نشرت الصحف مؤخرا خبرا بالغ الخطورة وهو إعلان شريف فاروق وزير التموين والتجارة الخارجية عن استيراد 30 مليون بيضة لسد العجز فى هذه السلعة الإستراتيجية. وفى الحقيقة إن اهتمام الدولة بالمواطن المصرى وقيامها باستيراد البيض لسد العجز فى هذا الامر هو أمر بالغ الأهمية يأتى فى إطار اهتمام الدولة بالمواطن وتوفير كل السلع المطلوبة. لكن هذا الخبر يفتح بابا بالغ الأهمية وهو هل وصل بنا الأمر أن نستورد البيض؟. هذا السؤال يطرح نفسه بقوة لماذا نستورد مثل هذه السلعه الرئيسية فى حين أن بمقدورنا داخل البلاد الإنتاج الغزير منها .بل وتصدير الفائض بدلا من استهلاك العملات الأجنبية فى مثل هذه الأمور. وبالتالى بات أمرا بالغ الخطورة أن نستورد البيض والعدس والفول وهى من السلع الرئيسية الإستراتيجية التى يستخدمها المواطن المصرى فى حياته اليومية.
والإجابة عن هذا التساؤل البالغ الأهمية هو أننا فى مصر نمتلك كل المقومات لإنتاج هذه السلع الاستراتيجية من خلال أرضنا الزراعية. فقد كان فى السابق يطلق على مصر البلد الزراعى الأول على مستوى العالم. فما الذى حدث؟ للأسف أن هناك تراجعا شديدا وبالغا فى انتاج هذه السلع. واستيراد سلعة البيض تجعلنا نعود الى الخلف نجد أن المواطن المصرى وتحديدا الفلاحة المصرية كانت منتجة بشكل لا يتصوره عقل. والريف المصرى يتمتع بالكثير من المميزات التى تجعله يسد الاحتياجات الضرورية للمواطن، بل ومايزيد على ذلك يتم تصديره. لكن لماذا تم هذا التراجع وما هى أسبابه؟ .
دعنا نقول إنه بات من المهم جدا أن تضع الدولة استراتيجية وطنية لمثل هذه الأمور فالريف المصري، كانت السيدة المصريه تعمل وزيرة للتموين وتعمل فى اطار سد احتياجات أسرتها من كل هذه السلع. وتقوم بتربية الدواجن بشكل واضح وظاهر تستخدم منه ما يتعلق بالتناول بكميات البيض الكافية وأسد احتياجات المدينة. هذا الأمر يستدعى بالضرورة فتح ملف تحويل الريف المصرى إلى منتج بالدرجه الأولي. والأمر ليس صعبا أو عسير التنفيذ، فالحياة أصلا قائمة على فكرة والفكرة تحتاج إلى من يتبناها بشكل صحيح وينفذها بشكل أصح. وبالتالى لدينا فى ريف مصر الكثير من المقومات التى تجعله منتجا لكل السلع الأساسية والإستراتيجية التى تحتاجها البلاد. ومن بين هذه السلع إعادة تربية الدواجن، والاهتمام بتسمين المواشي. فقد كان كل فلاح مصرى نجد لديه جاموسة يتم حلبها ويتم استخدامها فى الحليب وصناعة الجبن و فى صناعات أخرى مثل الزبد والقشدة التى تحتاجها الأسرة المصرية. لكن للأسف الشديد حصل هناك تراجع شديد. فقد كانت الأسرة المصرية أو الفلاحة على وجه الخصوص تقوم بتربية الكتاكيت حتى تصبح دجاجات ويتم ذبح ما تحتاجه الأسرة منها، واستخدام البيض الذى تدره وكانت السيدة المصرية وزيرة للتموين والاقتصاد بشكل يفوق الخيال.
كذلك الأمر بالنسبة لباقى المحاصيل هذا الامر يستدعى بالضرورة أن يتحول الريف المصرى إلى منتج وهناك المقومات الشاملة والكاملة التى تجعله ينجح فى ذلك. والتجربة ليست جديدهدة لكن أن يصل الأمر بنا إلى استيراد البيض من الخارج فهذا أمر يجعل المرء يتحسر ويتألم وتصيبه الحسرة الشديدة بشكل محزن ومؤسف صحيح أن الدولة المصرية حريصة على توفير كل احتياجات المواطن، لكن لماذا لا يكون هناك الإهتمام الأكبر بالريف المصرى ليكون قبلة المدينة لسد احتياجاتها فى كل ما تحتاجه من منتجات مثل البيض والفول والعدس والزبد والجبن وخلافه. للأسف الشديد هناك تراجع شديد فى هذا الأمر مما دفع أن تكون الدولة مسئولة عن توفير هذه السلع واستيرادها بمبالغ باهظة من الخارج. هذه المبالغ التى تتكبدها الدولة تسبب أزمات خطيرة جدا.
الأمر فى نهاية المطاف هو أن أننا نحتاج إلى إستراتيجية وطنية لتنمية الريف المصرى وعقد جلسات حوار مجتمعى واسعة تدور حول تنفيذ هذه الإستراتيجية من أجل سد احتياجات مصر من كل السلع الأساسية والإستراتيجية التى تحتاجها البلاد ،بدلا من استيرادها من الخارج، لتوفير العملات الكثيرة التى تحتاجها الدولة فى ظل هذه التحديات الشديدة التى تحيط بالبلاد من كل حدب وصوب . وأعتقد أن تنفيذ هذه الإستراتيجية لتنمية الريف المصرى ليست صعبة التحقيق أو عسيرة، بل انها سهلة يسيرة. وقد كان كما قلنا من قبل أن الريف المصرى كان من أشد المنتجين لكل السلع الإستراتيجية ولم يكن فى يوم من الأيام نقوم باستيرادها. وقد يرد قائل بأن عدد السكان يزداد الآن بشكل كبير وواضح. وهذا مردود عليه فى كثير من الأمور بخلاف أهمية ضرورة خفض عدد المواليد بأى شكل من الأشكال ،إلا أن هذا لا يعد عائقا أبدا فى سبيل تنمية الريف المصرى وجعله قبلة لكل أهل المدن، لشراء كل احتياجاتهم من السلع الرئيسية. وأعتقد أن هذه الفكرة لو تم تطبيقها التطبيق الصحيح ستحقق نتائج إيجابية.
ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لدى القائمين والمسئولين على هذا الأمر فى تفعيل الإنتاج لدى الريف المصرى وهو ما سنتحدث عنه إن شاء الله فى مقالات قادمة من كل الجوانب وكل المحاور.
وللحديث بقية