الشر هو الشر.. لكن تتغير أدواته ووسائله.. باتت الحروب تتجاوز استخدام الأسلحة التقليدية على مدار التاريخ وتطورها حتى وصلت إلى مرحلة الأسلحة الفتاكة والدمار الشامل.. لكن قوى الشر باتت تنزعج من الحروب النظامية والتقليدية نظراً لخسائرها الفادحة فى الأرواح والأموال وذهبت تبحث عن أنواع أخرى من الحروب أقل تكلفة وثمناً سواء فى الخسائر البشرية أو التكلفة المالية فوجدت ضالتها فى حروب جديدة تطلقها لا تذكر مقارنة بالحروب النظامية سواء فى عدم تحملها خسائر بشرية وربما ثمن بعض الصواريخ.. فالحروب الجديدة تعتمد على القدرة على احتلال عقول شعوب الدولة المستهدفة والسيطرة عليها وتوجيهها طبقا لأهداف قوى الشر.
احتلال العقول هو أهم مراحل تدمير الدول وتشريد الشعوب.. وبالتالى تسهل عملية احتلال وابتلاع الأرض بكل ما عليها من موارد وثروات ومقدرات عندما تصل المرحلة إلى اللادولة وشعوب تساق إلى أقدارها بفعل الفوضى والإرهاب والقهر والتبعية للعدو وتسكن غياهب العدم وتجز على أصابع الندم والحسرة على ضياع الأوطان وتلعن نفسها فى كل وقت وكل حين.. بعدما فقدت أغلى النعم وهى الوطن وأسيره لميليشيات الإرهاب والإجرام والتى تستبيح كل محرم وترتكب كل ما هو غير أخلاقي.. اذن بات الموت أفضل وأكرم لمثل هذه الشعوب التى اقترفت يداها بعد ان احتلت عقولها تخريب وتدمير وتضييع أوطانها.. فالشعوب هى حجر الزاوية فى حماية الوطن والحفاظ عليه وإذا فقدت الوعى والفهم والهوية واستلمت لعمليات غسيل واحتلال العقول تساق إلى أقدارها وتدخل فى طور اهدم نفسك بنفسك.. ثم تبدأ مهمة العدو الذى قام باحتلال العقول إلى مرحلة احتلال الأرض دون عناء أو تكلفة أو ثمن.
دول كثيرة تحيط بنا دفعت ثمناً باهظاً ووجودياً بفعل الثورات الملوثة التى حركتها أياد آثمة من العملاء والمرتزقة والمأجورين من أبناء هذه الأوطان بمقابل بخس ثمناً للخيانة فلا تهون من خطورة الغزو الثقافى والغرق فى مستنقعات التدنى والابتذال والسطحية والأناماليه وفقدان الإرادة والأمل والولاء والانتماء وهدم منظومات الأخلاق وتدمير الهوية والشخصية الوطنية لانه بتدميرها تسهل عمليات الاختراق والاحتلال للعقول.. بل يتحول الانتماء الوطنى إلى تبعية لقوى الشر وليس مجرد اعجاب وانبهار والدول التى تهمل التركيز على البناء الفكرى والثقافى والتوعوى وربط الإنسان بتاريخه وحاضره وترسيخ منظومة الثقافة الوطنية والحضارية والهوية وبناء الشخصية فهى عرضة للاحتلال خاصة ان آلة الغزو الممنهج للعقول لا تنتهى ولا تنقطع مهما تعرضت فى البدايات للفشل.. لذلك من المهم كما فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى هذا القائد العظيم الملهم الذى استشرف المخاطر على الوطن والعقل المصرى هو بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها على أسس وطنية صحيحة ليس فقط بناء الحجر أو التطور والتوسع العمرانى وشق جسور البناء والتنمية فى كافة ربوع البلاد وتمكين مؤسسات الدولة الوطنية من القوة والقدرة وأبرزها بطبيعة الحال الجيش الوطني.. والشرطة المدنية ولكن كانت ومازالت رؤيته أوسع بكثير من ذلك .. لذلك ترى الرئيس السيسى دائماً يؤكد ويكرر على أهمية دور الإعلام والثقافة والدراما والسينما والمؤسسات الدينية والتعليم فى عملية استنهاض وطنى لبث الصحوة واليقظة من خطورة عمليات استهداف العقل المصرى المتعمدة.. ويكفى ان يقول الرئيس ان عملاً درامياً واحداً أو فيلماً سينمائياً ربما يفوق فى تأثيره قراءة ألف كتاب.. لذلك يذكرنا دائماً ويشد على أيدينا ويوفر لنا كافة الامكانيات حتى لا ننسى أهمية هذا