عبقرية التخطيط والتنفيذ.. حسمت معركة العزة والكرامة
اقتحمنا خط بارليف.. وحطمنا أسـطورة «الجيـــش الـــــذى
لا يقهر».. بعقيدة عسكرية راسخة
وفى ملحمة التنمية :
600 مليار جنيه غيرت وجه الحياة فى سيناء
وربما جاء يوم نجلس فيه معًا لا لكى نتفاخر ونتباهي، ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلًا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقة مرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله. نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه.. وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاءةب، كلمات خالدة فى قلوب وأذهان المصريين على مر الأجيال، من خطاب النصر التاريخى الذى ألقاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات أمام مجلس الشعب فى 16 أكتوبر 1973، نعيد الاستماع إليها كل عام وعلى مدار نصف قرن مضى بنفس شعور الفخر والاعتزاز كما لو كنا نستمع إليها لأول مرة..ونجحت القوات المسلحة المصرية، فى تغيير مفاهيم الفكر العسكرى فى العالم، بعد القضاء على أسطورة الجيش الذى لا يقهر، وتدمير خط بارليف الذى أكد خبراء العالم أنه يحتاج إلى قنبلة نووية، وأصبحت معركة العبور مرجعًا يدرس فى كل جيوش العالم، فقد كانت معجزة عسكرية بكل المقاييس، لنثبت للكون أن الجنود المصريين هم خير أجناد الأرض.. عقيدتهم االنصر أو الشهادةب.. يضحون بالغالى والنفيس من أجل وطنهم.. فهم رجال وقت الشدة.. يعيشون درعا وسيفا للوطن.. ويموتون شهداء من أجل الشرف والكرامة. ويحتفل المصريون اليوم بمرور 51 عاما على معركة العزة والكرامة أكتوبر 1973 تلك الحرب التى خلقت فيه إرادة فريدة، جعلته يتحدى المستحيل ويصنع المعجزات، فالإرادة كانت ولا تزال أقوى الأسلحة المصرية التى تزيح كل ما يقابلها بكل عزيمة وإصرار.
ورغم مرور ما يقرب من 51 عاماً على النصر العظيم، إلا أن مصرنا الغالية مازالت تنبض بقلب أكتوبر وتستلهم روحه فى العزيمة والعمل والبناء والتخطيط والتنمية ومواجهة التحديات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. ووسط ما تموج به المنطقة من حروب ومخاطر يعانى من ويلاتها الجميع الا انهم عبروا من حافة الخطر والفوضى والضياع إلى بر الأمان والاستقرار بعد انقاذ الوطن من براثن الإرهاب وجماعات التطرف والصمود أمام رياح التمزق والانهيار التى ضربت الاقليم.. فشيدوا وعمروا بلادهم تحت قيادة وطنية مخلصة وجيش قوى رشيد وصنعوا اقتصاداً قوياً قادراً على الصمود أمام ما يشهده العالم من أزمات عاتية أطاحت باستقرار العديد من الدول ليحصدوا نتاج جهدهم أمناً واستقراراً وبناء وتنمية.
ولا يخفى على أحد ان لمصر رجالاً وأبطالاً فى كل مكان وزمان قادرين دائماً على صون الوطن وحماية شعبه ومقدساته وان الجيش المصرى الذى استطاع هزيمة المستحيل وتحقيق النصر مرة قادر على ان يفعلها كل مرة.. فلا تهاون مع معتد ولا تفريط فى حبة رمل.
222 طائرة مقاتلة
دكت حصون ودفاعات إسرائيل
الضربة الجوية.. زلزلت أركان العدو
استطاع المصريون بالتحدى والصمود قلب موازين القوى العالمية بخطة اعتمدت على مفاجأة اسرائيل بهجوم من كلتا الجبهتين المصرية والسورية، وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية الأمريكية لاسترداد الأرض التى احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم موحد مفاجئ يوم 6 أكتوبر الموافق العاشر من رمضان، يوم عيد الغفران اليهودى.
