بنى الكيان الإسرائيلى وجوده منذ عقود طويلة، على الإرهاب بالقتل وسفك الدماء فى عمليات هجومية غادرة ينقل بها المعارك والعمليات العسكرية إلى خارج حدوده ليحقق انتصارات خاطفة كانت تستغرق أياماً وربما ساعات قليلة بطريقة الضربة القاضية من الجولة الأولي، مستفيدًا من تفوقه العسكرى وخاصة السلاح الجوى والذى تضمنه له الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الغرب الذى يفتح مخازن سلاحه لإسرائيل دونما قيد أو شرط وتحجبه عن دول الجوار وحدث ذلك فى حرب 1967 واجتياح لبنان والعدوان المتكرر على غزة والضفة.
خلال تلك الضربات الخاطفة كانت إسرائيل تحقق أهدافها التى خططت لها ولكن مع الوقت تغيرت المعادلة واستفادت جبهات المقاومة وطورت من قدراتها للمواجهة وضربت نظريته العسكرية بضربات استباقية نوعية مثلما أعلنت حركة حماس أن عملية طوفان الأقصى كانت ضربة استباقية للعدو الذى كان يستعد لعملية شاملة ضد غزة للقضاء على المقاومة الفلسطينية.
لتدخل تلك الحرب فى غزة عامها الثانى دونما توقف ودونما أن يحقق الكيان الإسرائيلى أهدافه التى أعلنها بالقضاء على حماس واستعادة الأسرى ووضع خطط إدارة غزة على طريقته وهواه ودونما توقف المقاومة عن تنفيذ عملياتها وتلقين جنود الاحتلال دروسها قاسية رغم سقوط عشرات الآلاف من المدنيين قتلى وجرحي.
الحال نفسه يحدث فى لبنان التى كان الكيان الإسرائيلى يجتاحها ليقتل الآلاف ويدمر مدنها وصولاً إلى العاصمة بيروت ولكن هذه المرة ظهر حزب الله بعباءة مختلفة ويفاجئ الكيان الإسرائيلى بقصف المدن بمئات الصواريخ الباليستية ويسقط العشرات يومياً بين قتلى وجرحى ليؤكد أن معادلة الصراع اختلفت وتبعثرت الأوراق كثيراً بحيث لا تستطيع القيادة الإسرائيلية ومعها جيش مدجج بأحدث الاسلحة الفتاكة من التقدم شبر واحد فى جنوب لبنان بعد مرور أكثر من خمسة عشر يوماً.
الكيان الإسرائيلى المتخبط والغارق فى وحل غزة التى لا تزال المقاومة تنفذ عمليات نوعية فى الشمال والجنوب وتدمر آليات وتسقط العديد من جنوده قتلى وجرحى يومياً، كان يعتقد أن مهمته ستكون سهلة فى لبنان ولكن مفاجآت حزب الله التى نجحت إسرائيل فى اغتيال الصف الأول من قياداته، تذهل الكيان الإسرائيلى فللمرة الأولى منذ عشرات السنين يتعرض قلب الكيان الإسرائيلى وعاصمته لصواريخ حزب الله التى تشكل نزيفاً كبيراً لاقتصاده وعناصر جيشه فى تطور جديد أسماه نائب الأمين العام لحزب الله أنه مرحلة إيلام العدو كقاعدة جديدة فرضتها المقاومة الفلسطينية واللبنانية ووضعه فى زاوية ضيقة يتلقى فيها ضربات قاتلة.