البعد والمحور الذى أصفه بالإستراتيجى والوجودي.. لأن مصر كدولة قوية وقادرة ورادعة تتجنب قوى الشر المواجهة المباشرة معها أو الصدام المباشر.. لذلك تلجأ هذه القوى والكيانات الشيطانية إلى أساليب أخرى أو ما يطلق عليه الحروب الحديثة عن بعد تجنباً لخسائر فادحة إذا فكرت هذه القوى فى مواجهة الدولة المصرية وأبرز هذه الأساليب هى على سبيل المثال الحروب بالوكالة وتسخير الإرهاب لمحاولة ابتزاز واستنزاف وتركيع الدولة وقد نجحت مصر بامتياز فى بتر الإرهاب والقضاء عليه واستعادة كامل الأمن والاستقرار.. ربما تلجأ قوى الشر إلى وسائل أخرى مثل الحصار الاقتصادى أو تعمد توتير وإشعال المحيط المجاور للدولة المصرية وشيطنة الدول المحيطة والتى يتأثر بها الأمن القومى المصرى فى محاولة لتشتيت الدولة المصرية وانهاكها أو حتى محاولة استدراجها وتوريطها فى صراعات بطبيعة الحال سوف تستنزف جزءاً من قدراتها وهى محاولة للاضعاف والارباك.. لكن مصر أيضاً وبحكمة القيادة السياسية والإدراك المبكر واستشراف المستقبل والوعى بتفاصيل ما يحاك ويستهدف مصر.. نجحت فى الابتعاد عن هذه المستنقعات وتتصرف بحكمة واتزان وحركة ونشاط من أجل اخماد واحتواء هذه الصراعات والحرائق فى داخل دول الجوار بالتركيز على إنهاء مسببات الصراع الداخلى واقناع جميع الأطياف والقوى السياسية داخل هذه الدول بأهمية إعلاء المصلحة الوطنية وتغليب لغة الحوار.
حروب الجيل الرابع والخامس هى أخطر من الحروب التقليدية والنظامية التى عرفناها على مدار التاريخ وإذا تصفحنا تطورات الحروب الجديدة نجدها ان تكلفتها بسيطة بضعة ملايين من الدولارات لشراء عملاء مأجورة وأجهزة وأدوات ووسائل تكنولوجية وربما تزيد فى حالة الحروب بالوكالة للميليشيات والجماعات الإرهابية مثل الإخوان المجرمين.. أو حتى مدينة فإن الحروب الجديدة تؤدى إلى تدمير وطن بالكامل وإسقاطه والحروب الجديدة كذلك تجعل من الشعب فى حالة عداء للدولة والوطن وهو عكس الحرب النظامية التى يكون فيها اصطفاف الشعب هو أهم الأسلحة.. والحرب النظامية يكون العدو فيها متطوراً ومعروفاً أما الحروب الجديدة فالعدو خفى يتلاعب بالعقول حتى يصل إلى السيطرة عليها واحتلالها وسهولة تحريكها طبقا لأهدافه.
من هنا تكمن خطورة حملات الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك وتزييف الوعى والغزو الثقافى والتدنى والابتذال وترويج الإساءات وهو ما يؤدى إلى سطحية العقل وأيضاً خلق حالة من الاحتقان بين المواطن ودولته وهز الثقة بين الشعب والقيادة واضعاف الروح المعنوية وحالة الرضا وضرب الاصطفاف الوطني.
حملات الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك الشرسة على مصر تشير إلى انها مستهدفة من قوى الشر وأدواتهم وأبرزهم بطبيعة الحال جماعة الإخوان الإرهابية ومنابرها وأبواقها وخلاياها التى لا تتوقف عن بث الأكاذيب وترويج الشائعات عن مصر.. وذلك يعنى ببساطة غير ان مصر دولة مستهدفة ولكن قوية وقادرة يخشاها الجميع.. فالكذب والتشويه هو نوع من الضعف واليأس ويعكس حالة النجاح التى تحققها الدولة المصرية فى الداخل.. أو فى مواقفها الثابتة على الصعيد الخارجى إقليمياً ودولياً ومحاولات زحزحتها من هذه المواقف وممارسة الضغوط من خلال حملات الأكاذيب وغيرها من أجل أن تتراجع عن ثوابتها وهو ما لم ولن يحدث ولكن باءت كل هذه الحملات الشيطانية بالفشل لسبب مهم جداً وهو وعى الشعب المصرى وإرادته على الاصطفاف حول الدولة المصرية وإدراكه لطبيعة ما يحاك ويراد لها.. أقول ان احتلال العقول والسيطرة عليها هو أخطر أنواع الحروب.
تحيا مصر