وبدأت مصر الحرب بضربة جوية تشكلت من 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الرادارى للجيش الإسرائيلى مجتمعة فى وقت واحد، استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة فى أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
وعقب الضربة الجوية بخمس دقائق قامت أكثر من 2000 قطعة مدفعية وهاون ولواء صواريخ تكتيكية ارض بقصف مركز لمدة 53 دقيقة صانعة عملية تمهيد نيرانى من اقوى عمليات التمهيد النيرانى فى التاريخ، ثم بدأت عمليات عبور مجموعات اقتناص الدبابات قناة السويس، لتدمير دبابات العدو ومنعها من التدخل فى عمليات عبور القوات الرئيسية وعدم استخدام مصاطبها بالساتر الترابى على الضفة الشرقية للقناة.
وفى الساعة الثانية وعشرين دقيقة أتمت المدفعية القصفة الأولى لمدة 15 دقيقة، وفى توقيت القصفة الثانية بدأت موجات العبور الأولى من المشاة فى القوارب الخشبية والمطاطية وتدفقت موجات العبور بين كل موجة والاخرى فاصل 15 دقيقة وصولا الى عبور 8 موجات من المشاة حتى الساعة الرابعة والنصف مساء حتى أصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقى للقناة خمسة رؤوس كبارى فى الوقت الذى كانت قوات سلاح المهندسين تقوم بفتح ثغرات فى الساتر الترابى لخط بارليف، وحين فتح الثغرات قامت وحدات الكبارى بإنزالها وتركيبها فى خلال من 6-9 ساعات ومع حلول الظلام أتمت عملية العبور حتى أكملت 80 ألف مقاتل مشاة و800 دبابة ومدرعة ومئات المدافع.
نجحت مصر وسوريا فى تحقيق النصر وتم اختراق خط بارليف وتدمير حصونه خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة فى القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت القوات الاسرائيلية من استخدام انابيب النابالم، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر .
القوات البحرية.. عرين الأبطال
تأمين مسرح العمليات فى مياه البحرين المتوسط والأحمر
إغارة بالنيران على الموانئ والمراسى والأهداف الساحلية الإسرائيلية
لعبت القوات البحرية المصرية، دوراً محورياً فى تحقيق نصر أكتوبر العظيم، واستطاعت تحقيق جميع المهام المكلفة بها بنجاح وقامت بمعاونة الجيوش الميدانية فى سيناء سواء بالنيران أو بحماية جانب القوات البرية المتقدمة بمحاذاة الساحل، كما قامت بالإبرار البحرى لعناصر القوات الخاصة على الساحل الشمالى لسيناء، وسيطرت على مضيق باب المندب وباشرت حق الزيارة والتفتيش واعتراض السفن التجارية ومنعها من الوصول إلى ميناء إيلات الإسرائيلى، مما أفقد الميناء قيمته وتم تعطيله عن العمل تماماً، ومن ثم عن طريق البحر الأحمر.
ولعبت القوات البحرية دورًا مهمًا بالتعرض لخطوط المواصلات البحرية الإسرائيلية فى البحرين المتوسط والأحمر بكفاءة تامة، وعلى أعماق بعيدة، مما أدى إلى تحقيق أثار عسكرية واقتصادية ومعنوية على إسرائيل وقواتها المسلحة.
كما نفذت القوات البحرية إغارة بالنيران على الموانئ والمراسى والأهداف الساحلية بإسرائيل وسددت ضربات بالصواريخ والمدفعية ضدها بأسلوب متطور اعتمد على خفة الحركة وسرعة المناورة مع توفير قوة نيران عالية، فيما وفرت تأمين النطاق التعبوى للقواعد البحرية فى البحرين الأحمر والمتوسط وكان له أكبر الأثر الفاعل فى إحباط جميع محاولات العدو للتدخل ضد قواتنا البحرية العاملة على المحاور الساحلية، وساعد على استمرار خطوط المواصلات البحرية، من وإلى الموانئ المصرية دون أى تأثير وطوال فترة العمليات.
وفرضت خمسون قطعة بحرية مصرية سيطرتها على مياه البحرين المتوسط والأحمر اعتبارا من 27 سبتمبر 1973، كما وصلت مجموعة بحرية مكونة من المدمرات والفرقاطات والغواصات إلى مضيق باب المندب بحجة مساندة اليمن الجنوبية، ومع بدء العمليات فى السادس من أكتوبر، وتم إعلان البحر الأحمر عند خط 21 شمالاً، منطقة عمليات وتمكنت البحرية المصرية خلال الفترة من 6 أكتوبر حتى 21 أكتوبر 1973 من اعتراض 200 سفينة محايدة ومعادية.
