كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلى أمس قصفها العنيف على مناطق مختلفة فى قطاع غزة، بعد يوم واحد لقرار محكمة العدل الدولية الذى يفرض على إسرائيل منع حدوث إبادة جماعية.
وواصلت الطائرات الإسرائيلية غاراتها على مختلف مناطق القطاع مخلفة العشرات من الشهداء ومئات الجرحى فى اليوم الـ 113 من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، بينما تصاعدت التوترات على الحدود الشمالية بين حزب الله وإسرائيل، كما شهدت مناطق متفرقة من القطاع معارك عنيفة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
أكدت وزارة الصحة فى غزة، ارتفاع عدد ضحايا حرب إسرائيل على القطاع إلى أكثر من 26 ألف شهيد، وإصابة ما يقر من 65 ألفاً منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وأوضحت أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب 18 مجزرة ضد عائلات فى قطاع غزة، راح ضحيتها 174 شهيداً، وأصيب 310 آخرون، خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأشارت إلى أنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفى الطرقات، كما يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدنى إليهم.
وقالت إن الجيش الإسرائيلى دمر وقصف عشرات البنايات والمنازل فى وسط مدينة خان يونس ومنطقة المواصي. وأدى ذلك إلى انقطاع الكهرباء فى مستشفى ناصر، وتوقف العديد من الخدمات وغرف العمليات.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدنى محمود بصل إن الأمطار الغزيرة حاصرت آلاف الخيام للنازحين فى رفح وخان يونس، ومخيم النصيرات ودير البلح، ومدينة غزة وشمال القطاع.
وأضاف أن الأمطار الغزيرة تزيد معاناة النازحين وعشرات الآلاف من الأطفال الذين باتوا ليلتهم وسط البرد الشديد من دون أغطية كافية ولا تدفئة، بسبب استمرار انقطاع الكهرباء منذ بداية الحرب، إضافة إلى عدم توفر الغاز، ما يزيد فرص انتشار الأمراض المعدية، ويفاقم من الوضع الإنسانى الصعب الذى يواجهه نحو مليونى نازح بالقطاع.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود إنه لم يعد هناك نظام صحى عمليا فى غزة بعد أن أصبحت معظم الخدمات فى مستشفى ناصر، حيث لا تزال المنظمة غير الحكومية تعمل، معطلةً الآن بسبب القصف الإسرائيلى على غزة.
وعبرت المنظمة فى بيان عن أسفها لأن «القدرة الجراحية لمستشفى ناصر»، أكبر مرفق صحى فى خان يونس بجنوب قطاع غزة، أصبحت شبه معدومة، مشيرة إلى أنه يتعين على أفراد الطاقم الطبى القلائل الذين بقوا فى المستشفى التعامل مع مخزونات منخفضة جدا من المعدات الطبية.
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه يواصل عملياته فى مدينة خان يونس بقطاع غزة، وزعم أنه قتل مسلحين فلسطينيين، فيما أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكرى لحركة «حماس» استهداف ناقلة جند إسرائيلية هناك.
وأوضح الجيش الإسرائيلى فى بيان أن قواته شنت غارات على أهداف، قال إن من بينها منشأة لتخزين الأسلحة، إضافة إلى العثور على كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة.
وزعم أيضاً أن إحدى غاراته، قتلت 3 أشخاص كانوا يعملون على زرع عبوات ناسفة بالقرب من القوات الإسرائيلية، وأن طائرة أخرى قتلت فلسطينياً آخر كان يعمل على إنشاء نقطة مراقبة لتوجيه عمليات إطلاق النار على القوات.
ولفت الجيش الإسرائيلى إلى استمرار المواجهات فى مواقع مختلفة من خان يونس، وأنه رصد فى أحدها 7 مسلحين داخل مجمع، وأنهم أطلقوا قذائف «آر بى جي» على قواته.
من جهتها، قالت «كتائب القسام» فى بيان عبر «تيليجرام» إنها استهدفت ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة «الياسين 105» فى حى الأمل غرب خان يونس بجنوب قطاع غزة.
وأعلنت جماعة «حزب الله» فى لبنان، أن مقاتليها استهدفوا بالصواريخ انتشاراً ?لجنود إسرائيليين فى محيط موقع جل العلام الحدودي، وحققوا إصابات مباشرة. وقال حزب الله إنه نفذ 9 عمليات ضد مواقع عسكرية إسرائيلية عدة، منها 6 عمليات خلال فترة الليل.
وشنت إسرائيل سلسلة غارات، ونفذت قصفا مدفعيا على عدد من البلدات فى القطاعين الشرقى والغربى على الحدود، ومنها غارة على بلدة بيت ليف استهدفت منزلا، ما أدى إلى مقتل 4 عناصر من حزب الله وجرح آخرين.
كما استهدفت غارة اسرائيلية منزلا فى بلدة دير عامص جنوبى لبنان وأخرى بين بلدتى مارون الراس وعيترون من دون تسجيل إصابات.وتعرضت أكثر من 25 بلدة حدودية جنوبية لقصف مدفعى إسرائيلي. تركز معظمها فى القطاع الشرقي.
ومن جانبها أدانت الخارجية الفلسطينية استمرار الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة رغم القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية، والذى يطالبها باتخاذ التدابير اللازمة لمنع ارتكاب أى ممارسات من شأنها أن تدخل فى نطاق «حرب الإبادة».
وأشارت الخارجية الفلسطينية فى بيان إلى أن القصف العنيف للأحياء والمناطق السكنية تَواصل، مشددة على أن الوقف الفورى لإطلاق النار هو المدخل الوحيد لإلزام إسرائيل بتنفيذ قرار المحكمة.
وأضافت أن استمرار القصف دفع بآلاف المواطنين والنازحين، للنزوح القسرى من خان يونس إلى رفح فى ظل اشتداد قسوة الشتاء والبرد القارس.
وجاء فى البيان أن استمرار حرب الإبادة الجماعية، تحد إسرائيلى لقرار المحكمة، وإمعان فى التدمير الممنهج للقطاع، وخلق بيئة ملوثة طاردة للسكان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن رد فعل إسرائيل على قرار محكمة العدل الدولية يبرهن أنها نظام قائم على العنف والتمييز، ولا يحترم المعايير الدولية، ولا الإجراءات القانونية.
واعتبر كنعانى أن قرار المحكمة يقف شاهداً على الحقيقة المُرة المتمثلة فى أن ما يجرى فى غزة مثال للجرائم الدولية، وتحديداً الإبادة الجماعية، التى ارتُكبت ولا تزال بدعم الولايات المتحدة الأبدى للنظام الصهيوني.
ومن المنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولى اجتماعاً طارئاً الأربعاء المقبل، بعد قرار محكمة العدل الدولية بشأن الحرب فى غزة.
وفى وقت سابق قالت الأمم المتحدة أن أمينها العام أنطونيو جوتيريش سيرسل قرار محكمة العدل الدولية الذى يأمر إسرائيل باتخاذ كافة «التدابير المؤقتة» لحماية الفلسطينيين من جريمة الإبادة الجماعية، إلى مجلس الأمن الدولى على وجه السرعة، واصفةً قرارات المحكمة بـ»الملزمة».