جاءت واقعة السفينة كاثرين وتفاصيلها والتعاطى معها لتمثل قمة الاستهزاء بالعقل الجمعى المصري، فبعيدًا عن براعة القائمين على اختلاق القصة ونشر الشائعة، ورغم فهمنا الكامل والتام لفكرة «تدوير الأكاذيب» عبر المنصات والمواقع والقنوات الإخوانية، وبعيدا عن المتربصين بنا على الطرف الآخر من النهر، وبعيدًا عن كل ما جري، أقف اليوم مصدومًا أمام خطر داهم مخيف وهو إمكانية العبث فى العقل الجمعى المصرى بسهولة، لقد نجح مجموعة جرذان من اختلاق رواية ركيكة «عن استقبال مصر لسفينة تحمل متفجرات فى طريقها لإسرائيل» فهناك بعض من الحقائق التى تم بناء الأكاذيب عليها بسهولة، هناك سفينة اسمها كاثرين وترفع العلم الألمانى ودخلت ميناء الإسكندرية، هذه هى الحقائق، فتم اختلاق قصص وأكاذيب قبل الوصول وداخل الميناء وبعد المغادرة، قيل ان كل الموانى رفضت دخول السفينة حبا فى الفلسطينيين وكراهية فى إسرائيل وكأن هناك حصارا دوليا على إسرائيل، وقيل ان السفينة دخلت ميناء الإسكندرية لتفريغ المتفجرات للسلطات المصرية لتقوم بتوصيلها عن طريق البر لإسرائيل، وقيل أيضًا ان هناك سفينة أخرى حملت المتفجرات من الإسكندرية لتوصلها إلى ميناء أشدود، هذه الأكاذيب العديدة التى نسجت على حقيقة وجود سفينة دخلت الميناء وغادرت استخدمها المرتزقة كما العادة ونسجوا من خيالات مرضهم ما نسجوه، لكن ما ازعجنى وأقلقنى حقا هو ان الكثيرين تناولوا القصة رغم سذاجتها وتساءلوا عن مدى صحتها وهم يميلون إلى التصديق، وهنا أتساءل هل وصل العقل الجمعى المصرى إلى هذه الدرجة من الهشاشة؟ هذا الشعب صاحب الحضارة وصاحب التجارب ومصدر الإلهام لشعوب المنطقة يقع فى فخ وشِراك الشائعات بهذه السهولة والبساطة؟ الخطر ان يكون العقل المصرى الجمعى قابلاً للاستباحة والعبث لدرجة الاغتصاب! ما هذا الذى يحدث أمام أعيننا؟ ماذا جرى ويجرى وماذا نحن فاعلون؟ لقد حذرنا هنا مرارا من التلاعب بمعنويات الأمة ومحاولة خفض روحها المعنوية من خلال خطط التشكيك والتشويه وتدوير الأكاذيب، وهنا أتساءل هل ضغوط الأزمة الاقتصادية اثرت على ضمير الأمة وأخلاقيات الناس الجمعية؟ وهل هذه الضغوط تجعل البعض يصفق للباطل على حساب الحق؟ هل يتظاهر بعض الناس بالانحياز لبعض الأكاذيب للتعبير عن غضبهم من بعض الحقائق؟ لقد نجح البعض – رغم. دعوات وتحذيرات الرئيس المتتالية – من العبث فى مواضع الوعى الجمعى حتى أصيب بحالة نزيف وسيولة غير مسبوقة، هنا ادعوا المفكرين والباحثين والمختصين ان يدرسوا بصدق وتجرد لماذا اصبح العقل المصرى قابلا للاستباحة؟