«هل تريد إسرائيل دخول لبنان من أجل البحث عن رهائن آخرين لتحريرهم، كما زعمت فى حرب الإبادة التى ترتكبها فى غزة، إنها تصرفات عبثية، لا نعرف ماذا يقصد منها، فلا يوجد أى مبرر لدخول الأراضى اللبنانبة».. تلك الكلمات قالها أحد المراقبين الأمريكيين، رفضا لما تفعله إسرائيل من تصرفات حمقاء وبكل غطرسة.
وأزعم أن الإجابة عن هذا التساؤل لا تخرج عن ثلاثة أمور، أولها أن إسرائيل تريد تحويل أنظار العالم عن جرائمها فى غزة المستمرة منذ عام، وأصبحت تواجه الكثير من الرفض العالمى لممارساتها المجنونة بآلتها العسكرية، لكنها تجد الكثير أيضا من التأييد الأمريكى والغربي، والسكوت والصمت من بعض الذين أصيبوا بالخرس تجاه ما تراه عيونهم كل لحظة من إبادة للشعب الفلسطيني، واظن أن الكيان الصهيونى نجح فى تحقيق هذا الهدف وتحولت كل العيون والاهتمامات إلى ما يحدث فى جنوب لبنان، سواء من تحركات سياسية أو اهتمامات إعلامية، رغم أن ما يحدث فى القطاع من قتل وإبادة وتجويع مازال على وتيرته.
والأمر الثانى أن النتن ياهو، وجد ضالته فى إيجاد مبرر لدخول لبنان، بما فعله حزب الله من مناوشات، ليجد هذا السفاح الحجة ليجتاح جنوب لبنان بزعم الرد، ويأتى ذلك فى إطار الوهم العبرى التوسعى الصهيونى بتوسعة حدود الكيان المحتل وخريطته التى يلوح بها بين الحين والآخر.
والأمر الثالث، هو استغلال رئيس وزراء الكيان الصهيونى الفرصة لتحقيق هدفه باتساع رقعة الصراع، ومحاولة جرجرة أطراف أخرى إلى الحرب، بدليل أنه لم يكتف بما يرتكبه فى غزة ولبنان من حماقات، ويحاول التحرش بإيران وسوريا والعراق، وبالطبع فإن اتساع رقعة القتال يصب فى مصلحة الكيان ويحقق له العديد من الأهداف المعلنة والخفية.
وذكرت تقارير أن بريطانيا قدمت نصائح سرية ومساعدات عملية للجيش الإسرائيلى بشأن تقنيات الحرب النفسية والهجمات السيبرانية، وكشفت ملفات مسربة أن اللواء 77 فى الجيش البريطانى أجرى اتصالات سرية مع الجيش الإسرائيلي، وجرت مناقشة الإستراتيجية والتكتيكات.
وتستخدم السرية البريطانية العمليات النفسية ووسائل التواصل للمساعدة فى خوض الحروب، فهى فرقة متخصصة فى الحرب النفسية، مثل الهجمات السيبرانية والأنشطة الدعائية، وتضمنت العمليات الإعلامية الإسرائيلية استخدام مقاطع فيديو مفبركة وحسابات وهمية على وسائل التواصل للدفاع عن قصف غزة.
وعلى مسرح العمليات فى قطاع غزة، ورغم ما يجرى من استخدام الجيش الإسرائيلى سياسة الأرض المحروقة –كما هى عقيدته – لم يكن الأمر رغم ذلك نزهة لجيش الاحتلال، بل تحول القطاع بالنسبة له إلى كابوس، وكشفت قناة «سكاى نيوز» البريطانية، عن رسالة موجهة إلى نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت من مجموعة من الجنود الإسرائيليين مهددين فيها بالتوقف عن الخدمة إذا لم تتحرك الحكومة للتوصل إلى اتفاق تبادل أسري، موقعة من 130 جنديا كتبوا فيها أن «استمرار الحرب فى غزة لا يؤخر فقط عودة الأسري، بل يعرض حياتهم للخطر أيضا، وإذا لم تغير الحكومة اتجاهها فوراً وتعمل على التوصل إلى اتفاق لإعادة المختطفين إلى منازلهم، فلن نتمكن من مواصلة الخدمة»، وتضم المجموعة جنوداً من الاحتياط والنظاميين الذين قاتلوا فى غزة وعلى الحدود الشمالية.
وكشفت وكالة i24 الإسرائيلية عن أن قوات الجيش فى مخيم جباليا أكدت أن الأنفاق التى أُعلن تدميرها قبل ستة أشهر، عادت إلى العمل ويستخدمها مقاتلو «حماس» بنشاط، وأن عناصرها يقاتلون كما قاتلوا فى بداية الحرب، من حيث عددهم وأسلحتهم وشجاعتهم وجرأتهم فى الوصول إلى قواتنا، ومستوى قتالهم يتزايد ولا ينقص، مقاتلو حماس كانوا منظمين جيداً ومستعدين لدخولنا، وقاموا بتركيب كاميرات مراقبة وفخخوا المنازل وأغلقوا الأبواب».
عموماً فإن الصورة مشوشة، والأجواء ملبدة بالغيوم، والتوتر سيد الموقف.