توليت رئاسة إقليم وسط الصعيد الثقافى منذ 9102، مما سمح لى بالانتقال بين قرى وكفور ونجوع سوهاج والمنيا وأسيوط والوادى الجديد، وكانت الدهشة هى عنوان معظم رحلات المرور على المواقع الثقافية، حتى تجلت فى زيارة إلى «قرية القصر» فى الوادى الجديد؛ هذه الأرض التى كانت سلة غذاء المصريين، لكنها لم تعد كذلك»!» ومن حسن الحظ بقيت أهم ملامح الوادى الجديد وأجملها على الإطلاق؛ وهى «أهله الطيبين» الذين ما زالوا على فطرة الإنسانية التى أبدعها الله تعالي.
وعموما تجوَّلت فى «قرية القصر» حتى تمتعت بعظمة الآباء ومجد الأجداد، وكان من اللافت للانتباه وأيضاً المثير للاهتمام.. أن أبواب بيوت هذه القرية مدون عليها تاريخ نجارتها، وكأنهم «الآباء الأوائل» كانوا يستطلعون المستقبل؛ فكانت أبواب منذ «009» عام، ومنها ما يزيد على ذاك التاريخ بعدة عقود حتى ما دون الألف عام.
وهنا كانت الملاحظة؛ إذ كانت البيوت شيدت بهذه الحرفية الهندسية المعتمدة بالكامل على مواد الطبيعة، وأيضاً كانت تراعى رفاهية القاطنين بها من أنظمة تهوية طبيعية تصلح للتلطيف صيفاً والتدفئة شتاءً، وشاهدت مصنعاً لعصر الزيوت من الزيتون؛ فهى أكثر من 46٪ من مساحة المليون كيلومتر مربع، وهى باريس فى الجنوب حتى هضبة الجلف غرباً على حدود ليبيا والسودان القريبتين وتشاد غير المجاورة، وشرقاً تجاور قنا والأقصر وأسوان حتى خط 22 جنوباً مع السودان الشقيق، وفى الوسط العاصمة الخارجة ثم الداخلة فالفرافرة فى أقصى شمالها بجوار الواحات البحرية التابعة للجيزة وسيوة التابعة لمرسى مطروح، وجميعها واحات تستحق الزيارة وطول المقام «والاهتمام».
ونعود؛ أحد أبواب بيوت «قرية القصر» من الخشب ويحيطه إطار من الحديد ويزدان بزخارف من النحاس، ومن أصغر البيوت لأكبرها مساحة نرى تطابق العمارة وزخارفها الدالة على أن البناء لم يكن «للإعاشة» وإنما للرفاهية والتمتع أيضاً!».
ومن هذه القرية التى هى ارض الاحلام الحقيقية والتى يبدأ التاريخ الحديث من اسمها «القصر» وهى كذلك بالفعل وسط بنايات شيدت من أجل هذه الفلاحة المصرية تمجيداً لعظمتها الخلاقة وفطرتها البديعة، لكن على أطراف تلك الألفية عند نهايتها وبعد أكثر من «009» عام من بداية الألفية الثانية، ومع اقتراب نهايتها؛ كان لصوص التاريخ عند أرض الأوهام، يفتشون عما يمكنهم نسبه إلى حاضرهم ليكون تاريخاً لهم فيما بعد، وإن لم يكن من صنع أيديهم أو إبداع عقولهم أو مصنوعاً لهم فى الأساس.
ومن غرب مصر إلى أقصى غرب الأرض انتقل تمثال الفلاحة المصرية فى مقدمة ومدخل الولايات المتحدة؛ وفى 82 أكتوبر 6881 قام الرئيس الأمريكى جروفر كليفلاند بافتتاح تمثال لم يكن منحوتا او مشيدا او مهدى اليه من البداية انما هى التعديات المعتادة!».
وبالطبع تستجيب اليونسكو فيما بعد لتعلن انضمام تمثال الفلاحة المصرية إلى قائمة التراث العالمى فى 8491.
والحقيقة أن فرنسا كانت فى جمهوريتها الثالثة تستميل الدول الكبرى بالهدايا حتى تنشئ معها علاقات سياسية واقتصادية وثقافية لصالح الجمهورية الثالثة، ونسيان الشعوب لتاريخ فرنسا ليس الاستعمارى «فهذه المفردة تحتاج مراجعة لغوية دقيقة» إنما تاريخها الاستغلالى والاستنزافى لحقوق الغير من شعوب الأرض مع جارتها المنافسة «بريطانيا العظمي».
عموما؛ ذهبت فرنسا لإهداء مصر تمثال تعبيراً عن رغبتها فى بناء جسور صداقة جديدة، وكلفت أحد أهم فنانيها النحات «فريديريك أوجست بارتولدي» بنحت تمثال الفلاحة المصرية العظيمة ليكون على مقدمة قناة السويس ظهرها لأفريقيا ووجها لآسيا، ويرمز التمثال إلى سيدة ترتدى الثوب المصرى وهى قد تحررت من قيود الاستبداد التى ألقيت عند إحدى قدميها،
وعلى رأسها تاج مكون من «7» أسنة، تمثل أشعة ترمز إلى البحار السبع أو القارات السبع الموجودة فى العالم.
لكن الذى حدث أن حرفت تلك العبارة إلى «4 يوليو 6771»، وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي،
وهذا ما نستكمله إن شاء الله فى القادم عن حكايات سرقة التاريخ وتزييف الوعى العالمي… ونتعرف على مثل هذا الباب العادى لبيت عادى –جدًّا– الذى هو أقدم من قارة بأكملها بألف عام»!».