إلى أين يذهب نتنياهو بإسرائيل؟!.. حتى بعد مقتل يحيى السنوار رئيس حركة حماس لن يتوقف عن الإجرام.. فما هى حساباته وأهدافه رغم مستنقع الفشل الذى يلاحقه للعام الثانى على التوالى فى قطاع غزة وفى جبهة لبنان، حتى باتت اسرائيل تنزف بغزارة على كافة الجبهات فى ظل اختراق كافة الجبهات للعمق الاسرائيلى فى حيفا وعكا وتل أبيب حتى منزل نتنياهو وصلت إليه المسيرات وهو ما يؤكد القدرة على الوصول والاختراق، بالإضافة إلى مدن الشمال المتاخمة للحدود مع لبنان، وباتت صواريخ ومسيرات إيران وحزب الله والحوثيين والعراق توقع خسائر فادحة فى العمق الاسرائيلى، خاصة بعد الهجوم الايرانى الذى تسبب فى آلام لإسرائيل ومازالت المنطقة تنتظر رد جيش الاحتلال الذى تأخر ومازال التفاوض مع واشنطن يدور حول مضمون وأهداف الهجوم الذى سيشعل المنطقة، وما يتردد عن وجود خلاف وتعقيدات حول تأثر دول الجوار أو استخدام مجالها الجوى، وهو الأمر الذى سيدخلها فى مواجهة مباشرة مع إيران، وهددت طهران باستهداف أى دولة تتورط فى هذا الصراع أو الهجوم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وإذا ما أقدمت اسرائيل على شن هجوم واسع قد يستهدف المنشآت النووية والنفطية فى إيران، فإننا أمام نذر الحرب الإقليمية الشاملة.
نتنياهو حدد أهداف عدوانه على قطاع غزة فى الثامن من اكتوبر العام الماضى، وهو القضاء على حماس والمقاومة وقدراتها والسيطرة على غزة واطلاق سراح الأسرى والرهائن الاسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.. ومع تصاعد الاشتباك مع حزب الله فى الشمال وتهجير المستوطنين الاسرائيليين فى المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، قرر نتنياهو إضافة هدف رابع وهو القضاء على حزب الله وتدمير قدراته لاستعادة المستوطنين إلى مستعمرات الشمال، وقام بهجوم كاسح بدءاً بتفجيرات »البيجر« واللاسلكى، ثم اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وجميع قيادات الحزب من الصفين الأول والثانى وقادة العمليات العسكرية وشن غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية وأهداف أخرى فى لبنان تستهدف قادة وقدرات ومنصات الصواريخ الخاصة بالحزب.. لكن السؤال هل استطاع نتنياهو أن يحقق أهدافه الأربعة فى الأراضى الفلسطينية »غزة« والشمال اللبنانى؟، هل نجح فى حسم الموقف على أى جهة؟!، هل تمكن من تدمير قدرات المقاومة الفلسطينية؟!، وهل نجح فى القضاء على قدرات حزب الله؟!، وهل أخمد أو حسم الموقف على جبهات إيران واليمن والعراق؟!.. الحقيقة، لم يحدث.. فمازالت المقاومة الفلسطينية تضرب بقوة وتحدث خسائر هائلة فى ضباط وجنود وآليات جيش الاحتلال وتنصب كمائن وتحصد أرواحاً وتصيب جنود جيش الاحتلال، ومازالت صواريخها تنطلق نحو الأراضى الاسرائيلية المحتلة.. وجل ما يفعله نتنياهو أنه يتمادى فى حرب الإبادة والمجازر والمذابح وقتل المدنيين من الأطفال والنساء وحصار الفلسطينيين وتدمير المستشفيات، حتى غدت لا توجد رعاية صحية فى القطاع، بالإضافة إلى حرب التجويع، حتى بلغت الكارثة الانسانية فى غزة ولم يربح نتنياهو وحكومته المتطرفة أى شىء ولم يحقق أى هدف ومازالت تعيث فى القطاع فساداً وتدميراً وقتلاً وإبادة وتجويعاً.
لم ينجح نتنياهو فى تدمير مقدرات حزب الله ووضع أهدافه أنه سوف يقضى على حزب الله بالكامل ويعيد المستوطنين إلى الشمال.. من الواضح أن حزب الله مع الوقت نجح فى امتصاص الصدمة بل الزلزال العنيف الذى أصابه من فرط الضربات الاسرائيلية الساحقة وأبرزها إخماد مصادر المعلومات التى ترسل إلى اسرائيل عن تحركاته وأهدافه وقياداته بعد الحديث عن القبض على اسماعيل قاآنى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى أو ما يتردد عن تورط مدير مكتبه فى تسريب المعلومات لإسرائيل والموساد.
