توغلت الدبابات والقوات الإسرائيلية فى مدينة رفح فجر أمس فى تطور جديد يكشف عن استمرار التصعيد العسكرى الاسرائيلى فى وقت مازالت تبذل فيه الجهود لإفساح المجال للمسار التفاوضي.
قال الجيش الإسرائيلى إنه نفذ «ضربات محددة ضد حماس فى شرق رفح»، التى يزعم إنها المعقل الأخير للحركة. وبعد فترة وجيزة، دخلت الدبابات الإسرائيلية غزة بالقرب من رفح، ووصلت إلى مسافة 200 متر من معبر رفح الفلسطيني.
ويأتى التوغل الإسرائيلى رغم معارضة دولية وأممية خشيةوقوع كارثة إنسانية فى المنطقة التى يقطنها قرابة 1.5 فلسطيني، وفى اعقاب إصدار إسرائيل أوامر إخلاء لنحو 100 ألف من سكان غزة فى أجزاء شرق رفح، الذين طلب منهم الإخلاء إلى منطقة آمنة بالقرب من خان يونس.
من جانبه، أعلن الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية أمس أنه طالب المنظمات الدولية بإخلاء منطقة عمليات الجيش زاعماً أن الهدف من العملية فى رفح تدمير حركة حماس.
كان جيش الاحتلال قد أعلن أنه تم إجلاء الغالبية العظمى من السكان بمنطقة العمليات العسكرية فى رفح الفلسطينية. وأضاف أن قواته كانت تعمل منذ ليل الاثنين، فى منطقة محددة فى شرق رفح، حيث جرى إجلاء معظم السكان وبعض المنظمات الدولية. وقال جيش الاحتلال إن معبر كرم أبو سالم مُغلق لأسباب أمنية وسيُعاد فتحه عندما يسمح الوضع الأمنى بذلك.
فى الوقت نفسه، قال الاحتلال إن قواته باتت تسيطر على الجانب الفلسطينى من معبر رفح.
وفى السياق، قال مُتحدث باسم هيئة المعابر فى غزة لـ «رويترز» إن معبر رفح الحدودى بين القطاع ومصر مُغلق من الجانب الفلسطيني؛ بسبب وجود الدبابات الإسرائيلية.وذكرت ثلاثة مصادر فى الإغاثة الإنسانية لـ «رويترز» أن مرور المساعدات عبر المعبر تعطل.
وأفاد مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلى بأن القوات قامت بعمليات تمشيط للمناطق التى تمت السيطرة عليها مع الوحدات الخاصة.
ونقلت قناة «أى 24 نيوز» عن مصدر إسرائيلى تأكيده أن العملية العسكرية فى رفح محدودة للغاية وتهدف إلى الضغط على حماس للقبول باتفاق الهدنة.
يأتى هذا فيما أفادت مصادر أنه للمرة الثالثة خلال 3 أيام، تنفذ حركة حماس هجوما على معبر كرم أبو سالم، حيث أدى أول هجوم على المعبر إلى مقتل 4 جنود إسرائيليين وإصابة 12 آخرين.
وأعلنت حركة حماس إطلاق صواريخ على موقع عسكرى قرب معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة. وقالت كتائب القسام فى رسالة نصية قصيرة «قصفنا قوات العدو فى موقع «كرم أبو سالم العسكري» بمنظومة الصواريخ «رجوم» قصيرة المدى من عيار 114ملم.
من جانبها كشفت مصادر طبية فلسطينية عن استشهاد 20 فلسطينيًا؛ إثر غارات إسرائيلية استهدفت منازل المدنيين فى رفح الفلسطينية. ووفق مصادر إعلامية فلسطينية، شنت طائرات الاحتلال غارات جوية استهدفت منطقة أبو حلاوة شرقى مدينة رفح.
وأفادت المصادر أن طائرات ومدفعية الاحتلال، كثفت من قصفها لشرق مدينة رفح، وسط إطلاق القنابل المضيئة فى سماء المدينة، خاصة فى المناطق الشرقية، بالتزامن مع تحليق مُكثف لطائرات الاستطلاع.
على الصعيد ذاته، أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيسأنه لا شيء يبرر «الهجوم المتهور» على مدينة رفح الفلسطينية. وحذّر فى منشور له على منصة «إكس»، من شنّ أى عملية عسكرية إسرائيلية على مدينة رفح الفلسطينية التى يقطنها أكثر من مليون نازح.
وأضاف «فرانسيس»، أن شن عملية برية شرق رفح الفلسطينية، سيتسبب فى مزيد من الكوارث الإنسانية. وتابع: أقولها صراحة، لا شيء يبرر الهجوم المتهور على رفح الفلسطينية، والذى سيؤدى إلى المزيد من الكوارث الإنسانية.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلى منعت مسئولين من منظمة الأمم المتحدة من الوصول إلى معبر رفح البرى فى قطاع غزة.
فى سياق متصل، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»من استمرار توقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح الفلسطينى الحدودى مع مصر، الذى أعلنت القوات الإسرائيلية صباح اليوم سيطرتها عليه.
وقالت الأونروا إن استمرار توقف دخول المساعدات وإمدادات الوقود عند معبر رفح، سيوقف الاستجابة الإنسانية الحرجة فى جميع أنحاء قطاع غزة. وأضافت أن «الجوع الكارثي» الذى يواجهه الناس، ولا سيما فى شمال غزة، سيزداد سوءا إذا انقطعت طرق الإمداد.
وكان مدير الوكالة فى غزة، سكوت أندرسون قال إن المنطقة الإنسانية الموسعة حديثًا فى المواصي- حيث وجه الجيش الإسرائيلى آلاف الأشخاص من شرق مدينة رفح للإخلاء إليها- ليست «مناسبة تمامًا» للعيش.
ونقلت «سى إن إن» عن أندرسون قوله إن الجانب الساحلى الغربى من قطاع غزة منطقة رملية فيها الكثير من الشواطئ.. «إنه ليس مكاناً مناسباً للناس ليقيموا خيامهم ويكونوا قادرين على المكوث ومحاولة العيش وتلبية احتياجاتهم الأساسية كل يوم.
من جانبها، أكدت الفصائل الفلسطينية أن العدوان البرى على رفح والمعابر كارثة إنسانية تستهدف 2.5 مليون فلسطيني، وقال مكتب الإعلام الحكومى بغزة إن الوضع شرق محافظة رفح ينذر بكارثة إنسانية بسبب اعتداءات الاحتلال.
ولفت مكتب الإعلام الحكومى بغزة إلى أن المساعدات لنحو 2 مليون نازح فى رفح توقفت. كما نقلت صحف دولية عن مسئول أمريكى قوله إن قادة الاحتلال يتعاملون بانفصال عن عمليات التهدئة ووقف إطلاق النار.
وأكد مدير مستشفى الكويت التخصصى فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة صهيب الهمص، أن الوضع الصحى فى محافظة رفح كارثي، وأن مستشفى الكويت هو الوحيد الموجود فى وسط رفح، وهو يعج بالمرضى والجرحي. وأضاف أن كمية الطعام والأسرة والأجهزة والسولار الموجودة بالمستشفى لا تكفى لمواصلة العمل طويلا.
وأشار الهمص إلى أن المستشفى يستقبل عشرات الشهداء والجرحى وأن هناك صعوبات فى التعامل معها لانعدام الإمكانات والمستلزمات الطبية، موضحا أن جهاز الأشعة الوحيد بالمستشفى توقف عن العمل نتيجة ضغط الحالات.