منذ عام 1986 وأنا أتابع الملف الصحى محررا للشئون الصحية.. عشت وتعايشت مع مشكلة وأزمة مصر مع فيروس «سي».. والتى تسببت فى مشاكل لا حصر لها للجميع ابتداء من القيادة السياسية نهاية لأصغر عامل فى قرى مصر يرغب فى السفر للعمل بالخارج.. أضرت هذه المشكلة بالدولة بانحسار تحويلات المصريين بالخارج من ناحية.. وبالأسر المصرية التى يرغب رب أسرتها السفر للعمل.. حضرت وشاركت فى العديد من الاجتماعات ولجان فى وزارة الصحة لمناقشة علاج هذه القضية.. إلى جانب الجلسات الحوارية المجتمعية.. واجتماعات شركات إلحاق العمالة بالغرفة التجارية بالقاهرة والاتحاد العام للغرف التجارية لمناقشة هذه المشكلة خاصة أن بعض هذه الشركات أفلست وأغلقت أبوابها وسرحت موظفيها بسبب انحسار سفر العمالة المصرية لدول الخليج التى أعلنت أنها لن تستقبل هذه العمالة إلا إذا كانت حاملة لشهادة تفيد خلوها من الفيروس.. بل رفضت دخول هذه العمالة بعض شفائها لمجرد أنها تحمل الأجسام المضادة.. كل الاجتماعات أكدت ارتفاع تكلفة العلاج ولا تستطيع الدولة تدبيره فى ذلك الوقت ليبقى الحال على ما هو عليه وتزداد الأمور خطورة وصعوبة.
تناثرت التصريحات هنا وهناك من كبار الأطباء المتخصصين.. البعض يؤكد أن نسبة إصابة المصريين تصل إلى 25٪ من عدد السكان.. والبعض يرى أنها أقل من ذلك بكثير وأصبح العلاج فى ذلك الوقت لمن يستطيع ويقدر ويمتلك القدرة المالية.. إلى أن جاء القرار الحاسم من الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يؤمن ان الإنسان الصحيح وغير المعتل هو القادر على المشاركة فى برامج التنمية الشاملة التى تشهدها مصر حاليا.. ووضع هذا التحدى نصب عينيه وموضع التنفيذ.. وتم عقد العديد من الاجتماعات التى تغيرت لغتها عن اجتماعات فترة الحكم السابقة.. عنوانها الإصرار والتحدى والعزيمة.. خلايا نحل تعمل.. متابعة لحظية من الرئيس.. تعليمات بتوفير وتسخير كافة الإمكانات من أجل الانتصار الذى تحقق بالفعل لتحصل مصر على الاشهاد العالمى من منظمة الصحة العالمية.
يصدر تقرير المنظمة لعام 2024 بشأن دراسة الحالة المصرية ونجاحها فى القضاء على فيروس سى فى إطار تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.. مشيرا إلى الالتزام السياسى بزيادة الانفاق على الرعاية الصحية كان له الأثر الفعال فى نجاح التجربة المصرية.. فبعد أن كانت مصر تمثل أعلى معدلات الإصابة بفيروس الكبد الوبائى سى فى العالم.. أصبحت فى عام 2023 أول دولة تحصل على المركز الذهبى فى القضاء على هذا المرض اللعين الذى فتك بأكباد المصريين بعد أن أصبح العلاج والتحاليل متاحا بالمجان منذ عام 2014.. إلى جانب إطلاق المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة على مستوى البلاد لاكتشاف وعلاج جميع المصابين حيث تم استقبال أكثر من 60 مليون شخص ما بين الفترة من 2018 و2022 وقدمت العلاج بالمجان لعدد 4 ملايين و100 ألف مصرى بأدوية مصنعة محليا.