لم يكن خطاب مجرم الحرب نتيناهو فى الكونجرس الأمريكى سوى مسرحية هزلية حاول من خلالها الجمهوريون بالمشاركة مع المتطرفين اليهود فى أمريكا التغطية على جرائم الإبادة الشاملة التى ترتكبها إسرائيل بزعامة نتنياهو بحق الشعب الفلسطينى فى غزة منذ ما يقرب من عشرة شهور.. ومخطئ من يتصور أن مشهد التصفيق الحاد لنتنياهو يمثل المجتمع الأمريكى بأسره.. أو أن النواب الذين كادوا يمزقون أيديهم من حرارة التصفيق لمجرم الحرب الإسرائيلى يمثلون كافة نواب الشعب الأمريكى فى الكونجرس.. فقد غاب 80 نائباً من الحزب الديمقراطى عن ذلك المشهد العبثى ولا تصدق أن قائمة «الكابيتول هيل» كانت مليئة عن آخرها بأعضاء الكونجرس.. فقد غاب العشرات من الأحرار الذين رفضوا استقبال قاتل الأطفال والنساء فى غزة وجلس على مقاعدهم مجموعة من «الكومبارس» ممن أطلقوا عليهم «أصدقاء نتنياهو» حتى تبدو القائمة لوسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية وقد اكتظت عن آخرها بالنواب.. وخارج مقر الكونجرس فوجئ نتنياهو بمظاهرة حاشدة من الأمريكيين الذين نددوا بجرائمه البشعة ضد الأطفال والنساء مطالبين بوقف الحرب فوراً ومنع تزويد إسرائيل بالآسلحة الأمريكية الفتاكة وقنابل الإبادة الشاملة التى تقتل الأطفال والنساء .
وصف الخبراء والمحللون نتنياهو رغم موجات التصفيق الحاد بأنه شخص متوتر حاول باستماتة كسب تأييد الأمريكيين فى حربه الوحشية ضد العرب فى غزة ولذلك ركز فى خطابه على توجيه رسائل مهمة للشعب الأمريكى أهمها أن الحرب فى غزة لا تعنى إسرائيل فقط بل تعنى أمريكا أيضاً وربما قبل إسرائيل.. ووصف الحرب الذى جاء إلى الكونجرس بعد غياب 9 سنوات وقد تلطخت أياديه بدماء آلاف الأطفال والنساء العزل فى غزة.. وصف ما يجرى فى غزة منذ عشرة أشهر بحرب بين الوحشية متمثلة فى محور الشر بقيادة إيران ويضم حماس وحزب الله والحوثيين.. وبين الحضارة وتجمع إسرائيل وأمريكا.. ثم حاول نتنياهو أن يلهب حماس الأمريكيين أكثر وأكثر قائلاً: لا نحارب عدونا.. بل نحارب عدو أمريكا.. لا ندافع عن أنفسنا.. بل ندافع عن أمريكا.. أعداؤكم هم أعداؤنا.. وحربكم حربنا.. وانتصارنا انتصار لكم.. ثم ختم خطابه بالإفصاح عن هدفه الأساسى من الزيارة والخطاب وموجات التصفيق الحاد وحملة العلاقات العامة التى أدارها اللوبى الصهيونى لإنجاح الزيارة والتسويق لأهدافها الشيطانية.. قال موجهاً حديثه للأمريكيين: «اسرعوا فى تزويدنا بالسلاح.. حتى نسرع فى تحقيق الانتصار..!!
خطاب نتنياهو امتلأ بالأكاذيب الفاضحة خاصة عندما ذكر أنه سأل رئيس الأركان عن قتلى حماس فى الحرب؟ فأجاب بالمئات، ثم سأله عن القتلى المدنيين؟ فأجاب بالنفي.. وزعم نتنياهو أن حرب غزة من أكثر الحروب فى تاريخ العالم التى لم يقتل فيها مدنيون!!
وبينما كان نتنياهو يصرح بتلك الأكاذيب فى خطابه الآثم الشيطاني.. وقعت ٤ مذابح بشعة فى خان يونس قتل فيها عشرات الأبرياء من الأطفال والنساء على أيدى السفاحين وبأسلحة وقنابل وصواريخ أمريكية فتاكة!!
والسؤال: هل يصدق العالم هذه الأكاذيب؟ هل يصدق الشعب الأمريكى كل ذلك الإفك والضلال؟ طبعاً لا.. فالقنوات العالمية المحايدة ومنها الأمريكية تذيع وتبث على الهواء ومباشرة وعلى مدار اليوم بعضاً من وقائع حية لمذابح إسرائيلية دائمة بحق الأطفال والنساء فى غزة.. ولذلك لم يهاجم نتنياهو إيران التى وصفها بقائد محور الشر أكثر من مهاجمته لمظاهرات الطلاب فى الجامعات الأمريكية ضد حربه فى غزة ومطالبتهم بمحاكمة نتنياهو نفسه باعتباره مجرم حرب ارتكب ومازال يرتكب جرائم إبادة شاملة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.
أيضاً حفلة استقبال نتنياهو فى الكونجرس الأمريكى كانت بمثابة رسالة ردع قوية ضد المنظمات الدولية التى وقفت إلى جانب الحق الفلسطينى وهددت بملاحقة ومحاكمة نتنياهو وأعضاء عصابته بتهمة ارتكاب جرائم إبادة شاملة وعنصرية وخاصة محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
لم يشر نتنياهو أيضاً فى خطابه إلى مبادرات السلام وإنهاء الحرب.. ولا الصفقات التبادلية للأسري.. ولم يتطرق إلى اليوم التالى لوقف الحرب فى غزة.. فهو يثق تماماً فى أن حياته مرتبطة بموت العشرات والمئات يومياً من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.. ولذلك يريد أن يواصل حربه.. وطبعاً حربه لن تستمر إلا بدعم ومساندة أمريكية دائمة وضمان تزويده بالأسلحة الأمريكية الفتاكة.. أما وقف الحرب وتطبيق صفقات تبادل الأسرى فهذا يعنى انتصار حماس وهزيمة إسرائيل.. وهنا سيساق نتنياهو وأعضاء حكومة الحرب والدمار التى يقودها إلى السجون والمحاكمة وهذه هى نهاية نتنياهو المحتومة التى لا مفر منها وسوف تتحقق لا محالة.. نتنياهو نفسه يؤمن بذلك فى داخله.. لكن يعتبر هذه الحقيقة كابوساً مرعباً لا يريد أن يتحقق أبداً ولذلك هو ماض فى طريق القتل والحرق والتدمير بصرف النظر عن فداحة الخسائر فى الجانبين.