العدالة الاجتماعية، سياسة دولة راسخة أرستها دولة 30 يونيو وقيادتها السياسية التى تعاملت مع الشعب بمصداقية وشفافية، وكأمة واحدة تلتقى عندها المصلحة العامة والمسئولية المشتركة.
المصريون فى حق الوطن سواء فى أداء كل واجباته قدر استطاعته وظروفه، ونيل حقوقه فى العيش الكريم فى ظل احترام الجميع لسيادة القانون دون تفرقة أو استثناء، وإعلاء لمصلحة الوطن ومؤسسات الدولة الوطنية باعتبار أن ذلك هو صمام والأمان لبقاء الوطن والشعب ضد أى أطماع أو مؤامرات أو تحديات، أياً كانت داخلية أو خارجية.
من هذا المنطلق، أنظر إلى سياسات الحكومة الأخيرة فى تحريك أسعار المحروقات والطاقة تقليصاً لحجم الدعم المتزايد على هذه الضروريات الأساسية فى ضوء موجة التضخم العالمية التى أحدثتها تداعيات الأحداث العالمية والصراعات الإقليمية وتأثيرها غير المحدود على اقتصادات العالم أجمع، ومن بينها الاقتصاد المصرى المحمل بكثير من الأعباء الاجتماعية الموروثة منذ أكثر من نصف قرن، خاصة فى فترة التوجه الاشتراكى واستمرار الحكومات لمسألة مغازلة المواطن اقتصادياً ومحاولة إرضائه على حساب الموازنة العامة وزيادة معدلات الدعم الحكومى لكثير من السلع والخدمات، ما أدى إلى تفاقم هذه الأعباء على الموازنة العامة للدولة بصورة متزايدة، خاصة فى ظل النمو السكانى المتزايد.. الأمر الذى مثّل صعوبة على أى محاولة للإصلاح الاقتصادي، والأخطر اعتياد المواطن على مثل هذه السياسات الاقتصادية غير المنطقية، وبحيث صار يرفض أى زيادة لأسعار كل سلعة أو خدمة حتى ولو كان هو شخصياً غير مستفيد منها.. ومنها بالتأكيد أسعار البنزين على سبيل المثال، المستفيد منه أصحاب السيارات فى المقام الأول.
>>>
وقد أدت هذه السياسات إلى تطورات سلبية على العديد من الاتجاهات.. ففى الوقت الذى زادت فيه أعداد السيارات بصورة غير مسبوقة أغرقت الشوارع بطوفان منها، حيث هجر الكثيرون وسائل النقل الجماعى واتجهوا لملكية السيارات حتى ولو رهن البعض منهم مرتبه لدى البنوك محملاً نفسه أقساطاً باهظة شهرياً.. فإن الحكومة نفسها ساهمت فى هذا الخلل الاجتماعى فى تحمل الفارق الكبير بين السعر العالمى للمحروقات وبين السعر الذى يملأ به المواطن خزان سيارته ينتقل بها بلا اكتراث أو عبء مالى فيما هو ضرورى أو غير ضرورى من مشاوير.
هذا بالمناسبة غير موجود فى العالم المتقدم.. فالمواطن هناك قد يكون ممتلكاً لسيارة، ولكنه لديه أيضا اشتراك فى وسيلة النقل الجماعى كالمترو أو الأتوبيس، وقد يكون لديه أيضا دراجة ويستخدم كل هذه الوسائل وفقاً لاحتياجه لها بجانب السير على الأقدام فى المقام الأول.
وقد كان من تداعيات ذلك تخبط أولويات الحكومات فى الماضى فى مسألة الدعم، فتأثرت وسائل المواصلات العامة كالسكك الحديدية والنقل العام والمترو– مترو مصر الجديدة القديم– ما بين تكلفة التشغيل والأسعار المدعمة للركوب، التى تعرضت لإهمال الصيانة نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية لقطع الغيار، فشاهدنا حوادث كارثية للقطارات وخروج مترو مصر الجديدة من الخدمة وتهالك أتوبيسات النقل العام.
استمرت هذه السياسات الخاطئة حتى كانت القرارات الجريئة للقيادة السياسية فى الإصلاح الاقتصادى والنظر بموضوعية وترشيداً لمسألة الدعم والحوكمة فى تكلفة السلعة أو الخدمة المقدمة للمواطن.. فى نفس الوقت الذى لم تتخل فيه الدولة عن مساندة المواطن غير القادر وتوفير الحماية الاجتماعية له فى ظل سياسات اقتصادية تحقق العدالة الاجتماعية التى كانت مجرد شعار فارغ على مدى سنوات طويلة حتى تحقق على يد الرئيس السيسى الذى تصدى لمشكلة العشوائيات ووفر الحياة الكريمة لسكان المناطق الخطرة وبدأت مبادرة «حياة كريمة» لتحسين جودة الحياة فى الريف المصرى والقرى الأكثر احتياجاً، واهتمت الدولة بالفئات المهمشة وكبار السن والأسرة المعيلة وذوى الاحتياجات الخاصة فى منظومة إصلاحية متكاملة قدمت نموذجاً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً يحتذى فى إدارة الدول والحفاظ عليها من التردى والسقوط فى خضم الصراعات والمؤامرات والأطماع التى لا يخلو منها عالمنا.
>>>
باختصار.. الإصلاح الاقتصادى ضرورة، والعدالة الاجتماعية لابد أن تكون لنا جميعاً منهاج حياة، نرضاه بنفوس راضية متعاونة ومتشاركة، من أجل الحفاظ على بلدنا العزيز.