وقامت وحدات بث الألغام البحرية بإغلاق مدخل خليج السويس، كما هاجمت الضفادع البشرية منطقة بلاعيم ودمرت حفاراً ضخماً، فيما تم قصف منطقة رأس سدر على خليج السويس بالصواريخ، لتصاب عمليات شحن البترول فى خليج السويس إلى ميناء إيلات بالشلل التام، حيث كان الهدف الإستراتيجى للقوات البحرية هو حرمان إسرائيل وقواتها المسلحة من البترول المسلوب من الآبار المصرية فى خليج السويس والبترول المستورد من إيران والذى يصل إلى 18 مليون برميل سنوياً.
ونجحت القوات البحرية فى السيطرة على مسرح العمليات البحرية بامتداد 1600 كيلومتر على السواحل المصرية و400 كم على سواحل فلسطين المحتلة وسيناء لتؤمن أجناب الجيش المصرى الذى يخوض معركة التحرير فى سيناء وتحيط به مساحات مائية هائلة من الشمال والجنوب.
«القوة الذكية»
اللواء طيار د. هشام الحلبى:
كسرنا نظرية الأمن الإسرائيلية.. والأطماع فى سيناء مازالت مستمرة
أحد رموز العطاء وحملة مشاعل التضحية والفداء، فخر الشعب المصرى، الذين أسقطوا أسطورة الجيش الذى لا يقهر وأعطوا للعالم دروسًا فى العسكرية والإقدام.. ولقنوا العدو دروسًا لن ينساها.. إنه اللواء دكتور أركان حرب هشام الحلبى أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية.
قال «الحلبى» فى تصريحات لـ «الجمهورية» إن مصر ورئيسها الراحل أنور السادات سبقت الغرب بسنوات طويلة فى استخدام مفهوم القوة الذكية وهو المزج ما بين القوتين الصلبة والناعمة من أجل هدف واحد ويعد أحدث مفهوم لاستخدام القوة فى العلوم السياسية والاستراتيجية توصل إليه الغرب حالياً.
أوضح «الحلبى» إنه خلال حرب أكتوبر 73 استخدمنا القوة الصلبة لتحرير سيناء وكسرنا أنف العدو المتغطرس وأسطورة الجيش الذى لا يقهر، وبعد الحرب بدأت المفاوضات العسكرية وعملية السلام وهى القوة الناعمة حيث كان قرار الزعيم الراحل فى منتهى الذكاء الاستراتيجى وهو يحسب له وللشعب المصرى الذى وقف خلف قائده.
أضاف أننا كسرنا نظرية الأمن الإسرائيلية بتنفيذ 3 اقتحامات رئيسية هى قناة السويس والساتر الترابى وخط بارليف وقد كانت من الامور المستحيلة فى ذلك الوقت وفقا لخبراء العالم الذين أكدوا أننا فى حاجة للقنبلة النووية لاستعادة سيناء الغالية، خصوصا وأن هناك مانع مائى طبيعى محكم بخطة نيران محترفة وساتر ترابى بارتفاع 20 متر وزاوية ميل 45 درجة ورماله ناعمة جدا وفى قاعدة الساتر أنابيب تصب الـ»نابالم» لإشعال سطح مياه قناة السويس وورائه خط بارليف المزود بنقاط دفاعية حصينة بها مخطط نيرانى متكامل، مشيرًا إلى أنه بعد تحرير الأرض ظلت طابا تحت الاحتلال حتى لجأت مصر للتحكيم الدولى وكان هذا الدور قانونى.
