الحلوة قلب كبير يضم الولاد.. وزاد وزوادة وضلة وسبيل
اجتمع البحيرى والصعيدى.. وغنت مصر فرحاً
كيف تحولت مقدمات المسلسل إلى «جواهر»
يسبقه فى البلاد بثمانى سنوات ويلحقه بالموت بعد خمس سنوات وأيام ورا أيام.. لا الجرح يهدى ولا الرجا بينام.. ماشى فى طريق الشوك ماشي، لكن قلبى مطرح ما يمشى يبدد الأحلام، وهكذا جمعت الأيام بين ابن المطرية– دقهلية والمنياوى الصعيدي، تآلف القلب مع القلب على حب مصر.. والحياة والإخلاص لكل كلمة وحرف ونغمة، مع العلم أن المقدمات الغنائية للمسلسلات سواء الإذاعية ثم التليفزيونية بدأت على يد الشاعر عبدالرحمن شوقى والموسيقار سيد مكاوى ثم تليفزيونياً على يد عبدالرحمن الأبنودى والملحن عبدالعظيم عبدالحق بفكرة المخرج نور الدمرداش، لكن اجتماع الثنائى سيد وعماد مع وجود نصوص بتوقيع أسامة أنور عكاشة مع مخرجين من طراز يحيى العلمى ومحمد فاضل واسماعيل عبدالحافظ، ومع إبداعات محسن زايد ومحمد جلال عبدالقوى ويسرى الجندى وغيرهم من قائمة طويلة أخرجوا المارد من محبسه،
ولأننا فى حضرة مايسترو العامية سيد حجاب ولى شرف التعرف عليه أواخر السبعينيات وقت دراستى فى هندسة المطرية جامعة حلوان ووجودى فى اللجنة الثقافية ذهبت أدعوه لندوة بصفتى شاعر الجامعة، وسألنى عما أكتبه وقدمت بعض نماذج، فما كان منه إلا أن قال لى بكل بساطة: ده كلام عادي، لا علاقة له بالشعر!، ونصحنى بقراءة مجموعة كتب سجل أسماءها فى ورقة وأعطانى إياها، ونزلت أهاجمه فى سري، وكان قد دعانى للمشاركة فى ندوة ثقافية لمجموعة شعراء وذهبت واكتشفت جهلى بالكثير مما يقولون من مصطلحات أدبية، وقررت أن أقرأ فقط لسنوات، ولما احترفت الصحافة والكتابة أصبح حجاب من الأحباب أزوره فى بيته وأسمع منه ما يفيد ويضيف إلى حياتى المهنية، وحباً فيه خرجت فى لقاء تليفزيونى وحكيت قصتى واعتذرت له علناً، وفى كل مرة أقابله أجده كما هو بابتسامته وجلبابه البسيط وروحه الحلوة ووطنيته العظيمة، وكيف تخرج أشعاره عبارة عن حبات من اللؤلؤ والأصداف تتجمع فى لوحة بديعة، تعرف صاحبها دون أن تتم الإشارة إليه.
وقد جرت العادة أن يتصل الشاعر أو يقابل كاتب سيناريو المسلسل ويسأل الموضوع بيقول إيه، ثم يكتب المقدمة الغنائية عوضاً عن قراءة 1500 صفحة أو يزيد لمسلسل من 30 حلقة، لكن مع حجاب يقرأ ويغوص فى العمل حتى يجد الشفرة أو كلمة السر، لذلك تجد كل مسلسل له سكة مختلفة، فعندما كتب مقدمة مسلسل «الأيام» عن حياة طه حسين، لعبت على كلمة «العتمة» واستخدمها باحترافية وإحساس بديع باعتبار عميد الأدب هو قاهر الظلام كما أطلق عليه الصحفى والناقد كمال الملاخ، حيث قال:
العتمة صوت والنور بيتواري
وإيش للفجارا فى زمان النوح
ميتة تخطى السور يا نوارة
ويحل عطرك ع الخلا ويفوح
ويشدنا لقدام
أيام ورا أيام
من عتمة الليل النهار راجع
ومهما طال الليل بييجى نهار
مهما تكون فيه عتمة ومواجع
العتمة صوت بيجيب نهار فى نهار
وضهرنا ينقام
أيام ورا أيام.
وقال البحر
قال حجاب عن علاقته بعمار: أنا الشطرة الشعرية وهو الجملة الموسيقية لعمرى وعلى هدى الكلمة والنغمة أشرقت شمس على الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح.
والسؤال هنا: لماذا تفوقت أشعار سيد حجاب وألحان عمار فى تترات المسلسلات أكثر من أغنيات صنعاها لهما؟، لأن مقدمة المسلسل مرتبطة بالدراما التى يقدمها العمل تماماً مثل أغانى الأفلام التى نجحت أغلبها أكثر من الفيلم نفسه، لأنها من وحى موقف، لذلك تعيش.. بعكس الأغنية الوصفية أو التعبيرية ومهما كانت براعة الشاعر فيها لا ترقى إلى أغنية فى إطار موقف له أول وله آخر كأنه قصة مكتملة الأركان.
كتب سيد لأغلب نجوم الغناء فى أجيالهم المختلفة.. وبألحان لموسيقيين كبار بليغ حمدى وميشيل المصرى وياسر عبدالرحمن.
كما لحن عمار كلمات عبدالرحمن الأبنودى وجمال بخيت ومدحت العدل وعبدالوهاب محمد، لكن تظل كلمة سيد مع موسيقى عمار لقاء الحبيب بالحبيب، حتى لا يجتمعان إلا على حب ومصداقية وانسجام فكرى وإنساني، بحيث تتحول الكلمة إلى نغمة، واللحن إلى كلمة، ولا تعرف الفارق بين حجاب وعمار وكأنهما توحدا فى شخص واحد، حتى عندما سبقه الشريعى برحيله نعاه شعراً، فقال:
عمار ياخى روحي
ياروح حرة يا كروان زماني
مع مين أفضفض وأبوح
إذا زمانى رماني
هتروح ورا الريح
وأنوح عليك أنا والأغاني
وازاى يا صاحبي
تروح وأعيش ماشوفكش تاني
خايف يا صاحبى
بموتك يبتدى موتي
ما هى ناس توصل فى ناس
وكلنا مروحين
بس احنا حتى إن رحلنا برضو مش رايحين
هنعيش فى ريم ومراء وفى دندنات الولاد
بغنوة فارشة على ممشى الشقى رياحين
ريم ومراد ابنة سيد وابن عمار.
ولعل أكبر ما يضيء لوحة الشرف فى تاريخ شاعر من نوعية حجاب، وربما أغلى من الجائزة التقديرية وهو يستحق أكبر منها، وقد كان تكليفه بكتابة مقدمة الدستور الوسام الأغلى فى حياة هذا العاشق لتراب بلده، الذى كان نشيده الإنسانى الذى يلخص منهجه فى الحياة:
مين وابن مين
الحياة مايهماش أصلك
تواصل فعله.. ويواصلك
>>>
وتحت نفس الشمس
خوف نفس التراب
كلنا بنجرى ورا نفس السراب
كلنا من أم واحدة
أب واحد
بس حاسين باغتراب
>>>
يا حلوة يا بلدنا
يا نيل سلسبيل
بحبك.. انت رافعة راسنا لفوق
لو الزمن ليك ما يرهبنا ليل
شوقنا فى عروقنا
يصحى شمس الشروق.