إن ثمرة وجود الإنسان على وجه الأرض هى التى تبقى بعد انتهاء حياته الدنيا. ولهذا يحرص الإنسان المدرك الواعى على ترك أثر وجوده دليلا على حياته وأثرا يبقى له بعد مماته . وأن كل لحظة من لحظات حياته فى هذه الدنيا وما يعمله فيها من خير أو شر يتم تدوينه وتسجيله بكل دقة وأمانة على أن يجنى ثماره عاجلا أو آجلا . وعلى الإنسان أن يقدم من الأعمال والخدمات ما يترك بها من أثر طيب وجميل يذكره الناس به لأن وجود الإنسان فى هذه الحياة الدنيا كشجرة قد تكون مثمرة مفيدة للإنسان والطيور والحيوان وقد تكون غير مثمرة أو تكون ثمارها مرة أو غير مفيدة وفى كلتا الحالتين تكون بلا جدوى، إن الذين لا يدركون قدر الحياة أو قدرهم فى الحياة لا يحسنون التصرف فيها ويضيعون فيما لا طائل تحتها من صغائر الأمور وسفاسف الأعمال، وأنهم فى واقع الحياة أموات بين الأحياء وزيادة فى عدد السكان وهؤلاء كأشجار الحنظلة فى ساحات الحياة، لو قام الإنسان بواجبه وأخلص فى عمله فهو يغرس شجرة المحبة والاحترام لدى الناس، فتقديم المساعدات للناس والعون لهم فى إطار الواجب والاحترام، يترك أثرا لصاحبه فى حياته وبعد مماته أن الإنسان الذى يعيش بنفسه لنفسه لن يكون لوجوده أثر طيب يخلد ذكراه فى الحياة، إن الآثار الطيبة التى يتركها الإنسان بأعماله وخدماته، بمثابة عمر ثان له بعد وفاته، وأن الأثر الطيب هو كنز ثمين يدخره المرء لنفسه ويقول تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» ما يصنعه الإنسان فى مسيرة حياته، وما يتركه من أثر طيب بمثابة إرثه الذى يبقى له بعد رحيله، وهى ما تمثله أفعاله لأن عبادة الفرد مهما زادت أو نقصت فإنها تبقى له، «الدين المعاملة» وتصرفاته وتعامله مع كل من حوله، ويقول صلى الله عليه وسلم ومن أجله وبينه وبين ربه، أما التعامل والمعاملة مع الأفراد والعالم من حولك فهى التى تحدد أثر الدين على الفرد وأثرك على الآخرين من حولك. إن أفعال الفرد وتصرفاته وأخلاقه التى يواجه بها غيره فى تعاملاته هى ما تنعكس وتعود عليه بالنفع له فى حياته وبعد رحيله، وإذا كان إرضاء الناس غاية لا تدرك فإن بالإمكان أن يدرك الفرد بأعماله وأفعاله ومعاملاته مع غيره أن يترك فيهم أثراً طيبا يبقى له على المدى الزمنى إن ما يُميز الأرواح العظيمة هو قيمة وجودها بعد عناقها السماء، وصناعتها للأثر الطيب حتى وهى تفترش مثواها الأخير.
قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم: )إن قامَت الساعةُ وفى يدِ أحدِكم فسِيلَة، فإن استطاعَ ألا تقومَ حتى يغرِسها فليغرِسها(. هذا الغرسُ يُعدُّ أثرًا يبقَى له وللأجيالِ من بعدِه جيلًا يورث جيلا.
وختاما فإننا جميعاً علينا أن نجتهد بقلوب صافية وعطاء خالصا وحبا صادقا لنضع أثراً طيبا ملموسا فى مجتمعنا.. متوجها بدعوة صادقة خالصة لبنى البشر اتركوا اثراً طيبا فى كل خطوة تخطونها وفى كل مكان تقيمون فيه وتعملون به ليُذكر فيه اسمكم بكل خير؛ فالأماكن مجرد محطات والحياة هى المحطة الكبرى وأحسنوا معاملة الناس حتى لو واجهتم يوما من الايام ظلما أو نقدا من أحدهم؛ اتركوا بصمة جميلة فى قلوب الاخرين أينما حللتم وأنشروا الخير واتركوا إرثا طيبا يخلد ذكراكم، وتمنوا للآخرين أضعاف ما تتمنوا لأنفسكم وحاولوا أن تتركوا الرائحة الزكية والذكرى الطيبة فى قلوب من تعاشروهم، واتركوا لمسة جميلة وبصمة واضحة بجبر خاطر أو فك كرب مهموم وصناعة معروف أو حتى بمشورة صادقة أو بسمة فى وجه سائل لكى يبقى اسمكم خالداً للأبد.. حفظ الله مصر
حمى شعبها العظيم وقائدها الحكيم.