أشار اللواء «الحلبى» إلى أن ملحمة حرب أكتوبر هى انتصار إرادة شعب لم يقبل بهزيمة 67، وعلى الفور بدأت مرحلة بناء القوات المسلحة بسواعد أبنائها الشرفاء والتى استغرقت 6 سنوات فى ظل صعوبات سياسية واقتصادية كبيرة وهو إعجاز لم يحدث من قبل، وكان أمامنا جهود مضنية لإنشاء مطارات جديدة وممرات ودشم وتدريب الطيارين والفنيين وبرغم فارق التفوق العددى والنوعى بين الجانبين إلا أن طيارينا ضربوا أروع الأمـــثلة فى البطـــولة والجسارة، وكانت المعركة التى دارت فوق قاعدة المنصورة الجــوية هى من أكبر وأطـول المعارك الجــوية فى التاريخ الحـديث حيـث شــاركت فيها 180 طائرة من الجـــانبين واســــتمرت 53 دقيقة وكانت نتيجة المعــركة هى إســقاط 4 طائرات مصرية مقابل إسقاط 17 طائرة إسرائيلية وهى نتيجة رائعة بكل المقاييس العسكرية ، ودخلنا حرب أكتوبر بتخطيط استراتيجى محترف مازال يتم تدريسه.
أكد «الحلبى» أن الأطماع فى سيناء ما زالت مستمرة ولكن بأدوات مختلفة من بينها تصدير الإرهاب والإرهابيين ومحاولة فصلها عن الجسد المصرى بإعلانها إمارة إسلامية وتواجه مصر تلك المؤامرات الخارجية بتنفيذ عدد من العمليات العسكرية للقضاء على الإرهاب الأسود ثم المشروعات التنموية الجارى تنفيذها على أرض الفيروز.
قذائف المدفعية..
جحيم فوق رؤوس الأعداء
2000 مدفع تشارك فى أكبر تمهيد نيرانى.. فى تاريخ الحروب الحديثة
لعب سلاح المدفعية دورا مهمًا فى نصر أكتوبر 73 حيث حول سلاح المدفعية مع الساعات الأولى من الحرب الضفة الشرقية للقناة إلى جحيم من نار ممهداً الطريق للقوات البرية للعبور.
وعقب قيام القوات الجوية بتنفيذ ضرباتها القوية وتحقيق 95٪ من أهدافها، وعقب عودتها بدأ أكبر تمهيد نيرانى، فى تاريخ الحروب الحديثة، شارك فيه ما يزيد عن 2000 قطعة مدفعية، والذى استمر ما يقرب من 50 دقيقة، أطلق خلالها أكثر من 200 ألف طن من الذخيرة، على النقاط القوية والحصينة والاحتياطيات ومراكز القيادة والسيطرة لدى العدو، لتقتحم قوات المشاه مانع قناة السويس بأقل خسائر ممكنة، حيث توالت القذائف واحدة تلو الأخرى، تزلزل الأرض، تصيب هدفها بكل دقة وإتقان، حيث استمرت فى دورها لمساندة عمليات الاقتحام وصد العمليات المضادة من جانب العدو، ثم تم تطوير الهجوم لتحقيق مهام الوحدات والتشكيلات التكتيكية، والتعبوية شرق القناة، وتكبد العدو خلالها خسائر فادحة فى الأسلحة والمعدات، مما أدمى قلوب القادة الإسرائليين.
وبعد أن انتقل القتال إلى غرب القناة، شاركت وحدات المدفعية بفاعليات كبيرة، فى منع العدو من اقتحام الإسماعيلية، والسويس ليذكر الكثير من القادة الإسرائيليين، كيف كانت قذائف المدفعية تصب فوق رؤسهم كالجحيم وكيف تفحمت الأسلحة والمعدات بفعل المدفعية والقذائف المضادة للدبابات، ليكرم الرئيس السادات بعد انتهاء الحرب قادة المدفعية على رأسهم الفريق الماحى، قائد سلاح المدفعية فى حرب أكتوبر 1973.
المهندسون العسكريون.. مفاجأة النصر
فتح 70 ثغرة فى خط بارليف.. خلال 5 ساعات
إنشاء 10 كبارى لعبور الدبابات والمدافع والمعدات الثقيلة
تشغيل 35 معدية نقل.. و720 قارباً مطاطياً لعبور المشاة
سلاح المهندسين العسكريين أحد أهم الركائز الأساسية التى اعتمدت عليها القوات المسلحة فى نصر أكتوبر العظيم، وكان أهم مفاجآت العبور، خاصة بعد أن أجمعت دول العالم الصديقة والمعادية على استحالة عبور قناة السويس وخط بارليف، ولكن بفضل من الله وعبقرية أبناء القوات المسلحة نجح المهندسون العسكريون فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى على الضفة الشرقية وتركيب الكبارى الثقيلة والخفيفة لعبور المدرعات والمركبات، وإقامة كبارى الاقتحام لعبور المشاة، وتجهيز وتشغيل المعديات لنقل الدبابات والأسلحة الثقيلة، وتشغيل آلاف القوارب التى حملت عشرات الألوف من أفراد المشاة إلى الشاطئ الشرقى للقناة.
