.. الصفقة الأخيرة لتبادل الأسرى، واحدة من المعارك المهمة فى حرب غزة، التى لم ولن تنتهى مع استمرار روح المقاومة، التى يروى بذورها دماء الشهداء، وحكايات بطولاتهم، فى واقع يرفض قطعيا الإستسلام للسفاحين واللصوص، واقع يستهين بحياة دون كرامة فى وطن حر على أرض الأباء والأجداد، وذاكرة، مفعمة بدموية الدونية الصهيونية، يتوارثها الأجيال ، ورغم مشروعية الانتقام، إلا أن ثقافة العقيدة، ضبطت الأداء السلوكى لدى الفلسطينين، فى التعامل مع أسرى العدو، بعكس العدو الذى امعن التنكيل بأسراه من الفلسطينيين، مما عزز تفضيلهم الحرية موتا، عن عذاب سجان دموى مريض بكل أعوجاجات النفس، ليغدو آلة لانتاج كل أنواع الأذى.
.. تحرير الأسرى كان له ثمن ضخم تكبده طرفا الصراع، وكل منهما جاد، بأعز ما يملك، وليس اقل من الروح فداء الوطن فى عقيدتنا، وماذا غير الاموال لدى لصوص وطن ؟، افسدوا فرادى وجماعات كل ارض ووطن.
.. أرقام متضاربة، اتفقت فى النسب والفارق المهول، ما لا يقل عن 150 ألف شهيد فلسطينى ونصف مليون جريح، والباقى مكلوم وشريد وجائع، ولا أكثر من الفى قتيل وجريح من بنى إسرائيل، 77 مليار دولار تكلفة الحرب منها 34 تكلفة مباشرة، و38 عجز موازنه، و644 مليوناً خسارة يومية بقطاع البناء، واغلاق 50 ٪ من مواقعه لندرة العمالة، بينما أغلقت 60 الف شركة مختلفة الأنشطة أبوابها، وانهيار 70 ٪ من النشاط السياحى، واضرار مالية طالت 65 ٪ من الاسرائيليين، مما رفع نسبة المنحدرين تحت الفقر إلى 25 ٪ منهم، مقابل تهدم 90 ٪ من مقومات حياة الفلسطينيين فى غزة، بكل ما تعنيه العبارة، لتغنى عن استحالة الحصر، ليس للخسائر فحسب، ولكن ايضا لبذور جديدة لصراع يستمر، باستمرار البيئة المثالية، من العند والتطرف، فى مواجهة حق الحياة، لشعب لا يهاب الموت، ولا تردعه كثرة ضحاياه، وعمق مواجعه عن المقاومة.
.. كل من الزعيم الراحل محمد أنور السادات، وإسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل، اغتيلا بيد التطرف، وهما يخطوان نحو السلام الصعب، الأول بعد اتفاقات كامب ديفيد، والثانى بعد توافقات أوسلو، ومنذ ذلك الحين، وقبله، نزيف الدم لا يتوقف، وكأن ذاكرة التاريخ، قد عقمت عن انجاب دروس مستفادة، تدفع الجميع لاتخاذ مسار اخر، بعيدا عن الدائرة الفارغة من اى مضامين غير الدم.
.. الصفقة الاخيرة، فى النهاية كانت محصلة مفاوضات وتبادل قناعات ووساطات، كان اللاعب الاكبر فيها كل من مصر وقطر، اما ولاية ترامب، المندفع بأجندة الغربال الجديد، وكاريزما التشبع بغطرسة القوة العالمية الاولى، والطريقة الامريكية، فى إبادة، وتهجير المواطنين قسريا عن أوطانهم، دون السعى إلى سلام لا يستدام إلا بمنطق العدالة
.. الذين نفروا دعما للصهاينة لا قناعة لديهم إلا بمعادلة القوة والمصالح، لهذا تغيب بشارة انتهاء الصراع، فى المنظور القريب، بإعتبار أن المصالح لا تنتهى، والإغراءات لا تقاوم، فى الشرق الأوسط، الغنى بالثروات، الضعيف بالانقسامات.
.. وتظل ام الدنيا، صاحبة المقام الرفيع، قوية بوحدتها، والتفاف شعبها حول قيادتها الوطنية، لتقول للعالم الا مصر