خلال السنوات القليلة الماضية كتبت أكثر من مقال عما يدور فى هيئة قصور الثقافة ويحتاج إلى وزير قوى وصاحب قرار لإصلاح الأمر، والأهم أن ذلك يحتاج أيضاً إلى رئيس هيئة يمتلك القدرة على التنفيذ.. ولم يرغب أو يستطع أحد وقتها التحرك خطوة واحدة نحو تطهير المخالفات الإدارية وغيرها سواء عن عمد وقصد أو لا..
لقد سمحت لى الظروف وقتها أن أزور بعض المواقع التى يسمونها ثقافية فى عدد من المحافظات النائية والوجه القبلى.. وبمجرد دخولنا هذه الأماكن أصبت بالصدمة.. فالمكان عبارة عن غرفة أو غرفتين لا تتعدى مساحتها ستة أمتار مربعة ودورة مياه فى منزل متهالك ويقولون إنهم يمارسون فيها الهوايات الثقافية واكتشاف المواهب الفنية والشعرية.. وهذه الغرف الضيقة تكتظ بحوالى عشرين موظفاً وموظفة كل منهم على كادر إدارى مختلف.. وطبعاً يتقاضون مرتباتهم ومكافآتهم على أكمل وجه وأظن والله أعلم أنهم لا يحضرون للمكان إلا عند وجود زيارة من مقر الهيئة بالقاهرة مثلما حدث معنا.. وأنه يتم تخصيص ميزانيات لأنشطة من الصعب أو المستحيل أن تتم فى هذه البيئة غير الصالحة لدرجة أنه فى إحدى هذه الجولات استمعنا للمواهب على رصيف نهر النيل من مطربين ومنشدين وشعراء لأن الغرفة التى كانت مخصصة للقاء كانت ستنفجر من الزحام مع انقطاع الكهرباء.. وأتحدى أن تكون إحدى هذه المواهب قد أخذت فرصتها فى الانتشار ولو على المستوى المحلى..
لذلك أحيى د. أحمد هنو وزير الثقافة على القرار الجرىء بإغلاق هذه «الدكاكين» والتى يتعرض بسببها لحملة هجوم منظمة وشرسة.. وما يطمئننى إلى سلامة القرار أن الهيئة يتولى مسئوليتها اللواء جمال اللبان وهو أحسن اختيار فى حركة التغييرات التى أجراها الوزير لأن طبيعة عمل اللبان السابقة تتيح له أن يتعامل بالمعلومات والأسانيد القوية.. ويتذكر الوزير أننى كتبت وهمست له عند توليه أمور الوزارة بأنه سيواجه مافيا المنتفعين وأصحاب المصالح المشتركة فى كل المواقع الثقافية بدون استثناء حتى داخل ديوان الوزارة.. وهذا ما يحدث منذ إجرائه للتغييرات القيادية.. وعليه أن يستمر فى طريقه لعل وعسى أن يصلح ما أفسده الدهر وتم تدميره.