نعم علمتنا دروس التاريخ ان نتيجة أى معركة أو صراع، وجود منتصر ومهزوم، ويمنح الانتصار لصاحبه شهوة الانتصاروالفوز وتجعله فى مركز القوة الذى يفرض شروطه، وعلى المنهزم الاستسلام بقبولها والخضوع لها.
ولذلك لم أندهش من الغطرسة التى حدثت مؤخراً للنتن ياهو مع شهوة الانتصار، لذلك راح يفرض شروطه، مدعوما بالواقع المرئي، متمثلاً فى قتل الكثير من قيادات حماس وحزب الله وتدمير البنية التحتية والفوقية لغزة وتشريد وقتل وجرح مئات الألوف التى تتجاوز المليونين.
نعم نشوة الانتصار ونخبه، يسكران صاحبه ويغيبانه عن حقائق التاريخ الأخرى التى لا تقبل التغييرلأنها هى الثابت، فى حين ان مهزوم اليوم قد يكون منتصر الغد، ومنتصر اليوم قد يكون مهزوم الغد، لأنها متغير ومتحول يتغير بعوامل القوة وتغيرات الزمن، انهزمت اليابان وألمانيا، وعادتا لتكونا من القوة التى نراها الآن، وانهزمت فرنسا وانتصرت بعد ذلك، وحدثت النكسة لنا فى مصر وعدنا للانتصار وأعدنا أرضنا فى 6 أكتوبر 1973.
لكن ما أقصده بحتمية الانتصار مع حقائق التاريخ التى لا تقبل التغيير لأنها الثابت، هى نجاح كفاح الشعوب للتحرر من قبضة الاستعمار دائماً رغم اختلال موازين القوى والضبابية التى تكتسى غالباً بمنطق القوة لتحبط الضعيف من جهة، وتكون أداة لبث اليأس فى النفوس من قبل العدو وأذنابه واتباعه من جهة ثانية.
مصر تحررت من قبضة بريطانيا وهى قوة عظمى وقبلها تحررت من الاستعمار الفرنسى الذى لم يستطع البقاء عندنا بضع سنين رغم أنه كان أيضاً قوة عظمي، ورغم اختلال موازين القوى وقتها.
الجزائر تحررت من فرنسا ودفعت الثمن الذى تجاوز المليون شهيد، وليبيا تحررت من الاستعمار الإيطالي، وما زال قتل البطل عمر المختار أمام شعبه فى الأذهان والوجدان.. والأمثلة كثيرة لتحرر الشعوب بعدد من بلاد العالم اليوم والأمس وأول أمس… تتغير وتتبدل الامبراطوريات ولكن الشعوب لا تموت، وجذوة التحرر لا تنطفئ، من القدم ومروراً بالفرس والروم ثم فرنسا وبريطانيا ثم الاتحاد السوفيتي وأمريكا إلى الغد القريب حيث الصين وروسيا.. الخ
> لذلك لم أندهش وأنا أتابع التسريبات الإسرائيلية بشروط «النتن ياهو» لوقف الحرب ومنها مراقبة الحدود السوريه بقوات دولية طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتجريد أهل الجنوب اللبنانى من سلاحهم وتسليمها للجيش اللبنانى والتأكد من أن حزب لله لا يعيد تسليح نفسه مرة أخري، ومنح سلاح الجو الإسرائيلى حرية العمل فى المجال الجوى اللبنانى ووضع الحدود تحت رعاية قوات دولية طبقاً للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة والسماح لإسرائيل بالمراقبة الجوية والمالية والعسكرية لأهل الضاحية والجنوب، والسماح للنازحين على جانبى الحدود بالعودة إلى منازلهم وانتخاب رئيس لبنانى الآن وليس غداً.. الخ
> طبعاً هناك عدة ملاحظات ومفارقات عديدة فى وثيقة المبادئ الصهيونية، أقصد وثيقة الاستسلام
> المفارقة الأولى أنها تستند الآن إلى ميثاق الأمم المتحدة، وتطلب قوات دولية تحت الغطاء الأممى فى الوقت الذى رفضت فيه من قبل كل قرارات الجمعية العامة محتمية بفيتو البلطجة الأمريكي!!
> المفارقة الثانية انها تطلب حماية دولية لانتهاك مستمر تقوم به فى مراقبة كل شئ فى لبنان، ووصل الأمر إلى المراقبة المالية للمواطنين خشية تسرب أموالها إلى حزب الله، والأكثر مأساوية هو مطالبتها بانتخاب رئيس لبنانى الآن وليس غداً، وربنا يستر ولا يصر «النتنياهو» على إرسال أحد الجنرالات الإسرائيليين لتولى المنصب!!
> السؤال إذا كان النتن ياهو يشعر بزهو الانتصار وهو يشرب دماء آلاف الضحايا فى غزة ولبنان بالإضافة إلى كئوس دماء خاصة من دم إسماعيل هنيه ويحيى السنوار وحسن نصرالله، فلماذا يطلب الحماية أو الرعاية الدولية؟!
> ولأن هذه الطلبات مكسية ومبطنة بمغالاة كبرى
أشار موقع أكسيوس الأمريكى -نقلاً عن مصدر أمريكي- إلى أن المجتمع الدولى قد لا يوافق على شروط إسرائيل المتضمنة بوثيقة المبادئ!!
باختصار هى اتفاقية استسلام من سوريا ولبنان وغزه وإيران والحوثيين وتشبه شروط كولن باول بعد سقوط بغداد وشروط المنتصرين فى الحرب العالمية الأولى والثانية!!
والأمر كذلك سيكون فى غزة بل يمكن أن يكون أكثر قسوة !!
> السؤال الذى لا يتوقف عنده المجتمع الدولى الذى أصيب بفيروس اللإنسانية: هل تصلح مثل هذه الاتفاقيات فى ظل مواثيق الأمم المتحدة إلى تدعم تحرر الشعوب من محتليها وحريات وحقوق الإنسان، أم أن شريعة الغاب هى السائدة والتصفيق الدائم للبلطجى والفتونة خاصة لو كان الداعم له بل والمشترك معه، أو بالأصح «المعلم الكبير» هو الساكن دوما فى البيت الأبيض!!