كل ما يحدث فى عالم اليوم من جرائم على يد بنى إسرائيل بكل فصائلهم وجماعاتهم المتطرفة يؤكد لنا إعجاز القرآن الكريم فى الحديث عنهم ورصد رذائلهم وكشف فسادهم .. فالقارئ لكتاب الله الخاتم يرى بوضوح أنه قد سجل على بنى إسرائيل كثيرًا من الأخلاق السيئة، والطباع القبيحة، والمسالك الخبيثة.. فقد وصفهم بالكفر والجحود والأنانية والغرور، والجبن والكذب، واللجاج والمخادعة، والعصيان والتعدي، وقسوة القلب، وانحراف الطبع، والمسارعة فى الإثم والعدوان، وأكل أموال الناس بالباطل، إلى غير ذلك من الرذائل التى سجلها القرآن عليهم، والتى نراها عبر العصور واستحقوا بسببها الطرد من رحمة الله، وضرب الذلة والمسكنة عليهم فى حقبات من التاريخ القديم، ووعد من الله بأن يعيد توقيع العقاب الدنيوى بهم من جديد طالما استمروا فى فسادهم وانحرافهم وواصلوا الجرائم التى أدمنوها ونشروا من خلالها الظلم فى العالم.
الجرائم والقبائح التى سجلها القرآن عليهم، نراها الآن- كما يقول شيخ الأزهر الراحل د.محمد سيد طنطاوى رحمه الله- واضحة جلية فيهم على مر العصور، واختلاف الأمكنة، ولم تزدهم الأيام إلا رسوخا فيها وتمكنا منها، وتعلقا بها.. وأبرزها: نقضهم للعهود والمواثيق، وسوء أدبهم مع الخالق سبحانه وتعالي، وعداوتهم لملائكته، وقتلهم لأنبيائه، وجحودهم الحق، وكراهتهم الخير لغيرهم بدافع الأنانية والحسد، وتحايلهم على استحلال محارم الله، ونبذهم للكتب السماوية، واتباعهم للسحر والأوهام الشيطانية، وتحريفهم للكلم عن مواضعه، ونسيانهم حظّا مما ذكروا به، وحرصهم على الحياة، وجبنهم عن الجهاد فى سبيل الله، وطلبهم من نبيهم موسى أن يجعل لهم إلهًا كما لغيرهم آلهة، وعكوفهم على عبادة العجل، وتنطعهم فى الدين.
>>>
يقول د.طنطاوى فى رسالته العلمية التى نال بها درجة الدكتوراه: «صفة نقض العهود من الصفات التى دمغ القرآن الكريم بها اليهود فى كثير من آياته، والمتتبع لتاريخهم قديمًا وحديثًا يرى أن هذه الرذيلة تكاد تكون طبيعة فيهم، فقد أخذ الله عليهم كثيرًا من المواثيق، على لسان أنبيائه ورسله، ولكنهم نقضوها، وعاهدهم النبي- أكثر من مرة، فكانوا ينقضون عهدهم فى كل مرة.. وفى سورة البقرة آيات كريمة صرحت بأن اليهود قد نقضوا – إلا قليلًا منهم- العهود، التى أخذها الله عليهم بأن يعبدوه، ويعملوا صالحًا.. والمراد ببنى إسرائيل فى الآية الكريمة: سلفهم وخلفهم؛ لأن هذه الأوامر والنواهى التى تناولتها الآيات الكريمة، والتى هى مضمون العهد المأخوذ عليهم، قد أخذت عليهم جميعًا على لسان أنبيائهم ورسلهم.
قتل الأبرياء وإهدار حقهم فى الحياة من الرزائل التى ابتلى الله بها البشرية على يد الصهاينة، فهى عادة متأصلة فيهم عبر التاريخ، ومنذ أن ابتليت بهم البشرية، وهى وصف ثابت لهم، وسجية معروفة منهم، وقد حاولوا قتل رسولنا الخاتم صلوات الله وسلامه وعليه، ونشروا فى العالم فسادهم وقبحهم.. ويسجل التاريخ قائمة طويلة من عدوان الصهاينة وقتلهم الأبرياء بغير حق فى كل دول العالم، كما سجل المؤرخون صفحات سوداء من اغتيالهم لخصومهم خارج مسرح المواجهة المشروعة فى ساحات القتال، كما نرى منهم الآن.. لقد قتل الصهاينة منذ 7 أكتوبر الماضى وحتى اليوم أكثر من 50 الف فلسطينى بريء فى قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان وإيران والعراق واليمن، ، وما قتل إسماعيل هنية فى إيران أفدح من قتل المدنيين فى الأراضى المحتلة، بل هو حلقة فى سلسلة اغتيالات أمر بها مجرم الحرب الأول فى العالم (النتن ياهو) وينفذها الموساد والشاباك الصهيوني، ولولا خشيتهم من ردة فعل الدول الأخرى التى يقيم على أرضها فلسطينيون ينتمون لحركات المقاومة لتكررت الجريمة فى دول عربية وإسلامية عديدة.
>>>
والواقع أن معاناتنا الشديدة مع هؤلاء القوم وما قتلوه من العرب والمسلمين دون ذنب، وما مارسوه من عدوان على الأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال فى العديد من الدول العربية وممارستهم كل أشكال الارهاب ضدنا هو حلقة فى سلسلة جرائمهم مع كل شعوب العالم عبر التاريخ.. وهنا يقول د.طنطاوي: «إن إفساد الصهاينة فى الأرض أمر اتسع نطاقه، وعم بلاؤه، وتعددت أساليبه، وتنوعت وسائله، ومن ألوانه: القتل والاغتيال، وقد سجل القرآن الكريم عليهم ذلك فى كثير من آياته حيث قتلوا الأنبياء، والذين يأمرونهم بالقسط من الناس، وهؤلاء القوم لم يقابلوا جميل الرسول الخاتم معهم بالجميل، بل قابلوا حلم رسول الله فى التعامل معهم بالتمرد والغدر والإساءة، بل انتقلوا من نطاق جحود النبوة، وتشكيك المسلمين فى صحة دين الإسلام إلى نطاق الغدر ونقض العهود والمجاهرة بالكراهية والاستنكار».
لقد اكتوى العالم كله بنار الصهاينة ونكل بهم وانتقم منهم ولم يفعل بهم العرب والمسلمون (واحد فى المائة) مما فعله العالم بهم ردا على جرائمهم ورذائلهم.. وأورد أمثلة مدعومة بالبراهين التاريخية، وما حل بهم على أيدى بعض الدول الأوروبية، جزاء إجرامهم وإثارتهم للفتن كثير جدا، ومرصود فى كتب التاريخ.
وصدق الله العظيم حيث يقول فى سورة المائدة: «لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا».. وقد قدمهم الله فى الذكر على المشركين لأنهم أكثر منهم حقدا وجحودا وعدوانا كما أكد المفسرون.