التعليم هو مفتاح التقدم، ولا نهضة حقيقية دون تعليم حقيقى. التعليم يخلق طاقة بشرية تستطيع بناء اقتصاد منتج، عن طريق توطين صناعات محلية تستطيع منافسة الأسواق العالمية.
لا يمكن لأى اقتصاد أن ينمو إلا بتكثيف الاستثمار فى قطاعات البشر عن طريق التعليم، الذى أصبح أهم عناصر العملية الإنتاجية، فى عصر تعد فيه المعلومات والتكنولوجيا المدخل لصناعة اقتصاد قوى، حتى أمريكا القوة العظمى فى العالم، لم تنهض لا بالنفط ولا الموارد الطبيعية، على أهميتها، بل ببناء نظام تعليمى مؤسس فلسفياً على الأطر البرجمانية، وعمل عليه مجموعة من العلماء والتربويين لعدة سنوات، إلى أن وضعوا خارطة طريق أوصلت أمريكا إلى تسيد العالم تكنولوجيا وصناعياً، وبالتالى اقتصادياً وعسكرياً، خلال النظام التعليمى والبحث العلمى.
وفى ماليزيا خلال فترة حكم مهاتير محمد 22 عاماً «1981 – 2003» واهتمامه بالتعليم، وكانت دولة زراعية فقيرة «70 ٪ من سكانها تحت خط الفقر» تعتمد على تصدير بعض السلع البسيطة مثل المطاط والقصدير، أصبحت دولة صناعية متقدمة، وتضاعف دخل الفرد عدة مرات من ألف دولار إلى 16 ألف دولار، وانخفضت نسبة الفقر إلى أقل من 4 ٪، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3 ٪، وارتفع حجم الاحتياطى النقدى من 3 مليارات دولار إلى 98 مليار دولار، وقفز حجم الصادرات من 15 مليار دولار إلى 200 مليار دولار. وأصبحت ماليزيا من النمور الآسيوية.
التعليم يشمل ستة عوامل: ثلاثة بشرية، وثلاثة غير بشرية. البشرية: هى الطالب، والمدرس، وولى الأمر. وغير البشرية: المدرسة، والمنهج، والوسائل التعليمية «الملاعب الرياضية، والفنون، والثقافة».
وأما عن كيفية النهوض بالتعليم فى مصر:
فلابد من رصد ما لا يقل عن 15 ٪ من الدخل القومى للتعليم، ويخصص منها الجزء الأكبر فى بناء المدارس، وتأهيل المعلم، والارتقاء بالمناهج العلمية على كافة المستويات.
بناء المدارس: يجب تركيز الاستثمار العقارى فى بناء المدارس على نظم واحدة وكاملة، الأنشطة الرياضية والفنية من خلال شركات التطوير العقارى، ويتم تأجيرها للدولة بتمويل عقارى من البنوك يسدد على 12 سنة مدة الدراسة الأولية، على أن يتم تسليم المدارس فى أقل من عامين، حتى نصل إلى الكثافة الطلابية المناسبة للفصول التعليمية. وتوزع المدارس حسب الكثافة السكانية، ويقبل الطالب فقط فى منطقته الجغرافية حسب محل سكنه.
الحد من التوسع فى التعليم الخاص، ووضع حد أعلى لرسومه، واخضاع هذه المدارس للرقابة الكاملة من وزارة التعليم. ومنع التعليم «الأون لاين»، الا فى ظل الأوبئة، واستخدامه فقط فى الفترات المسائية لإرسال الواجبات المدرسية للمدرسين، أو للبحث فى موضوعات الدراسة.
التعليم الفنى من أهم وسائل النهوض بالصناعة: يتم التحويل الاختيارى إلى المدارس الفنية والتجارية والصناعية، بعد المرحلة المتوسطة، مع تقديم دعم إضافى كبير للطلاب كمصروف شهرى كخدمات إضافية من الدولة للذين يختارون هذا النوع من التعليم، مع ضمان وجود وظيفة مباشرة لهم فى الشركات والمصانع والمستشفيات فور تخرجهم.
المعلم: يجب الارتقاء بكليات المعلمين وتعديل وضعهم ليصبحوا فى مكانة كليات القمة الطب والهندسة، كما يتم فى ماليزيا، ويلتحق بها الأوائل فى الثانوية العامة، ويخضع الراغبون فى الالتحاق بكلية المعلمين لاختبارات قاسية لمعرفة مدى صلاحيتهم لتلك المهنة المقدسة. ويجب رفع مرتب المدرس خريج كلية التربية ليكون مساوياً أو أكبر من كليات القمة. والتجريم الفعلى للدروس الخصوصية خارج نطاق المدرسة، واعتباره جريمة مخلة بالشرف.
المنهج: يجب تعديل المناهج كما وكيفا، وخصوصاً فى التعليم الثانوى فبعض المناهج أكبر بكثير من الفصل الدراسى، ويتم إلغاء أجزاء منها كل سنة، ولا يتم تعديلها ويستمر تكرارها كل عام، وهذا من حيث الكم، أما من حيث الكيف فيجب مواكبة التطور العلمى والتكنولوجيى وتغيير بعض المناهج. ويجب أن يكون المنهج الذى يدرسه الطلبة، ملائماً لسوق العمل، ومدى رضا أصحاب العمل من مصانع وشركات عن أداء الخريجين، ومستوى إعدادهم، ويتم قياس المستوى التعليمى للطلاب باستمرار حسب المعدلات العالمية لملاحظة أى قصور أو خلل يطرأ على سير الخطة التعليمية لمعالجتها.