حزب الله مازال لديه قدرات موجعة لإسرائيل فى ظل الخسائر الباهظة التى أحدثتها ضربة حزب الله لنخبة جولانى فى بنيامينا، مع عدم نجاح قوات حزب الله فى التصدى لمحاولات اختراق الحدود من قبل القوات الاسرائيلية، ومازال التوغل البرى رهن أوهام نتنياهو، وهو الذى قال فى بدء الهجوم على لبنان إنه سيقوم بتغيير المعادلة فى الشرق الأوسط، وبالتالى فإن أهداف أو هدف نتنياهو المعلن الخاص بالحدود الشمالية وإعادة المستوطنين لم ولن يتحقق.. إذن لماذا يفتح نتنياهو جبهات كثيرة ولا يستطيع الحسم فيها؟!، فلم ينجح فى قطاع غزة أو مع حزب الله أو مع إيران أو الحوثيين، حتى صواريخ عناصر المقاومة فى العراق تحدث خسائر وتقتل جنوداً من جيش الاحتلال، وبالتالى فإن نتنياهو يراكم خسائر اسرائيل ويزيد من رصيد النزيف فى دولة الاحتلال، وباتت الأوضاع فى اسرائيل بالنسبة للمواطن الاسرائيلى لا تطاق، فهو لا يشعر بالأمن وسط تصاعد عملية الاستهداف والاختراقات بالصواريخ والمسيرات من جبهات كثيرة، مع توقف شبه دائم للحياة فى اسرائيل، التعليم والاقتصاد والسياحة، وفشل منظومة القبة الحديدية فى حماية العمق الاسرائيلى من الصواريخ والمسيرات على كافة الجبهات، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى جو بايدن فى موقف غريب يشير إلى طبيعة الموقف الأمريكى من عربدة نتنياهو فى المنطقة إلى إرسال منظومة »ثاد« ومعها 100 جندى لإدارة وتشغيل هذه المنظومة لصد الصواريخ التى فشلت القبة الحديدية فى إسقاطها، وأصابت اسرائيل بخسائر فادحة، ما بين الهجوم الاسرائيلى المنتظر أو المتوقع على إيران والرد الذى يتبعه من طهران وما بين تصاعد ضربات حزب الله بعد استفاقته ولملمة نفسه بعد الضربات الموجعة التى تلقاها من اسرائيل وتنامى الاختراقات الصاروخية وبالمسيرات وإصابتها لأهدافها فى المنشآت العسكرية أو حصدها لأرواح الضباط والجنود أو إجهاض هدف نتنياهو فى إعادة المستوطنين إلى الشمال، وهو أمر ليس بالسهولة التى تعامل معها رئيس حكومة الكيان الصهيونى، وبما يعنى أن المعركة مستمرة ومتواصلة، وأن قدرات وضربات حزب الله متواصلة وربما تدعمها بكثافة ضربات من اليمن والعراق، وقد تصل إلى معركة شاملة مع إيران فى حالة توسع اسرائيل فى أهداف هجومها على إيران.
وفى ظنى أن نتنياهو سوف يزيد من ضرباته التى تستهدف توسعة المأساة الانسانية بإسقاط المدنيين شهداء وجرحى، وتدمير كافة المنشآت والخدمات حتى قوات حفظ السلام »يونيفيل«.. ومن البجاحة، أن أرسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة يطلب منه خروج قوات حفظ السلام وهو لا يتورع عن استهداف سيارات الاسعاف بحجة انها تنقل أسلحة وهو سيناريو مستهلك نفذه فى غزة، أو وجود مقاتلين ليتمادى فى حرب الإبادة وجرائم الحرب التى يرتكبها فى ظل خسائره وضربات المقاومة المؤلمة التى تفضحه أمام الاسرائيليين.
إلى أى مدى يذهب نتنياهو بإسرائيل والمنطقة؟!، وهل يتراجع أو يركع فى ظل مستنقع الخسائر والتكلفة الباهظة التى تسددها اسرائيل ومواطنوها من الصهاينة؟!، وهل يتوقف الدعم الأمريكى لعدوان اسرائيل المستمر فى المنطقة؟!.. أظن أن حماقة وجنون نتنياهو لن يتوقفا إلا بكارثة أو ضربة قاصمة أو ربما لا يتوقف ويواصل القتل والتدمير وأيضا استنزاف اسرائيل.