هناك عام سمى بعام الحزن عانى فيه رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لأسباب عدة منها وفاة اقرب الناس له أبى طالب وزوجته خديجة وأيضاً ما عاناه من مصاعب فى طريق الدعوة وتمادى المشركين عليه ولكن عقب هذا العام كانت المكافأة ففى شدة ما لاقاه رسول الله من قريش أُنزلت عليه المواساة الربانية بحدوث رحلتى الإسراء والمعراج.
فما حدث لرسول الله «صلى الله عليه وسلم» درس وعبرة للجميع؛ فبداية يظن البعض ان الحزن مناف للايمان وعندما يمر الشخص بفترات صعبة ويشعر بالضيق والحزن يجد البعض يخبره الا يحزن لأن من إيمان المرء الا يحزن وهذا ليس بصحيح؛ فقد حزن الرسل والأنبياء وقال الله فى كتابه الكريم «لا تخافا»؛ لا تحزني؛ وذكر لفظ الحزن والخوف والمشاعر التى لا يستطيع الإنسان أن يتحكم فيها؛ فقد حزن رسول الله عامًا كاملاً وكان سبب الحزن فقدان أقرب الناس إليه من يساندونه فى الدعوة بخلاف الصعاب التى مر بها أثناء الدعوة؛ فمن لم يحزن ويطول حزنه حتى وصل لعام؟! بالتأكيد هناك من شعر بالحزن سواء طالت المدة أو قصرت ولكن من استفاد من تلك الفترة فبكل تأكيد نتعلم من فترة الحزن.
فمن فقد اقرب الناس له سواء بالموت أو بالبعد تعلم الا يتعلق قلبه بغير الله ولا يعتمد على البشر بل على رب البشر؛ غلق الأبواب التى طرقتها يعلمك الا تقف كثيراً أمام الأبواب المغلقة بل ابحث دائماً على البدائل فهناك حتما طرقًا أخرى للنجاح والوصول لهدفك وما أغلق الله بابا فى وجهك ليخبرك بأن هناك طرق أخري؛ فى كثير من الأحيان نظن ان تلك الأبواب خير وأحياناً أخرى نعتقد ان ما يحدث لنا شر ولا نعلم بأن الخير يكمن فى الشر؛ فعقب ما تعرض له رسول الله من صعاب وحصار من الكفار بدأ بالبحث عن حلول أخري، فكانت النتيجة الهجرة إلى المدينة المنورة التى تعتبر منطلق الدولة الإسلاميّة.
فكل إنسان يمر عليه عام حزن تتكالب عليه كل المحن يتعرض لغدر من اقرب الناس له وهذا ما حدث مع سيدنا يوسف عليه السلام فقد تآمر عليه إخوته وتم القاؤه فى البير وتعرض أيضاً لمحن عدة تم زجه فى السجن ظلم وتم اغوائه من زليخة وتم بيعه كعبد؛ وبكل تأكيد تأثر نفسيا مما حدث وشعر بالحزن والظلم ولكن نصره الله فى النهاية فقد أصبح عزيز مصر وسجد له إخوته الذين حاولوا قتله والخلاص منه.
فعندما تشعر بالحزن أياً كان سببه تذكر أشرف خلق الله الرسل والأنبياء وما تعرضوا له وستجد نفسك تشعر بالأمان والطمأنينة وقرب نصر الله لك؛ فكل شيء يحدث بسبب قد نجهله الآن ولكن عاجلاً أم أجلاً سوف تعرف الحكمة التى بها يطمئن قلبك؛ ونحن فى دار ابتلاء والكل مبتلى أياً كان نوع الابتلاء سواء تمثل فى غدر اقرب الناس لك؛ أم موت الاعزاء؛ أم تعرضك لظلم من احدهم؛ ولكن هل الجميع نجح فى الابتلاء؟! بكل تأكيد هناك من نجح فى الابتلاء وكافأه الله بكل تأكيد لدرجة انه سيشعر انه لم يبتل قط؛ وهناك من يرسب فى الامتحان ولن ينجو من الابتلاء بل سيظل فى الابتلاء للأبد.