اقترح حفيدي السفر الي واحة سيوه.. وتعالت الأصوات بآراء مختلفة.. هناك من صاح وقال.. الله.. ورأي البعض انها بعيدة والسفر اليها متعب.. ولأني أعشق هذه الواحة منذ زيارتي الأولي لها.. أحب كل مافيها وكل ما عليها.. فلقد استطعت أن أؤيد من يرغب في السفر اليها.. وقدمت بعض الحلول المكلفة من أجل تيسير السفر والرحلة ..
هذه البقعة الجميلة النائية تقع في الخريطة علي بعد 560 كيلومترا من القاهرة.. ولكن طول الطريق اليها يبلغ حوالي 820 كيلو متراً.. وهي عبارة عن منخفض في الصحراء الغربية في أقصي جنوب منخفض القطارة علي مسافة 19 مترا تحت سطح البحر.. لذا فقد وهبها الله اكثر من 200 بئر من المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة اضافة الي أعداد أخري من آبار كبريتية ومالحة وساخنة.. ومالحة جدا كذلك.. وهي تبعد مسافة 50 كيلومتر من الحدود الليبية.. تزينها النخيل وأشجار الزيتون.. فيها أكثر من 700 ألف نخلة تنتج أطيب وأجود انواع التمور والتي يتم تصدير غالبيتها ..
ويعتبر معبد آمون من أهم المعالم الأكثر شهرة في سيوه ويقال ان الملك أحمس الثلني هو الذي شيده في أواخر الأسرة السادسة والعشرون وهو يسمي بمعبد التنبؤلت لأعتقاد أهل سيوه الراسخ علي مدار التاريخ.. أن كهنة المعبد يستطيعون التنبؤ بما يحدث في المستقبل وكان هذا هو السبب في حرص الأسكندر الأكبر علي زيارة المعبد بعد تأسيسه لمدينة الإسكندرية 300 سنه قبل الميلاد.. , ويقال إنه اهتدي الي الوصول اليها من تتبع الطير تجاهها.. وعند وصوله زار المعبد وطلب من الكهنة التنبؤ اذا ما كان سيغزو العالم بأكمله ويحكمه.. وقيل أن الجواب كان نعم ولكن لفترة قصيرة.. يقول التاريخ أيضا أن قائد الفرس قمبيز أرسل جيشا قوامه خمسون ألف جندي عام 500 قبل الميلاد من أجل هدم المعبد.. ولكن هذا الجيش الجرار لم يصل الي الواحة بل ابتلعته وردمته رمال الصحراء بأكمله ..
أهل واحة سيوه من أطيب وأرقي البشر.. بشاشة واخلاصاً وصدقاً وشفافية.. لذا تجد أن كل من يزور الواحة ويتعامل مع أهلها يعشقها ودائما يتمني العودة اليها.. هم أصلهم من قبائل البربر من شمال أفريقيا والبعض منهم من أصول بدوية.. لغتهم الأصلية الأمازيغية والتي مازالوا يتحدثون بها ويحرصون علي تعليمها لأولادهم والتأكيد علي الأمهات بالقيام بذلك ..
واحة سيوة هي من أحد كنوزنا التي لم نحسن إستثمارها.. اسمها واحة ولكنها جنة.. بقعة ساحرة من أرض الوطن.. يري الإنسان فيها مايسره.. ما أجمل كوب الشاي علي شاطيء البحيرة في وقت الغروب.. وما أجمل الصفاء الذهني والنفسي الذي يشعر به الإنسان في زيارته لها ومن خلال التعامل مع أهلها.. انها عاصمة الإستشفاء الجسدي والنفسي.. بها كل ما يمكن أن تمنحه الطبيعة من وسائل العلاج الطبيعي من أجل التخلص من الكثير من الأمراض والآلام وتبعات تقدم العمر والإرهاق.. من العجيب والغريب أن تظل واحة سيوة دائما بعيدة عن إهتماماتنا.. الطريق الوحيد اليها من مدينة مرسي مطروح بطول 300 كيلومتر.. لم يمهد الا عام 1980.. قبلها كان الوصول اليها عن طريق الجمال مثل العصور الوسطي.. الزيارة الوحيدة لأي رئيس مصري كانت للملك فؤاد الأول عام 1928 فيما سمي بالرحلة الملكية للصحراء الغربية..
أليس من المنطقي تسيير خط طيران شارتر منتظم بين واحة سيوه والقاهرة والإسكندرية والبحر الأحمر.. لدينا الطائرات الهيلوكوبتر بأحجام مختلفة منها ما يتسع لأكثر من عشرين راكبا.. والمهابط من أسهل ما يمكن إعدادها.. الأمر كله يستغرق شهرا واحدا لتنفيذه.. ولابد أن يؤدي هذا الي تضاعف أعداد السائحين والزوار لهذا المزار السياحي الفريد من نوعه.. والذي يمثل أجدي استثمار وأسرع عائد .