استقبلنا الملايين من اللاجئين.. من كل الدول أتونا أشقاء يبحثون عن الأمن والأمان وينشدون كرم الضيافة فى دار العروبة.. وعاملناهم ضيوفاً علينا.. لم يكونوا أغراباً أو لاجئين، شاركونا لقمة الخبز وفرصة العمل.. كنا وهم جسداً واحداً يذوب عشقاً فى تراب مصر.. ولكننا لم نكن ولن نكون وطناً بديلاً لأحد.. مصر للمصريين.. والضيافة لا تعنى الاستيطان ومشاركة أهل الدار فى أوطانهم.. الضيافة لا تفرض من أحد ولا تحدد بشروط من أحد.. الضيافة التزام أخلاقى اجتماعى مرهون بالظروف والأحوال.. وأى محاولة لأن تكون مصر وطناً بديلاً لأى جنسية من الجنسيات هى انتقاص من سيادة مصر على أراضيها وهى مساس بأمننا القومى وتعريض سلامته للخطر.. مصر لن تكون وطناً بديلاً لأحد.. مصر للمصريين.
>>>
ومن المفارقات ومن سخرية القدر الذى يريد أن يفضح زيف التلاعب بالمشاعر الإنسانية.. ومن التناقضات التى يتحدث عنها العالم.. أن الرئيس الأمريكى ترامب الذى يردد ويتحدث عن خططه فى حياة أفضل لسكان غزة عبر ترحيلهم من بلادهم هو نفسه الذى يقود حرباً غير إنسانية ضد المهاجرين غير الشرعيين فى بلاده ويقوم بترحيلهم رافضاً أن يظلوا فى أمريكا لأن أمريكا للأمريكيين فقط..!
إن ترامب لا يريد أن تكون بلاده ملاذاً آمناً لمن يدخلها بطريقة غير قانونية ولكنه لا يجد مانعاً أن يلجأ الاحتلال الإسرائيلى إلى طرد السكان الأصليين من مدنهم وقراهم إلى دول أخرى فى مكافأة للاحتلال تحت زعم «الإنسانية»..!!
>>>
وهل هو مقترح أم مخطط؟!.. هل ما قاله الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن التفكير فى نقل سكان قطاع غزة إلى دول أخرى هو مجرد أفكار قابلة للنقاش فى إطار مقترح يمكن دراسته أم هو مخطط تم الاتفاق عليه مع إسرائيل لتنفيذه بشكل ما..!
وأياً ما كان الأمر.. مقترحاً أم مخططاً.. فإن شعب غزة الأبى أفسد المخططات كلها.. ومشهد العودة المهيب إلى شمال غزة لعشرات الآلاف من السكان زحفوا إلى بيوتهم ومدنهم سيراً على الأقدام.. هذا المشهد كان أبلغ رد على الذين يفكرون فى التهجير القسرى لسكان غزة.. هذا المشهد أذهل العالم.. الشعب الغزاوى الحر قالها صريحة مدوية.. نعيش فوق الأنقاض ولا نعيش بعيداً عن الأرض.. شعب غزة أدرك أنهم لا يبحثون له عن الأمن والأمان وإنما يبحثون عن تصفية قضيته.. عن إنهاء وجوده.. عن تحقيق الأمن والأمان لإسرائيل فقط.. شعب غزة العربى الآبى تصدى لمخططات تشارك فيها دول خارجية وإقليمية ممن يصنفون أعداء وممن يصنفون أيضاً أصدقاء.. كلهم يتاجرون بقضية شعب ومعاناة شعب..!!
>>>
ونريد كلاماً صريحاً واضحاً من السيدة جورجيا ميلونى رئيس وزراء إيطاليا التى لم تتخذ موقفاً واضحاً مثل ألمانيا تجاه قضية التهجير القسرى لسكان غزة وبدلاً من ذلك حاولت التلاعب بالألفاظ والمواقف حين قالت إنها لا تعتقد أن ترامب لديه خطة محددة لإخراج الفلسطينيين من غزة، ولكنها رحبت بالنقاش حول أوضاع اللاجئين..!
وميلونى التى تريد وتبحث عن دور جديد بأن تكون وسيطاً بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى تتحدث عما أسمته نقاشاً حول أوضاع اللاجئين دون أن تحدد طبيعة النقاش وأهدافه!! ونقاش حول ماذا.. الأمور واضحة والأبيض أبيض.. والأسود أسود.. فلا قضية إلا حق اللاجئين فى العودة إلى أرضهم ووطنهم وبيوتهم.. والنقاش يكون حول كيفية مساعدتهم وتحسين أحوالهم.. النقاش لا يكون حول العودة وإنما حول كيفية الإسراع بإعادة الإعمار فقط.
>>>
وما هذه الصورة الرائعة من التلاحم الشعبى والرسمى فى مصر.. الأزمات تظهر معادن الرجال.. وقيمة وقامة شعب مصر.. فكل المؤسسات الشعبية المصرية وكل الهيئات وكل النقابات.. وكل أطياف الشعب اتفقت بدون سابق إعداد على أن تكون ظهيراً قوياً مسانداً للقيادة الوطنية فى معركة الأرض.. مصر كلها خلال الساعات الماضية كانت تقول.. لا.. لأفكار التهجير.. ومصر كلها كانت تقول نعم لقيادتها الوطنية فى موقفها القوى الواضح المعلن فى رفض مخططات تصفية القضية الفلسطينية.. مصر تحركت وأعلنت رأيها.. ولا مجال لكلام آخر.
>>>
وشعب مصر الساخر.. شعب مصر الفيلسوف.. شعب مصر وعلى السوشيال ميديا وتعقيباً على الذين يخططون ضد مصر رد بمشهد كوميدى ساخر للفنانة الكبيرة زينات صدقى فى أحد أفلامها وهى تقول «جرى إيه يا عالم، جرى إيه يا ناس، ما تتهدوا شوية، إنجروا من هنا يا صايعين يا ضايعين لغرقكم ميه، قلقتم منامي، كسرتم نفوخي، صدعتم دماغى مينفعش فيه اسبرين ولا نفولجين ولا بنسلين يا ملاعين يا ولاد الملاعين..»!
وآه يا زينات.. الله يرحمك فعلاً الملاعين ولاد الملاعين موجودين فى كل وقت.. وفى كل مكان.. وفى أى قضية.. وفى أى مناسبة، ناس لا تريد ولا تبحث إلا عن الشر والإيقاع بالآخرين.. ملاعين.. وما الذى ينتظر من الملاعين..!
>>>
وأخيراً:
>> ويؤذيك الذى تخاف عليه من الأذي.
>>>
>> ويخذل الإنسان مرة، ويبقى خائفاً
طوال حياته.
>>>
>> والطيبة ليست ضعفاً وإنما حسن تربية،
لذلك لن أتغير.
>>>
>> وفى غيابك أدركت كيف تخرج الروح
من الجسد دون موت..!