وأكد الخبراء العسكريون على الدور العظيم الذى قام به المهندسون العسكريون تحت سيل منهمر من النيران والقذائف والصواريخ برا وبحرا، حيث نجحت القوات فى اقتحام قناة السويس أصعب مانع مائى فى العالم خلال ساعات معدودة ومواجهة حوالى 160 كيلو مترا بقوة خمس فرق مشاة تتكون من حوالى 80 ألف جندى بكامل معداتهم وأسلحتهم ومركباتهم فى 12 موجة متتالية، مستخدمين المعابر والتجهيزات التى أعدها المهندسون لهم لعبور القناة، ولتعزيز مواقعهم على الشاطئ الشرقى لها فور وصولهم.
وأثبت المهندسون العسكريون أن العقل المصرى وقدرته على الابتكار والإبداع وإخلاصه للوطن يمكنه التغلب على جميع المصاعب والمشكلات، وتم للقوات البرية المصرية اقتحام القناة دون الحاجة إلى تفجير قنبلة ذرية كما أكد الخبراء الروس.
وتم انجاز المهمة فى حرب 73 بفتح 70 ثغرة فى خط بارليف فى زمن يتراوح ما بين 5 إلى 7 ساعات فقط، وانشاء 10 كبارى ثقيلة لعبور الدبابات والمدافع والمعدات الثقيلة، و5 كبارى خفيفة، و10 كبارى اقتحام لعبور المشاة، وتشغيل 35 معدية نقل و720 قارباً مطاطاً لعبور المشاة، وكانت الوحدات الهندسية المكلفة بهذه المهمات 35 كتيبة، وعليها إنهاء المهمات فى زمن قياسى تحت نيران ومدفعية وطيران العدو.
وبعد ساعتين من بدء الحرب وصل حجم قوات المهندسين العسكريين التى عبرت القناة، وبدأت تعمل فوق سطح الساتر الترابى ما يقرب من 15 ألف مقاتل، وفى الموجة الثانية عبر نحو 80 وحدة هندسية مزودين بالمضخات والخراطيم لفتح الممرات فى الساتر الترابى، واتم المهندسون بالجيش الثانى انشاء الكبارى والمعديات فى الوقت الزمنى المخطط، حين كان الوقت اطول بساعات معدودة فى بعض مناطق الجيش الثالث.
عبقرية التخطيط والتنفيذ
اللواء عادل العمدة: عقيدة «النصر أو الشهادة».. كلمة السر
إرادة الشعب وتلاحمه مع جيشــه.. «قـوة» لا يمكن كسرها أبدًا
أكد اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن تكاتف الشعب المصرى ووقوفه خلف قواته المسلحة وأبطالها أصحاب العقيدة الراسخة «النصر أو الشهادة»، كان السبب الرئيسى وراء نصر أكتوبر العظيم، واسترداد أرض سيناء وإنهاء الأسطورة الإسرائيلية «الجيش الذى لا يقهر»، مشيرًا إلى أن جيش مصر للمصريين، يحمى ويصون الأرض والعرض ويسعى دائما لتحقيق آمال وطموحات شعبه العظيم.
وأضاف اللواء العمدة على هامش احتفالات المصريين بذكرى نصر أكتوبر أن تلاحم الشعب والجيش، والاجتماع على هدف واحد، هو استرداد الأرض والكرامة، والتفاف الجميع حول شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، كان سببًا رئيسيًا لهذا الانتصار الساحق، مشيرًا إلى عبقرية التخطيط والتنفيذ لقواتنا المسلحة، التى تعد صمام الأمن والأمان لمصر والشرق الأوسط بأكمله، ووضح ذلك فى مخطط الشرق الأوسط الكبير الذى تحطم على أرض مصر بفضل وعى القوات المسلحة.
