دعت شريعة الإسلام إلى ثلاثة مستويات من التشريعات التى يجب على المسلم أن يتحقق منها.
المستوى الأول: العقائد المبنية على توحيد الله تعالى.. والإيمان بالرسل والأنبياء وبالملائكة والكتب المنزلة وبالقدر خيره وشره وباليوم الآخر..
والمستوى الثانى: الشرائع أو العبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج والفرائض والنوافل.. وهذان المستويان هما علاقة خالصة بين العبد وربه.
المولى تعالى يتقبل من عباده المتقين المخلصين.. أما المستوى الثالث: فهو مستوى السلوك والأخلاق وهو علاقة بين الإنسان والكون وليس محصوراً بين المسلم وأخيه ولكن فيما بين الإنسان وأخيه .. فالأخلاق هى ثمرة العقائد والعبادات والنبي- صلى الله عليه وسلم- حدثنا عن الأخلاق وأهميتها.
وعن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن مكارم الأخلاق من أعمال أهل الجنة.. فعبر عن مقاصد الشريعة الإسلامية وثمرتها منحصرة فى مكارم الأخلاق.
وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن مكارم الأخلاق من أعمال أهل الجنة».
فكثير منا يهتم بجانب الشرائع والالتزام بالمظاهرات الإسلامية لكن مع ذلك انتشرت بيننا كثير من الأمراض الخطيرة مثل الغضب والتسرع فى الحكم على الآخرين وتحقير الآخرين والتنابز والنظر إلى عيوبهم والتركيز على السلبيات دون الإيجابيات.
ومن الأمراض الأخلاقية الخطيرة مرض السخرية والنقد اللاذع وتحقير الآخرين وغير ذلك من الأمراض الخطيرة التى كانت موجودة على نطاق ضيق ثم ازداد انتشارها واشتدت ضراوتها.. مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعى التى يستعملها بعض الناس دون مراعاة القيم والأخلاق، وشيوع الأمراض الأخلاقية يؤدى إلى التباغض والتخاصم والفرقة بين الناس وله آثار وخيمة على المجتمع وعلى العلاقات الإنسانية بشكل عام.
إن مرض السخرية والاستهزاء والاستهانة وحده الذى تجاوز كل الحدود المعقولة وأصبح لازمة من لوازم الشباب ومنشوراتهم فى هذه الأيام ويقطع بين الأجيال وبعضها فقال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم.. ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن
ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب.. بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون».. فالسخرية تدل على الكبر والاستعلاء.. وهى ليست من صفات المؤمن.
نحن بحاجة إلى ثورة أخلاقية تعيد إلينا الاحترام وتنشر المحبة والرحمة وتعيد إلينا دفء الأسرة.. والعلاقات الطيبة والصداقات.
نحن بحاجة إلى أن نوقف نزيف الأخلاق والقيم الذى يزداد يوماً بعد يوما نحتاج أن نعيد الأخلاق إلى مناهجنا التعليمية.. وأن نجعل الأخلاق والسلوك القويم منهج حياة ينقله المعلم والواعظ والآباء والأمهات إلى الأجيال الناشئة.
وإن الاستهانة والتهوين من انتشار الأمراض الأخلاقية لا يقل جرماً وخطورة عن التهديد من انتشار الأمراض والأوبئة فبالقيم والأخلاق تبنى الأمم.. وتشيد الحضارات وتتقدم البلاد.
كما قال شوقى رحمة الله:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا