سألنى أحد الأصدقاء المختصين بملف العلاقات الدولية، ما هو تصورك لشكل المنطقة بنهاية العام الجديد 2025؟ قلت له دون تفكير ربما يكون امتداداً واستكمالاً لما رأيناه فى العام المنصرم، واستطردت شارحًا، بيد أن حجر الأساس لشرق أوسط جديد قد وضع فى العام الماضى وتحديدًا فى اليوم التالى لما جرى فى السابع من أكتوبر، وبالطبع إسرائيل هى من رسمت خطوط وملامح هذا المشروع بمفردها لكن بمباركة غربية وأمريكية كاملة وبصمت عربى شبه كامل، فمداميك العبث الأولية قد وضعت ومن وضعها سيستكملها لا محالة فى ظل حالة ضعف عربى غير مسبوقة.
>>>>
فحركات المقاومة الأساسية المدعومة من إيران والتى حلت محل دول الطوق ذابت وتبخرت وصارت بقايا حركات تحررية لا تملك من أمرها شيئًا، فحركة حماس التى فقدت قياداتها التاريخية إسماعيل هنية ويحيى السنوار وحزب الله الذى فقد قائده حسن نصرالله وصفى الدين والنظام السورى الذى سقط دون إطلاق رصاصة واحدة وانتهى بهروب الأسد إلى روسيا فى مشهد يثير الغثيان المخجل، ومع بدايات العام الجديد سنجد استكمال مشروع جز واقتلاع باقى تلك الحركات، الدور سيكون على الحوثيين فى اليمن والتى ربما تكون شرارتها قد انطلقت قبل ان تنشر تلك الكلمات، والحشد الشعبى فى العراق والذى أراها المهمة الاصعب نظرًا لانتشار قوات الحشد فى مكونات الجيش العراقي.
>>>>
ثم تتفرغ إسرائيل بعدها للعدو الأكبر خلال هذه المرحلة وهى إيران وبرنامجها النووى ومنشآتها البترولية حيث أتوقع ان تبدأ الحرب مع إيران فى الربع الثانى من العام الجديد، وتبقى الصفحة السورية غامضة لأنها مكتوبة بحبر سرى لا يعرفه إلا المقربون من اردوغان ونتنياهو، فالحكومة التى تشكلت من مقاتلين جاءوا من أصقاع الأرض لا يجمعهم إلا مجموعة من الأفكار القطبية المتشددة وان اتخذت اشكالاً مختلفة ومتباينة سواء داعشية او قاعدية برابطة عنق أو بدون! هذه الحكومة فى تقديرى كأنها «ملك يمين» متنازع عليه بين أنقرة وتل أبيب، لكنها ستحصل على دعم مالى خليجى ودعم سياسى أمريكى يجعلها قادرة على لجم التحديات والسيطرة على مقاليد الأمور وتدخل بعدها فى الاختبار الكبير.
>>>>
هل يمكن ان تغير جلدها وتتحول إلى دولة مدنية حقيقية أم أن الجينات القطبية ستكون طافحة ومسيطرة؟.
فإذا نجحت فى الاختبار فهذا يعنى نجاح النموذج الجديد أو الطبعة الجديدة للإسلام السياسى المعدل، وهنا لا بد وان نحاول استشراف مستقبل المنطقة خاصة دول الخليج ومصر والأردن والعراق فى ظل وجود نظام اسلاموى قطبى يصدر الشكل المدني، وإذا فشلت وتحّولت الطائفية إلى أسلوب ادارة وطغى النموذج اللبنانى فسيكون الوضع مأساوياً على المنطقة ايضاً وسنرى «لبننة أو بلقنة للمشهد السوري»، فى كل الأحوال علينا ان نترك الصفحة السورية المكتوبة بمداد سرى كما هى ولا نحاول فك رموزها ونترك للشعب السورى «وحده» إدارة أموره بعيدًا عن التدخل الإقليمى أو الدولى مع ضرورة تحذير إسرائيل من التمدد على حساب السيادة السورية وننتظر ان تجيب الشهور القادمة عن كل اسئلتنا الصعبة والمعقدة والمحرجة والجارحة أيضاً.
>>>>
بيد أن الملف الليبى ربما يشهد جديدًا خلال العام الجديد على صعيد الانتخابات، لكن الملف السودانى ربما ازداد تعقيدًا فى ظل حالة الاستقطاب الحادة على جميع المستويات، ويبقى الصومال ومنطقة القرن الأفريقى فى وضع شديد التوتر نتيجة للتحركات الإثيوبية التوسعية المزعجة فى الإقليم، الخلاصة ان العام الجديد يحمل رياحًا وعواصف نتمنى ان تمر بأقل خسائر ممكنة.