بسلوكه العدوانى الإجرامى فى قطاع غزة والضفة الغربية، ينهى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى اتفاقية «أوسلو» للسلام مع السلطة الفلسطينة إلى جانب الانتهاكات المستمرة لاتفاقيتى السلام مع مصر والأردن، فى إشارات متتالية على أن نتنياهو لا يعبأ بالسلام وأنه بدأ مرحلة التوسع على حساب الأراضى العربية وفقا لما دعا إليه دونالد ترامب المرشح الرئاسى الأمريكى الأسبوع قبل الماضي، ولهذا السبب يماطل نتنياهو فى توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار مع حماس انتظاراً لفوز ترامب فى الانتخابات، والفوز بدعم أمريكى غير محدود لاستكمال مخططه بالتهجير القسرى لسكان قطاع غزة ومواصلة الحرب على الضفة تمهيداً لضمهما إلى إسرائيل، ليأتى ترامب «فى حال عودته للبيت الأبيض» بالاعتراف بالأوضاع الجديدة فى الأراضى المحتلة مثل ما فعل فى فترته الأولى عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووافق على ضم الجولان السورى للكيان الصهيوني.
هذا السيناريو الأول الذى يتوقعه نتنياهو، وهو يعنى وضع الأراضى العربية فى الضفة وغزة رهن الاستيطان، وتصفية القضية الفلسطينية تماماً، أما السيناريو الثانى فهو متعلق بوصول مرشحة الحزب الديمقراطى كاميلا هاريس إلى البيت الأبيض، ففى هذه الحالة سيواجه نتنياهو برفض أمريكى لاحتلال الضفة وغزة وستعلن هاريس استياءها من عمليات الاستيطان الاسرائيلية فى الاراضى المحتلة وانها متمسكة بحل الدولتين وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، وربما توجه بزيارات «مكوكية» لمسئولين أمريكيين لإسرائيل والمنطقة، إلا أن المحصلة النهائية لن تكون فى صالح الفلسطينيين، ولن تستطيع واشنطن إجبار تل أبيب على التراجع والانسحاب من أراضٍ احتلتها بالقوة، نفس الشئ لن تقر عليه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
هكذا يتخيل رئيس الوزراء الإسرائيلى المشهد خلال الشهور القادمة، مواصلاً حربه فى غزة والضفة الغربية، ومن وجهة نظره الإجرامية ليس مهما أن يتجاوز عدد الشهداء والمصابين مئات الآلاف أو أن يعيش الفلسطينيون فوق الأنقاض يعانون من ندرة الطعام وتفشى الأمراض، لقد وضع نتنياهو نفسه فى مصاف رؤساء العصابات الصهيونية «بن جوريون وأشكول ومناحم بيجن» ممن ساهموا فى قيام إسرائيل عام 1948 والتى بلغت مساحتها وقتها نحو 20 ألف كيلو متر مربع، زادت هذه المساحة بعد حرب 1967 بالاستيلاء على أراض عربية بلغت حوالى 13 ألف كيلو متر مربع، وهنا تتراءى لرئيس الوزراء الاسرائيلى صور «جولدا مائير وموشى ديان وشارون وأبا إيبان»، غير أن نتنياهو يرى امكانية تجاوز جرائم هؤلاء باستغلال الاوضاع العالمية والإقليمية الحالية والاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضى العربية وتنفيذ أهم مرحلة فى مخططات الصهيونية العالمية والمتعلقة بـ»إسرائيل الكبري».
إذن نحن أمام سيناريوهين كلاهما «مر» لأن السماح بتنفيذ أحدهما يعنى إنهاء حالة السلام فى المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية، ولكن ما يقلل من مساحة التشاؤم وربما يعيد الأمور إلى مسارها الصحيح، بعض الملاحظات التالية:
> كشفت الاعتداءات الوحشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، طبيعة الكيان الصهونى وأنه مجتمع دموى قام على القتل واحتلال أراضى الغير بالقوة، ومن ثم بدأت عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية تناقش حقيقة المجتمع الإسرائيلى وأنه لا يستحق التعاطف ولابد من محاكمة قادته على الجرائم التى ارتكبوها ضد الإنسانية.
> انتشار المظاهرات حول العالم المنددة بحرب الإبادة الإسرائيلية إلى جانب الإدانات التى صدرت من المحكمة الجنائية الدولية والعدل الدولية ضد نتنياهو وعصابته، وقد أدى ذلك إلى زيادة المخاوف بين قطاعات كبيرة فى إسرائيل وعودة نصف مليون مهاجر يهودى إلى بلادهم بعد أن فقدوا الثقة فى حكومة تل أبيب العنصرية.
> الغضب الشعبى والمظاهرات فى الداخل ضد نتنياهو بسبب عدم توقيع اتفاق مع حماس من شأنه الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين إلى جانب خوف المعارضة من أن تؤدى سياسة نتنياهو إلى انقسام المجتمع الإسرائيلي، وانهيار السلام مما يهدد بقاء الدولة العبرية.
> الصحوة العربية والإسلامية والتأييد المطلق لمصر فى موقفها من ضرورة انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا.. هذه الصحوة مثلت رسالة مهمة لكل من يهمه أمن واستقرار الشرق الأوسط وسلام العالم.. سواء كانت أمريكا أو الصين أو الاتحاد الأوروبي.. وللحديث بقية.