طهران تعلن احتجاز سفينة شحن إسرائيلية.. وأمريكا تحرك أسطولها لحماية حليفتها
أوروبا تعلق الرحلات الجوية فى «الأجواء المشتعلة».. وتحذر رعاياها
تصاعدت الأوضاع بوتيرة سريعة فى المنطقة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية منذ أعلنت إيران، أمس، احتجاز سفينة شحن إسرائيلية فى الخليج العربي، فيما قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن طهران «ستتحمل عواقب اختيارها تصعيد الوضع»، وذلك وسط ترقب بشأن «ضربة انتقامية» إيرانية تجاه إسرائيل، رداً على قصف تل أبيب لقنصلية طهران فى دمشق.
قال مسئول فى وزارة الدفاع الأمريكية، إن واشنطن على علم بتقارير الاستيلاء على السفينة، وأن بلاده «تراقب الوضع».
وفقاً لما نقلته وكالات اخبارية إيرانية، قامت القوات البحرية، التابعة للحرس الثورى الإيراني، باستخدام طائرة مروحية لاعتلاء السفينة والسيطرة عليها، قبل أن أن يتم قطرها إلى المياه الإقليمية الإيرانية.
يأتى الحادث وسط تصاعد التوترات بين إيران واسرائيل التى تساندها الولايات المتحدة، بعد الهجوم الإسرائيلى على القنصلية الإيرانية فى سوريا فى مطلع أبريل الجارى وسط حالة من الترقب تسود المجتمع الدولي، انتظاراً لرد طهران.
فى ذلك الصدد، رصدت الولايات المتحدة تحريك إيران لمُسيرات وصواريخ كروز، استعداداً فيما يبدو لهجوم وشيك على تل أبيب.
قالت مصادر لشبكة سى إن إن الأمريكية، إن واشنطن «لاحظت أن طهران تقوم بتجهيز ما يصل إلى 100 صاروخ كروز»، مشيرة إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانت تستعد لتوجيه ضربة من داخل أراضيها كجزء من هجوم أولي، أو ما إذا كانت تحاول ردع إسرائيل أو الولايات المتحدة عن توجيه ضربة مضادة محتملة لأراضيها، لكن مصدراً مطلعاً رجح أن تكون الأهداف داخل إسرائيل.
تتوقع الولايات المتحدة، أن تنفذ إيران ووكلاؤها فى المنطقة ضربات ضد أهداف متعددة داخل إسرائيل، وفى جميع أنحاء المنطقة.
فى المقابل، استعدت إسرائيل والولايات المتحدة، اللتان عززتا وجودهما العسكرى لشن هجمات على مواقع عسكرية فى المناطق الحدودية فى شمال إسرائيل، حيث تم بالفعل إجلاء معظم السكان المدنيين، بحسب ما أوردته صحيفة «فاينانشيال تايمز».
فى الوقت نفسه، قامت إسرائيل بالفعل بزيادة عدد الأفراد والعتاد فى منظومة الدفاع الجوى الخاصة بها، والتى تتضمن القبة الحديدية لإسقاط الصواريخ منخفضة المدي، وعدد من الأنظمة الدفاعية الأخرى المصممة للحماية من الصواريخ الباليستية طويلة المدي، كما أُلغيت الإجازات الممنوحة لجميع القوات القتالية الإسرائيلية.
كما سارعت الولايات المتحدة إلى تحريك سفنها الحربية لحماية إسرائيل وقواتها فى المنطقة، حيث أوضح مسئولون أمريكيون أن التحركات شملت إعادة تموضع مدمرتين، إحداهما كانت موجودة بالفعل فى المنطقة والأخرى تمت إعادة توجيهها إلى هناك، لافتين إلى أن واحدة على الأقل من السفن، تحمل نظام الدفاع الصاروخى «إيجيس».
وصرح مسئولان أمريكيان لشبكة CNN، بأن الولايات المتحدة ستحاول اعتراض أى أسلحة يتم إطلاقها على إسرائيل، إذا كان ذلك ممكناً، فى إشارة إلى مستوى التعاون المستمر بين الجيشين قبل الهجوم المتوقع.
