> حققت مصر نمواً فى حركة السياحة فى الشهور الأولى من العام الحالى بنسبة 26٪ وهذا شيء مبشر.. أن تعود السياحة المصرية إلى النمو بنسب تفوق العشرين فى المائة.. وهى النسب التى كانت معتادة فى السنوات ما قبل أحداث يناير 2011.. وهى النسب أيضا التى اعتمدت عليها فى حساب تكلفة الفرص الضائعة على مصر.. من خلال ما مرت به مصر من أحداث بعد 2011.. يأتى على رأسها إرهاب الإخوان.. ونرجو ألا تطول أزمة إيران.. حتى لا تتأثر الحركة السياحية..
> وفى مقالى السابق أشرت الى أنى توصلت من خلال دراسة سابقة إلى أن خسائر السياحة فى خلال 12 عاما من عام 2011 إلى عام 2022 وصلت إلى خمسمائة واثنى عشر مليار دولار.. وكان ذلك دون احتساب الخسائر غير المباشرة التى فقدناها فى باقى جوانب الاقتصاد والعمالة نتيجة تأثر السياحة سلبيا بالأحداث من عام 2011 وما تلى ذلك من إرهاب الإخوان الذى استمر بعد ثورة 30 يونيو 2013..
> وأشرت كذلك إلى أن خسائر السياحة فى تقدير آخر جاء فى بحث لوزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع احد المراكز البحثية وصلت إلى مائتين وسبعة مليارات دولار وذلك عن الفترة من عام 2001 حتى عام 2018.. أى عن ثمانية عشر عاما..
> هناك فارق كبير بين الأرقام التى توصلت اليها عن 12 عاما.. والأرقام التى جاءت فى بحث التضامن الاجتماعى عن 18 عاما.. والمقارنة بين الرقمين هنا غير جائزة.. لاختلاف سنوات البحث فى الحالتين.. وان كان الفارق الكبير بين التقديرين يسترعى النظر.. والذى يصل الى 285 مليار دولار.. أى أكثر من مثلى قيمة تقديرات وزارة التضامن.. رغم زيادة الفترة الزمنية التى شملها بحث التضامن..
> ولكن ضخامة الخسائر التى تحققت فى الحالتين تشير إلى حجم الضرر الذى وقع على السياحة فى تلك السنوات.. وهو من ناحية أخرى يشير الى أننا كان مفروضا لو أن الأمور سارت طبيعية دون سلبيات الإرهاب أو أحداث الكورونا أو الحرب الروسية- الأوكرانية لكنا قد وصلنا فى عام 2022 إلى مائة مليون سائح ومائة مليون دولار دخلا سياحيا.. بشرط استمرار كل الظروف المهيئة والمساعدة على ذلك.. واستمرار نمو الطاقة الايوائية وطاقة النقل والقوى البشريه المدربة..
>>>
> والحديث عن الخسائر فى تلك السنوات هو أيضا حديث عن الفرص الضائعة.. فكل خسارة يقابلها فرصة ضائعة.. فاذا كنا قد خسرنا فى هذه الفترة موضع الدراسة (12 عاما).. كخسائر مباشرة للسياحة نفسها.. فأننا خسرنا أيضا معها تأثير مشاركة هذا المبلغ الضخم فى الاقتصاد القومي.. ثلاثة أضعاف هذا الرقم.. حيث يدور جنيه السياحة فى الاقتصاد ثلاث مرات ويحدث آثار هذه الدورات..
> وهذه الخسائر تشمل كل جوانب الاقتصاد وإلى جانب الصناعات والخدمات المرتبطة بالسياحة والتى تنمو بنموها.. وتتأثر سلبا بتأثرها سلبا.. هذا كله إلى جانب الخسائر فى فرص العمالة.. والتى يقدرون.. طبقا لمعدلات منظمة السياحة العالمية أن كل زيادة فى أعداد السائحين بمليون سائح توفر فرص عمل تقدر بمئتى ألف فرصة عمل..
>>>
الفرص الضائعة كثيرة.. وهذا كله يدفعنا جميعا إلى الحرص على صناعة السياحة ودعمها بكل أشكال الدعم.. والعمل فى اتجاه تشجيع التنمة السياحية بكل الوسائل.. لأن هذا هو الطريق الوحيد أو الأول لاستيعاب الزيادات المطلوبة فى الحركة السياحية.. وهذا بطبيعة الحال إلى جانب استكمال كل الجوانب المتصلة بالنقل بأنواعه والقوى البشرية اللازمة..
>>>
السياحة الصحية .. مصدر مهم للدخل القومي
> مصر تملك امكانات هائلة للسياحة الصحية.. كعشرات.. توفر فرصا ممتازة لعلاج العديد من الراغبين فى العلاج فى مصر.. والذين يقدرون السمعة الطيبة التى يتمتع بها الطبيب المصري..
> وكانت مصر دائما مقصدا للعلاج للكثير من الإخوة العرب من مختلف البلدان.. ولكن دولا كثيرة شقيقة وصديقة أصبحت تنافسنا.. درست جيدا ما نقدمه وكيف لا نحسن تقديمه.. وكيف أحيانا يسيء البعض جهلا أو طمعا أو استعجالا للربح الى سمعة العلاج فى مصر.. وهكذا استطاعوا سحب البساط من تحتنا.. أو على الأقل اجتذاب شريحة كان مقصدها الأول فى هذا الشأن مصر..
> ولكن مصر بدأت أخيرا تهتم بهذا الجانب.. وأصبحت هناك لجنة عليا للسياحة العلاجية يرأسها د.خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة.. وتم تكوين مجلس وطنى للسياحة الصحية.. وفى اجتماعه الأول نوقش مقترح وضع إستراتيجية وطنية للسياحة الصحية ووضع برامج وآليات توعوية تبرز أهمية السياحة الصحية، والترويج لها ووضع سياسات تسويقية لخدماتها..
> وإلى هذا كله جرت مناقشة لمقترح مهم لإنشاء منصة إلكترونية للسياحة الصحية ومعايير انضمام مقدمى الخدمات الصحية لهذه المنصة.. والمهم هو التدقيق فى هذه المعايير حتى نضمن جودة الخدمات وجديتها أيضا..
> وينبغى أن نشير إلى إمكانات السياحة الاستشفائية التى تمتلكها الكثير من الفنادق الكبرى فى مصر.. وهو ما كانت وزارة السياحة قد بدأت فى الترويج له منذ سنوات.. ولا شك ان هذا الجانب من السياحة الصحية سوف يكون موضع اهتمام المجلس الوطنى الجديد للسياحة الصحية.. إلى جانب العلاج بالمياه الكبريتية فى عيون كثيرة بمصر.. بعضها لم يستغل بعد رغم سنين طويلة من الحديث عن إقامة مشروعات حوله.. مثل حمام فرعون وحمام موسى فى جنوب سيناء.. هذا طبعا إلى جانب الاستشفاء برمال سيوة.. وبرمال أسوان.. باختصار إمكانات السياحة الصحية فى مصر عديدة ومبشرة.. ونتفاءل خيرا بوجود جهاز يهتم بها وبتنظيمها.