أبناء سيناء قاموا بما عليهم لصالح هذا الوطن، وكانوا أول مَن سدد فاتورة الدم دفاعًا ليس فحسب عن سيناء إنما عن الوطن.. ترابه المقدس وأهله الطيبين، وكان مقتضى الحال يستوجب حكى بطولات المصريين أبناء سيناء؛ ليس سردًا لمرثية هؤلاء الرجال والنساء والأطفال، بل لرد الفضل لأصحاب الفضل على كامل الوطن، هم مَن تقدموا طواعية عقب النكسة لمساعدة قواتنا المسلحة فى استعادة الأرض والكرامة ولو كلّفهم هذا السبيل الروح والدم، ولم يعلموا أن أحدًا سيذكرهم، ولم يقدموا على التضحية لمجد يسعون إليه، بل لمجد الوطن وأهله.. وهم الذين منحتهم أرض سيناء المقدسة نوعًا من قداسة البطولة، وكرم التضحية، وعفوية الفداء.
فى سيناء .. استلهمت من تحفيز والدى لى بأن الوقت هو وقت الجهاد وقتال العدو الصهيونى لتحرير أرضنا، وليس وقت البكاء والنحيب، فتجلدت مشاعرى كما جبال سيناء، واشتدت إرادتى كلما رأيت قسوة الاحتلال وظلمه لأهلى وجيرانى فى العريش، لكننى رتبت أولوياتى وكانت على رأسها تشكيل مجموعة فدائية تؤمن بالقضية وتسلك مسالك العقل فى تدمير العدو، وبحثت فى ذهنى عن هؤلاء ممن يتصفون بعدة خصال ومزايا تؤهلنا للانتصار وباستمرار على العدو الصهيونى لا أستهدف انتصارًا واحدًا فريدًا بل مجموعة تحقق سلسلة من الانتصارات المتتالية، وهدانى عقلى -بتوفيق من الله تعالى- إلى الأبطال الذين سأظل أذكرهم كما هيئتهم الأولى ونحن نستعد لقتال العدو الصهيونى بعفوية وطنية واندفاع محسوبين، وهم البطل عادل الفار، والبطل محمد حجاج، والبطل فضل عبد الله حسين مغازى، والبطل عبدالحميد محمد الخليلى، والبطل سعد عبد الحميد سعد جلبانة، كان الثلاثة الأبطال الأوائل أصغر منى سنا لكن روحهم الفدائية جعلت الواحد منهم بحجم جبل من جبال سيناء فى العمر والقدرة والصلابة؛ فكان منهم طالب بالثانوية مثل فضل، وحجاج كان مدرسًا، وعادل كان يعمل بالبلدية، وكان البطل عبدالحميد الخليلى أكبر منى سنًّا تعلم عن والده ضابط حرس الحدود الكثير من مهارات الميدان التى علمنا إياها باقتدار، وسادسنا كان البطل سعد جلبانة الذى جعل من بيته وكرًا ومقرا وقاعدة انطلاق لتنفيذ عملياتنا ضد الصهاينة الأعداء، فكان منزله من دور واحد ومطلا على شارع العريش مباشرة بجوار مدرسة فاطمة الزهراء، ولا يبدو على هيئته أبدًا أنه منزل محل شك أو ريبة من جانب الأعداء، فلا يتصور واحد منهم أن منزلًا شهيرًا، واضحًا، كهذا يكون مقرا للفدائيين.
المهمة الأولى
كان الضحايا من الشهداء والجرحى من رجال الجيش كُثر، ولزم الأمر علاجات وأدوية وكميات من لترات الدم كثيرة لإسعاف هؤلاء الجنود؛ فقمنا بداية بحملات تبرع بالدم من خلال توجيه الفتيات الصغيرات إلى المنازل لحث الأسر السيناوية على أهمية التبرع بالدم لصالح إسعاف جنودنا، وهنا قام كل واحد من أفراد المجموعة الفدائية بتكليف أخته أو والدته بنشر الدعوة بالتبرع بالدم بين أهالى العريش، وأعلمت أختى وداد بالأمر -وكانت بالمرحلة الإعدادية- وحيث إننى فى حاجة إلى نشر هذه المبادرة بين فتيات العريش متحصنًا بكونهن صغيرات حتى لا يقترب منهن العدو الصهيونى خشية انقلاب القبائل عليه، وبالفعل لاقت تلك المبادرة رواجًا بين فتيات العريش وبين الأهالى، فقد تعلمت سريعًا الفتيات مهارات التطبيب، وجرى سيل من دماء أهالى العريش متصلًا بأوردة وشرايين الجنود المصابين. وفى القادم إن شاء الله حديث عن بدء عمليات المقاومة