كان الرئيس الأمريكى جو بايدن قد صرح فى وقت سابق بأن بلاده ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل وأنها ستدعمها، فيما طلب البيت الأبيض من تل أبيب أن تدرس بعناية ردها على أى هجوم إيراني، وأن تضع فى اعتبارها احتمال أن يؤدى ذلك إلى «مزيد من التصعيد.
قال بايدن أيضاً إن تل أبيب لم تتشاور معها ولم تبلغها قبل الضربة التى استهدفت مبنى القنصلية الايرانية فى سوريا، رغم آثارها المحتملة على القوات الأمريكية فى المنطقة.
وعلى الجانب الاسرائيلى ، التقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مسئولين أمنيين كبار، من بينهم جالانت، لمناقشة استعداد إسرائيل للرد الإيراني.
بدورها، أشارت طهران أيضاً فى وقت سابق إلى أن الرد سيكون مدروساً لتجنب تصعيد الصراع، وسط موجة من الدعوات الدبلوماسية للتهدئة، إذ صرحت على لسان مسئولين بأنها سترد على الغارة إسرائيلية على قنصليتها فى دمشق «بطريقة محسوبة، لإبعاد احتمالات صراع إقليمى شامل».
ونقلت «فاينانشيال تايمز» عن مصادر مطلعة، إن المكالمات الدبلوماسية التى جرت بين إيران وحلفائها الإقليميين والعواصم الأوروبية هذا الأسبوع، دفعت بعض المسئولين الغربيين على الأقل إلى استنتاج أن إيران تستعد لرد «يهدف إلى إظهار قوة الردع وضبط النفس».
لفتت الصحيفة أنه حتى الهجوم المباشر على الأراضى الإسرائيلية «من المحتمل أن يكون مدروساً بطريقة تظهر رداً قوياً، دون إثارة انتقام إسرائيلى يؤدى إلى تدمير الأصول الإيرانية فى لبنان وسوريا»، فى حين حذر من إمكانية وقوع إيران فى «سوء تقدير يُحدث خطأ فى الحسابات».
ولفت إلى أن طهران لا تريد المخاطرة بمزيد من العزلة الدولية من خلال ضرب أهداف دبلوماسية إسرائيلية فى دولة صديقة، ولا يمكنها بسهولة استهداف الأصول الدبلوماسية الإسرائيلية فى دول غير صديقة».
وقال دبلوماسيون غربيون، إن إسرائيل «قد تكون قادرة على التسامح» مع هجوم لا يلحق سوى بعض الأضرار المادية بالمنشآت العسكرية، ولكن إذا قُتل مدنيون أو عسكريون، فإن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى رد فعل إسرائيلى أوسع.
وقد هدد كبار المسئولين الإسرائيليين بالرد، ليس دفاعياً فحسب، بل بشكل هجومى ويشمل ذلك ضرب إيران مباشرة، إذا تم استهداف إسرائيل من الأراضى الإيرانية.
ولمحاولة احتواء التوترات اتصل وزيرا خارجية ألمانيا وبريطانيا أنالينا بيربوك، وديفيد كاميرون، بنظيرهما الإيرانى حسين أمير عبد اللهيان، ليطلبا من طهران عدم مهاجمة إسرائيل.
أجرى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، سلسلة من المكالمات مع نظرائه الأجانب وأن هناك عدداً من الدول فى الشرق الأوسط، نقلت الرسالة نفسها إلى إيران.
وسحبت فرنسا أفراد عائلات موظفيها الدبلوماسيين من طهران، ونصحت مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى إيران أو لبنان أو إسرائيل أو الأراضى الفلسطينية فى الأيام المقبلة، كما حظرت بعثات المسئولين الفرنسيين إلى تلك الدول.
كانت قد طالبت عدة دول رعاياها بمغادرة إيران وإسرائيل، فى ظل أجواء من الترقب لرد إيرانى محتمل على الهجوم الإسرائيلى الذى استهدف القنصلية الإيرانية بالعاصمة السورية مطلع أبريل الجاري.