وأشار «العمدة»: علينا أن نذكر أن الشعب المصرى وتلاحمه مع قواته المسلحة، لا يمكن لأى قوة مهما كانت أن تحطم إرادته، وأننا فى هذه المرحلة الفارقة من التاريخ، نحتاج إلى روح أكتوبر 73، والوقوف خلف القوات المسلحة فى الحرب على الإرهاب والتصدى لجميع المخططات الخارجية التى لا تريد لنا أمنًا ولا استقرارًا، لافتًا إلى دور القوات المسلحة فى البناء والتنمية رافعة شعار «يد تبنى، ويد تحمل السلاح» حيث أشرفت على تنفيذ العديد من المشروعات القومية والتنموية والحيوية التى ساهمت فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنية وجذب الاستثمارات الخارجية.
أكد اللواء «العمدة» أننا نواجه عدوًا متخفيًا جبانًا مستتراً لا تستطيع أن تراه، وقد حققت قواتنا العديد من النجاحات على رأسها حصار الإرهاب و«خفافيش الظلام»، والتأكيد لقوى الشر أن لمصر قوات مسلحة قوية قادرة على مواجهة التحديات وحماية الوطن أرضاً وشعباً، بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية والتأكيد على المستقبل الواعد لأرض الفيروز المقرر ان تكون قبلة المستثمرين فى الداخل والخارج مشيرا إلى أننا قطعنا شوطًا كبيرًا فى هذا التحدى وان المرحلة القادمة هى مرحلة جنى الثمار، وعلى المصريين المشاركة بالاجتهاد والإخلاص فى العمل كل فى مجاله والوقوف خلف القوات المسلحة التى لعبت دورا هاما فى تحقيق التنمية فى مصر فى هذه الفترة الحرجة من عمر الوطن.
الدفاع الجوى.. لهيب السماء
«حائط الصواريخ» تصدى لأقوى طائرات العالم
إسقاط 25 طائرة.. وإسرائيل تعلن عجزها عن اختراق المجال المصرى
بدأ رجال الدفاع الجوى فى الإعداد والتجهيز لحرب التحرير وإستعادة الأرض والكرامة، مع وصول وحدات الصواريخ الحديثة وانضمامها لمنظومات الدفاع الجوى بنهاية عام 1970.
نجحت قوات الدفاع الجوى خلال فترة وقف إطلاق النار فى حرمان العدو الجوى من استطلاع قواتنا غرب القناة بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى صباح 17 سبتمبر 1971 وتم آنذاك إدخال منظومات حديثة من الصواريخ استعداداً لحرب التحرير، وكانت مهمة قوات الدفاع الجوى بالغة الصعوبة لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس بل يشمل أرض مصر كلها بما فيها من أهداف حيوية سياسية واقتصادية وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ إستراتيجية.
فى اليوم الأول للقتال فى السادس من أكتوبر 1973 هاجم العدو الإسرائيلى القوات المصرية القائمة بالعبور حتى آخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى توالت بعدها هجمات بأعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلة 6/7 أكتوبر تصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات ونجحت فى إسقاط أكثر من 25 طائرة بالإضافة إلى إصابة أعداد أخرى وأسر عدد من الطيارين وعلى ضوء ذلك أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الإقتراب من قناة السويس لمسافة أقل من 15 كم.
فى صباح يوم 7 أكتوبر 1973 قام العدو بتنفيذ هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار ولكنها لم تجن سوى الفشل ومزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب فقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذى كان يتباهى بهم.
كانت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر مما جعل «موشى ديان» يعلن فى رابع أيام القتال عن أنه عاجز عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية وذكر فى أحد الأحاديث التلفزيونية يوم 14 أكتوبر 73 «أن القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها… ثقيلة بدمائها».
«بانوراما أكتوبر»
متحف ومزار عسكرى يجسد ذكرى الانتصار العظيم
حكايات وبطولات
جنود وشهداء 73 بالصوت والصورة
بانوراما أكتوبر أحد أهم المتاحف والمزارات العسكرية التى تجسد ذكرى انتصار أكتوبر العظيم بأحدث الوسائل الفنية والتكنولوجية المتطورة حيث تحكى البانوراما بالصوت والصورة قصص معارك أكتوبر وأهم البطولات والانتصارات لجنود وشهداء 73 الذين حققوا هذا النصر الأعظم فى العالم.
