جاء تسلم الحكومة المصرية قيمة الدفعة الثانية من صفقة «رأس الحكمة»، بقيمة 14 مليار دولار فى الموعد المحدد ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الإمارات وعدت وأوفت إذ سيؤدى ضخ المزيد من الموارد الدولارية فى البنوك المصرية إلى الثقة فى الاقتصاد المصرى الذى بدأ رحلة التعافى من الأزمات التى أدت إلى شح العملات الأجنبية والتى بدأت بجائحة كورونا تبعتها الحرب الروسية- الأوكرانية وأخيراً الحرب فى غزة لتؤثر سلبياً على الاقتصاد ما أدى لارتفاع أسعارالعديد من السلع والخدمات، وتزامن وصول الدفعة الثانية مع بدء التعاون مع الجانب الإماراتى فى إجراءات التنازل عن قيمة وديعة دولارية إماراتية بقيمة ستة مليارات دولار على أن يتم تحويل قيمتها إلى ما يعادلها بالجنيه المصري، وفقاً لما تم الاتفاق بشأنه فى اتفاقية الشراكة الاستثمارية لتنمية وتطوير مدينة رأس الحكمة بين مصر والإمارات، ما يعنى أن المؤشرات الاقتصادية تتحسن بصورة جيدة جداً، ولكن مع وضع سقف للإنفاق العام، وإفساح المجال للقطاع الخاص، والاهتمام بقطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات والسياحة ضمن خطة الدولة للإصلاح الهيكلى للاقتصاد المصري، فيما زادت تحويلات المصريين بالخارج بصورة مطردة فضلاً عن زيادة كبيرة فى التنازل عن الدولار لدى الجهاز المصرفى ومكاتب الصرافة المختلفة فى ظل انحسار السوق الموازية.
وأرى أن تسلم مصر الجزء الثانى من قيمة استثمارات مدينة رأس الحكمة والبالغة 14 مليار دولار، سيكون لها تأثيرات إيجابية على الاقتصاد المصري، وستوفر سيولة دولارية داخل السوق وتعزز من جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ونحقق استقراراً داخل السوق المصرية، التى تحتاج إلى استيراد مستلزمات إنتاج للمصانع فضلاً عن السلع الغذائية والأدوية واحتياجات السوق المصرى كافة، كما أن الصفقة ستوفر سيولة دولارية داخل السوق يظهرتأثيرها على تحسين قيمة و أداء الجنيه المصرى أمام الدولار حيث ينخفض سعر الدولار لأول مرة منذ تعويم الجنيه فى 6 مارس 2024، كما ستمكن الحكومة من إجراءات إصلاحية اقتصادية تنهى حالة التوترالتى سادت السوق المصرية أخيراً حيث تمكنت الدولة من ضبط سوق الصرف الأجنبى وتلبية احتياجات المواطنين من السلع والمنتجات الأجنبية وساعدت الحكومة على تجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة، فى ظل توتر الأوضاع السياسية فى المنطقة من جميع الاتجاهات والتى أدت إلى تراجع دخل قناة السويس نتيجة عدم الاستقرار فى البحر الأحمر.
وأقول لكم، إن قيمة الصفقة ستعزز من جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتوفير آلاف من فرص العمل وزيادة الصادرات، إذ من المتوقع أن يؤدى تطوير مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالى الغربى إلى جذب استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار على مدار عمر المشروع، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة جذب مستثمرين جدد، خاصة بعدما شهدت مصر خلال الفترة تحسين البنية التحتية، وإنشاء الطرق السريعة والمطارات الجديدة، وتحسين الموانئ ما عزز من جعل مصر قبلة للمستثمرين من جميع دول العالم، كما تسعى مصر لتحقيق استثمارات أجنبية كبيرة فى صناعة الغاز والبترول العام المالى المقبل ما يعزز من قدرة مصر على تصدير البترول ومشثقاته ووقف الاستيراد.