استكمل اليوم الحديث عن الإستراتيحية الوطنية لتنمية الريف المصري، وأتحدث عن دور التعاونيات الزراعية وأهميتها فى تسويق منتجات الريف إلى المدن.
تعتبر القرى المصرية كنوزاً تضم تراثاً ثقافياً عريقاً وصناعات حرفية أصيلة ومنتجات زراعية عالية الجودة، ومع ذلك، تواجه هذه المنتجات تحديات كبيرة فى الوصول إلى الأسواق والوصول إلى المستهلكين، خاصة فى المدن الكبري، وتسويق هذه المنتجات يمثل خطوة حاسمة لتحقيق التنمية المستدامة فى الريف المصري، وتمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز الاقتصاد الوطني، ويساهم التسويق الفعال فى زيادة دخل الأسر القروية، مما يؤدى إلى تحسين مستوى المعيشة وتحفيز الإنتاج.
كما يساهم فى الحفاظ على الحرف والصناعات التقليدية، ويعمل على نقلها للأجيال القادمة، ويوفر فرص عمل جديدة فى مجالات الإنتاج والتسويق والتعبئة والتغليف، ويقلل من الاعتماد على الزراعة كمصدر دخل وحيد، مما يزيد من مرونة الاقتصاد القروي، وهذا يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة من خلال دعم الاقتصاد المحلي، والحفاظ على البيئة، وتحسين نوعية الحياة.
هناك تحديات تواجه تسويق منتجات القرى ومنها قلة الوعى التسويقى حيث يعانى الكثير من المنتجين فى القرى من نقص فى المعرفة بالأساليب الحديثة للتسويق والترويج لمنتجاتهم، وصعوبة الوصول إلى الأسواق المستهدفة، خاصة فى المدن الكبري، بسبب قلة المعلومات عن هذه المنتجات وقنوات التوزيع المحدودة. وقد تعانى بعض المنتجات من عدم التجانس فى الجودة، وضعف التعبئة والتغليف، مما يؤثر على سمعتها فى السوق.كما تواجه المنتجات القروية منافسة شديدة من المنتجات الصناعية والواردات. وهناك حلول لتعزيز تسويق منتجات القرى مثل بناء العلامات التجارية القروية وربطها بالهوية الثقافية للقرية، وإنشاء قنوات توزيع فعالة تربط بين المنتجين والمستهلكين، مثل الأسواق الشعبية، والمعارض، والمتاجر المتخصصة، والتسويق الإلكتروني.
ولابد من تقديم الدعم الفنى للمنتجين فى مجالات الجودة، والتعبئة والتغليف، والتسويق، وتوفير التمويل اللازم لتطوير الإنتاج، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعى و المنصات الإلكترونية للتسويق للمنتجات القروية، والوصول إلى شريحة أكبر من المستهلكين.
وتلعب التعاونيات والقطاع الخاص دوراً حاسماً فى تسويق منتجات القرى المصرية.. فالتعاونيات تعمل على تجميع منتجات الصغار وبيعها بأسعار تنافسية، وتوفر الدعم الفنى والتسويقى لأعضائها.. أما القطاع الخاص فيتمثل دوره فى الشركات الكبرى التى تشترى المنتجات من التعاونيات أو من المنتجين مباشرة لتوزيعها على نطاق أوسع.. والشراكة بين القطاعين العام والخاص والتعاونيات هى الحل الأمثل لتطوير تسويق المنتجات القروية، حيث يساهم كل طرف بقدراته وإمكاناته فى تحقيق هذا الهدف.. وهناك فوائد للشراكة منها زيادة الدخل القروى من خلال ضمان تسويق المنتجات بأسعار عادلة، والحفاظ على التراث الثقافى من خلال دعم الصناعات الحرفية التقليدية، وخلق فرص عمل فى مراحل الإنتاج والتسويق والتوزيع.
وهناك أمثلة ناجحة للتعاونيات الزراعية فى مصر، وعلى الرغم من التحديات التى تواجهها التعاونيات الزراعية فى مصر، إلا أن هناك العديد من الأمثلة الناجحة التى تستحق الذكر، والتى تثبت قدرة هذا النموذج على تحقيق التنمية المستدامة فى الريف المصري.
من أبرز هذه الأمثلة التعاونيات الزراعية المتخصصة فى إنتاج محصول معين مثل تعاونيات إنتاج الفراولة فى البحيرة، أو تعاونيات الزيتون فى الإسكندرية.. هذه التعاونيات تمكنت من تحقيق جودة عالية لمنتجاتها، والحصول على أسعار تنافسية فى الأسواق المحلية والدولية، وكذلك التعاونيات التى تنتج منتجات غذائية مصنعة مثل تعاونيات إنتاج العصائر والمربات والمخللات. هذه التعاونيات تمكنت من إضافة قيمة مضافة لمنتجاتها، وزيادة دخل المزارعين.
والتعاونيات التى تعمل فى مجال السياحة الزراعية مثل تعاونيات إنتاج العسل الطبيعي، أو تنظيم رحلات سياحية للمزارع.. هذه التعاونيات ساهمت فى تنويع مصادر الدخل، وتعريف المستهلكين بالمنتجات الزراعية المصرية الأصيلة.. إضافة إلى التعاونيات التى تطبق ممارسات زراعية مستدامة مثل الزراعة العضوية، أو استخدام تقنيات الرى الحديثة.. هذه التعاونيات تساهم فى الحفاظ على البيئة، وتحسين جودة المنتجات، وهناك عوامل ساهمت فى نجاح هذه التعاونيات ومنها التخطيط الجيد ووضع خطط عمل واضحة، وتحديد الأهداف الاستراتيجية.
وكذلك التدريب والتأهيل من خلال توفير التدريب اللازم لأعضاء التعاونية فى مجالات الإنتاج والتسويق والإدارة والحصول على التمويل اللازم لتطوير الإنتاج وتسويق المنتجات وبناء شراكات مع القطاع الخاص والحكومة والمؤسسات الدولية.. إضافة إلى وسائل التسويق الحديثة للترويج للمنتجات.
..وللحديث بقية