سجل التّاريخ كثيراً من الحروب الّتى شهدها العالم استخدامًا لسياسات الأرض المحروقة ذات الآثار الكارثيّة على البيئة، إلّا أنّ أساليب الحرب الحديثة تعتبر أكثر ضررًا من كلّ ذلك، فتطوّر الأسلحة الكيميائيّة والأسلحة النوويّة جعل للنّزاعات المسلّحة آثارًا مستدامةً امتدّت لسنواتٍ طويلةٍ بعد وقف الأعمال القتاليّة.
لم يحدث على مدى تاريخ الإنسانية »الحديث والقديم« أن قامت دولة واحدة كاسرائيل بالقيام بكافة وجميع الأعمال الحربية التى تستهدف البيئة بشكل مباشر وبتعمد تدمير النظام الحيوى بشكل شبه كامل للمناطق التى تضربها. فالملفت للنظر أن كمية القنابل والقذائف التى استخدمتها اســرائيل فــى غــزة والضفــة ولبنــان منذ 7 أكتوبر 2023 حتى الآن تفوق تأثير العشرات من القنابل الذرية، وان كمية المواد المتفجرة التى سقطت على قطاع غزة وحده تقارب فى المستوى التدميرى 20 قنبلة نووية أمثال تلك التى سقطت على هيروشيما ونيجازاكى خلال الحرب العالمية الثانية عام 1945وهذا يشير إلى قوتها التدميرية فى القضاء على البنية التحتية ومدى خطورتها على الحالة البيئية. وتزداد جسامة الأمر بالنظر الى ما يثار بأن الصواريخ المستخدمة حاليا تطلق منها غازات دفيئة ومواد كيميائية مثل الألومينا، مما يساهم فى تلويث طبقة الستراتوسفير، وعلى المدى البعيد، قد يؤدى ذلك إلى تراكم هذه الملوثات وربما حتى تسبب تلفًا فى طبقة الأوزون.
أما بالنسبة للأسلحة التى تستخدمها إسرائيل فى ضرب غزة والضفة ولبنان وجولان والعراق وايران فمعظمها أسلحة محرمة وذات خطر إشعاعى وجميعها تحتوى على معادن ثقيلة ومواد مشعة تسبب تلوثاً إشعاعياً خفياً إضافة إلى ما يحدثه القصف من تلوث هوائى نتيجة انتشار الأغبرة والأتربة المحملة بالمواد السامة.
إن إسرائيل لا تتورع عن القيام بأعمال تخريبية متعمدة وجديدة لتدمير الإنسان والزراعة والمياه وغيرها من مقومات البيئة الأساسية حتى ليتأكد لنا أنهم يقتلعون أشجار الزيتون ولا يكتفون بحرق غصون الزيتون وسبل السلام.
وهنا لابد من التوقف طويلا عند التفكير الاسرائيلى بضخ مياه البحر فى أنفاق غزة لهدم الانفاق وللقضاء على حركة حماس. كما ان عدم اكتراث اسرائيل بحجم الضحايا الأبرياء من المدنيين بما فى ذلك الأطفال والنساء بالمسيرات وبالصواريخ وبتفجير الموبايلات ثم أجهزة البيجر بمنطق القضاء على «اعدائهم» من عناصرحما س فى غزة والضفة، وحزب الله فى لبنان وسوريا. حماية البيئة يستوجب وقوف المجتمع الدولى امام ممارسات اسرائيل التدميرية:
الحق فى البيئة معترف به كأحد حقوق الإنسان، وهذا الحق يجعل الحكومات هى المسئولة بشكل مباشر عن أيّ خلل يقع ضمن النطاق البيئي، ويعطى قوة نفاذ للقرارات القضائية. وقد اعتمد مجلس حقوق الإنسان قراره الأول بشأن حقوق الإنسان والبيئة فى 2011، وتنص دساتير155 دولة علي»حق المواطن فى بيئة نظيفة» ولكن لا تتوافر قوانين لكيفية حماية هذا الحق وتفعيله.
كما اعترف القانون الدولى المعاصر بأن الانتهاك الخطير لحقوق الانسان هو من الشأن الدولى الذى يستدعى التدخل الدولي.