، فإن هذا يجعلنا أصحاب رؤية حقيقية فيما يجب أن نكون عليه.