جاءت فكرة «البانوراما» عقب زيارة رئيس الجمهورية السابق لكوريا الديموقراطية عام 1983م وانشئت على يد فنيين كوريين بما يتناسب مع نصر أكتوبر وبطولاته التى حققها شعب مصر وأبنائه على مساحة 31 ألف متر مربع مع وجود منطقة انتظار سيارات بمسطح 6 آلاف متر مربع وقد تم افتتاحها فى الاحتفال بأعياد أكتوبر يوم 5 أكتوبر عام 1989.
ساحة العرض المكشوف عبارة عن منصتين للعرض المكشوف إحداهما لعرض نماذج من أسلحة قواتنا التى شاركت فى حرب أكتوبر 1973، والأخرى لنماذج من الأسلحة التى تم الاستيلاء عليها.. المبنى الرئيسى اسطوانى قطرة 44 م وارتفاعه 27 م، يعلوه برج من الحديد والنحاس، وارتفاعه 10.5 متر، ويحتوى على لوحات جدارية وصور، تمثل أهم الحروب التى خاضها الجيش المصرى على مر العصور، بداية من الحروب التى خاضها القدماء المصريون، مثل معركة الملك نارمر لتوحيد القطرين، والحرب ضد الهكسوس، وانتهاءً بحرب السادس من أكتوبر.. كما يحتوى المبنى على قاعة عرض رئيسية بها مسرح دائرى، يُعرض به أعمال ثلاثية الأبعاد تصور مراحل الحرب، وقاعة أخرى تعرض مشاهد من أفلام حقيقية عن القتال فى ميدان المعركة، بالإضافة إلى قاعة تعرض معلومات ولوحات عن الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة خلال حرب أكتوبر 1973، وقاعة أخرى بها مكتبة تاريخية مزودة بقاعة للاطلاع.. وتعتبر بانوراما حرب أكتوبر من أهم معالم القاهرة السياحية، والتى تشهد إقبالًا متزايدًا فى ذكرى نصر أكتوبر من كل عام، حيث يحرص الكثير من المواطنين على زيارتها، لتعزيز مشاعر الانتماء والفخر فى نفوس أبنائهم، ولمشاهدة المعروضات واللوحات والأفلام التى تنقل الزائر لأجواء تلك الحرب المصيرية فى تاريخ مصر.
صناع النصر فى أكتوبر
المشير أحمد اسماعيل
وزير الحربية فى حرب أكتوبر والشريك الأول فى رسم خطة التدريب للقوات المسلحة
الفريق سعد الشاذلى
رئيس أركان حرب القوات المسلحة 1973 العقل المدبر للهجوم على خط بارليف الحصين
اللواء عبد الغنى الجمسى
رئيس هيئة العمليات قام بإعداد دراسة عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية والذى تم بناء عليها اختيار يوم السادس من أكتوبر
اللواء على فهمى
قائد قوات الدفاع الجوى ومنفذ حائط الصواريخ الذى كان أحد اسباب النصر
اللواء محمد حسنى مبارك
قائد القوات الجوية صاحب الضربة الجوية الاولى والتى كان لها أثر كبير فى ضرب النقاط الحيوية للقوات الاسرائيلية فى سيناء
اللواء محمد الماحى
قائد المدفعية.. إدار معركة المدفعية بجدارة ووجه أكثر من 2000 مدفع بصورة فائقة أصابت اهدافها بدقة بالغة.
اللواء عبد المنعم واصل
قائد الجيش الثالث الميدانى أمر الجنود أثناء حرب اكتوبر بمعاملة أسرى اسرائيل معاملة انسانية وفقا للقانون الدولى للحرب
اللواء كمال حسن على:
قائد سلاح المدرعات.. قام باستلام العريش وتسليم العلم المصرى الى الرئيس أنور السادات لرفعه فوق أول أرض مصرية تستردها مصر عقب الحرب
اللواء سعد مأمون
قائد الجيش الثانى وقائد قوات الخطة شامل التى حاصرت الاسرائيليين فى الدفرسوار
اللواء فؤاد ذكرى
قائد القوات البحرية بحرب 1973 وهو الذى خطط للضربة البحرية التى تحدث عنها العالم كله.. كما كان هو المخطط لعملية المدمرة إيلات